مملكة البحرين وفي خطوة جريئة، بل جريئة للغاية في مجتمع خليجي محافظ اتخذت قرارا بتعيين اول امرأة لتشغل منصب وزير للاعلام. والسيدة التي نالت هذا الشرف وهذه المسئولية هي الشيخة مي آل خليفة التي تنتمي الي العائلة الحاكمة والتي تعتبر شخصية ثقافية مثيرة للجدل، وسبق لها الدخول في مواجهات مع ثلاثة من وزراء الاعلام السابقين علي خلفية اصرارها علي الاستقلالية في ادارة القطاع الثقافي الذي كانت تقوده في وزارة الاعلام. وادي اصرارها علي "الحكم الذاتي" داخل وزارة الاعلام - الي استبعادها مؤقتا في عهد الوزير السابق جهاد بوكمال الا ان عودتها المفاجئة كوزير للثقافة والاعلام معا تمثل صفقة وضربة قوية لكل من عارضوها واختلفوا معها من قبل خاصة الوزير جهاد بوكمال الذي لم يكن اداؤه مرضيا رسميا او شعبيا، وله العذر في ذلك، فلم تكن له اي خلفية اعلامية قبل توليه منصب وزارة الاعلام الي جانب استعانته بعدد من المعاونين والقيادات الذين يفتقرون ايضا الي المهنية والخبرة الاعلامية الكافية. ولكن الطريق لن يكون مفروشا بالورد امام الوزيرة الجديدة، ولن يشفع لها كونها من العائلة الحاكمة من الدخول في مواجهات قد تكون مثيرة وحادة مع البرلمان البحريني. فالبرلمان الذي تسيطر عليه الجماعات الدينية الاصولية له سجل في الصدام مع الشيخة مي آل خليفة عندما كانت وكيلا للثقافة علي خلفية تنظيمها لمهرجان اطلق عليه اسم "ربيع الثقافة" وذلك لاستضافة المهرجان لبعض الفعاليات الفنية والتي رأت فيها الجمعيات الدينية خروجا علي الاخلاق والعادات والتقاليد كما ان الشيخة مي ذات الشخصية القوية ستواجه ايضا تحديا اكثر اهمية يتمثل في كيفية اعادة بناء وزارة الاعلام من الداخل، وهي الوزارة التي تمثل اهمية كبيرة في الحراك السياسي النشط الذي تشهده البحرين حاليا. فمنصب وزير الاعلام في الدول الخليجية قد يكون اكثر اهمية وتأثيرا من وزير الدفاع ومن وزراء اخرين في وزارات سيادية لان هذه الدول لن تدخل حربا وتتمتع بعلاقات طيبة مع الجميع ولا تواجه مشاكل او تحديات الا في الداخل وحيث يلعب الاعلام دورا اساسيا في تثبيت الصيغة السياسية وتحسين صورة الانظمة الحاكمة. ولكي تقوم الشيخة مي غدا بهذا الدور فإن عليها ان تقوم بجهد هائل لتطوير وتهيئة الكوادر البحرينية الاعلامية داخل الوزارة ومنحهم جرعة جديدة من الثقة لتحقيق هذا الهدف.. وهو امر بالغ الصعوبة يحتاج الي مدة زمنية طويلة للاعداد والتجهيز، والمشكلة في هذا ان احدا لن يصبر عليها لكي تفعل ذلك، فالناس تنتظر النتائج بمجرد التغيير، تماما كما ينتظرون ان يحقق اي فريق لكرة القدم الانتصارات في اليوم التالي لتغيير المدرب! والشيخة مي علي أية حال ستكون شخصية مثيرة للاهتمام والمتابعة في المرحلة القادمة.. وقد بدأت معجزاتها في الظهور بعودتها المظفرة وعليها ان تستثمر ذلك. [email protected]