هناك فرق كبير بين شاشات الفضائيات العربية وهي تنقل علي الهواء مباشرة اجتماعات القمة العربية وعلي الجانب الآخر تنقل احتفالات تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما. لم يكن الفرق في طبيعة الاحتفاليات فقط أو صور المشاركين أو ما تحمله الصور من المعاني.. كانت القمة العربية تحمل للناس حالة من الإحباط واليأس أمام خلافات وصراعات وهزائم.. كانت صور أطفال غزة والدمار الذي لحق بها تحيط بالقمة العربية من كل جانب. وكانت مظاهرات الشارع العربي والإحساس بالهوان أمام عجز عربي لا مثيل له.. كل هذه المشاعر اجتاحت الملايين علي الساحة العربية.. علي جانب آخر كان رئيس أمريكي جديد ومنتخب يتسلم السلطة من رئيس يرحل.. منذ عشرين عاما مضت لم يكن أوباما يتصور وهو يتخرج من كليته أنه سيصبح رئيسا لأكبر دولة في العالم.. ولم يكن والده حسين أوباما يتخيل أن يجلس في هذا الحفل وهو يحمل لقب والد رئيس أكبر دولة في العالم.. ولم تكن زوجته السمراء تتصور أن تدخل البيت الأبيض وهي تحمل لقب السيدة الأولي.. ولكن هذه هي الديمقراطية وهذه هي حقوق الإنسان. كان الفرق كبيرا جدا بين زعامات تختلف علي لا شيء. وبين شعب يستقبل رئيسا جديدا مع طوفان من الأحلام في مستقبل أفضل. لقد دفع الشعب الأمريكي ثمنا باهظا في سنوات حكم الرئيس بوش.. إنه الرئيس الأسوأ في التاريخ الأمريكي.. خرب الاقتصاد والسياسة وأفسد صورة أمريكا زعيمة العالم وكذب علي شعبه وكان سببا في خراب العالم كله.. ولم يستسلم الشعب الأمريكي لقدره مع بوش ولكنه أخرجه وأخرج حزبه من الساحة كلها ليعود ويؤكد أنه قادر علي التغيير.. وإنه يصلح ما أفسده الرئيس بوش. إن اختيار أوباما يحمل أكثر من رسالة.. إنه يعني وصول جيل جديد للسلطة.. ووداع لأشباح التفرقة العنصرية.. وتأكيد علي الرغبة في التغيير.. واصرار علي أن تبقي أمريكا القوة والزعامة والديمقراطية.. كل هذه المعاني حملها اختيار أوباما وحفل تنصيبه علي الشاشات بينما كانت القمة العربية عاجزة عن فض الاشتباك بين الزعماء العرب الذين اتفقوا علي ألا يتفقوا حتي ولو عقدوا ألاف المؤتمرات والقمم.