لم يعترض الرئيس بوش وهو يجلس في مكتبه بالبيت الأبيض علي المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس المنتخب باراك أوباما وحدد فيه فريق العمل الاقتصادي الذي سيعمل معه.. إن الرئيس بوش مازال حتي الآن هو رئيس أمريكا ولكن هذا لا يمنحه الحق في أن يعارض رئيسا منتخبا يضع أمام شعبه قائمة الأشخاص الذين اختارهم لمعاونته، وفي الوقت نفسه لم يتردد أوباما في أن يعلن أنه عارض سياسة الرئيس بوش في قضايا الضرائب وإنه يبحث عن 2،5 مليون فرصة عمل وإنه يعد بتخفيض الضرائب علي 95% من الشعب الأمريكي وليس 5% التي اهتم بها الرئيس بوش، هذه هي الديمقراطية الحقيقية رئيس يجلس في مكتبه يمارس اختصاصاته ورئيس آخر قادم يستعد للنزول إلي الملعب ومعه فريق عمل كامل، إن المأساة في العالم العربي أنه لا يوجد رئيس حي أو رئيس سابق أو حاكم ترك السلطة مختارا في حين أن في أمريكا رؤساء أحياء منهم كارتر وكلينتون وبوش الأب وحتي سنوات قليلة كان ريجان وفورد ونيكسون وبعد أسابيع قليلة سوف يخرج بوش الابن من السلطة ويبقي أربعة رؤساء حكموا أمريكا ومازالوا أحياء هم كارتر وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن، والشيء المؤكد أن الرئيس بوش الابن لا يستطيع أن يعترض علي قرار للرئيس المنتخب ولا يستطيع أن يرفض له طلبا خاصة أن الأمر يتعلق بأزمة دولية وكارثة اقتصادية ولكن التقاليد الديمقراطية تضع الحدود لكل شيء، لم ينس الصحفيون وهم يسألون باراك أوباما أن يسبق اسمه الرئيس المنتخب.. وليس الرئيس الفعلي لأن الرئيس الفعلي مازال يمارس اختصاصاته ومازال يحكم البلاد، هذه القيم الديمقراطية التي تحكم قرارات وسلوكيات المسئولين في الدول الكبري هي التي أعطت لهذه الدول المهابة لأن أمريكا لم تصبح دولة كبري بالأساطيل والدبابات والصواريخ فقط ولكن هناك مجموعة من القيم التي حددت العلاقة بين الحاكم والشعب بين حاكم في الأضواء وآخر ينتظر دوره فيها ولهذا السبب اختارت هذه الدول أن تحافظ علي إنجازاتها ومكاسبها.