تمر البورصة المصرية حاليا بظروف عصيبة للغاية فقدت على أثرها أكثر من 400 مليار جنيه من رأسمالها السوقى. ولم تكن هذه الظروف سببها خلل أو ظروف داخلية وإنما كان سببها الأزمة المالية العالمية التى عصفت بأقوى البورصات العالمية وكبدت المستثمرين فى مختلف أنحاء العالم خسائر فادحة ولكن ردود أفعال المستثمرين المبالغ فيها للغاية فى كثير من الأحيان يضاعف من حجم الخسائر التى يتكبدها المستثمرون إلا أن الحكمة والرشد فى اتخاذ القرارات الاستثمارية هو "طوق النجاة" الوحيد فى ظل هذه الأزمة وهو ما أكده محمود شعبان "رئيس مجلس إدارة شركة الجذور" للوساطة فى الأوراق المالية فى حواره ل "البورصة اليوم" مشيرا إلى أنه جار دراسة إنشاء صندوق استثمار بالتعاون مع مؤسسة مالية كويتية برأسمال 500 مليون جنيه بغرض الاستثمار فى السوق المصرى وبخاصة الأسهم بنسبة 70% وجار دراسة وبحث مدير للصندوق. كما أن الجذور اسست شركة للاستشارات المالية وجار اتخاذ الإجراءات اللازمة لبدء مزاولة النشاط وأكد أن الأزمة المالية العالمية بدأت بأمريكا ثم بريطانيا متوقعا أن يزداد الأمر سوءا فى الفترة المقبلة إلا أنه أكد أن الاقتصاد المصرى والبورصة سيكونان بمنأى عن الأزمة الحالية ولكن إذا ما تم اتخاذ بعض الإجراءات والتدابير الوقائية لحماية البورصة من نزيف الخسائر موضحا أنه من الممكن أن نستفيد بالأزمة الحالية ونحول سلبياتها إلى إيجابيات. وأضاف أن الضوابط الأخيرة الخاصة بأسهم الخزينة سيكون لها تأثيرات إيجابية كثيرة على السوق وعلى الشركات تحديدا ونصح بتوخى الحذر واتباع الأساليب الاستثمارية السليمة خاصة فى ظل الظروف العصيبة الحالية. وطالب الحكومة بضرورة الدخول فى استثمارات مباشرة فى البورصة من خلال إنشاء صناديق استثمارية بغرض ضخ السيولة الكافية كما طالب بضرورة تخفيض الضرائب، وأكد أن البورصة المصرية مازالت قادرة على استعادة توازنها وقوتها من جديد مشيرا إلى أن الأمور الداخلية مطمئنة للغاية خاصة فى ظل وجود شركات قوية استطاعت أن تحقق نتائج أعمال جيدة ولديها خطط مستقبلية وطموحات مبشرة وهو ما يؤهلها لاستعادة نشاطها. وأضاف أن هناك فرصة قوية للاستثمار المباشر خاصة بعد وصول أسعار الأسهم حاليا إلى مستويات جاذبة للغاية. وفما يلى نص الحوار. * ماذا يحدث بالبورصة المصرية؟ ومتى تنتهى موجة الهبوط؟ ** ما يحدث بالبورصة المصرية حاليا يحدث فى جميع بورصات العالم سواء البورصات الأوروبية أو الأمريكية أو العربية أو البورصات الأسيوية. إلا أن البورصة المصرية كان نصيبها من التراجع أكثر من مثيلاتها العربية والعالمية ولكن ردود أفعال المستثمرين وحالة الرعب والخوف تسببت كثيرا في مضاعفة حجم الخسائر. والحالة المتقلبة لبورصات العالم القت بظلالها السلبية على أداء البورصة المصرية بشكل غريب للغاية خاصة وأن الهبوط والتراجعات العنيفة التى شهدتها البورصة لم يكن متوقعا. وشهدت البورصات العالمية حالة من الاضطرابات والتوترات العنيفة بسبب الأزمة المالية العالمية التى هى فى الأصل أزمة أمريكية وكان من الطبيعى أن تتأثر اقتصادات العالم باعتبار أن الاقتصاد الأمريكى هو القائد للاقتصاد العالمى ومن ثم كان لابد من التأثيرات السلبية إلا أن التأثير على البورصة المصرية كان مبالغ فيه. ومن المتوقع أن تنتهى التأثيرات السلبية قريبا. * كيف بدأت الأزمة وهل البورصة المصرية قادرة على الصمود أمامها؟ ** استطاعت أمريكا بعد الحرب العالمية الأولى أن تفرض سيطرتها سياسيا واقتصاديا على العالم ونشبت صراعات فيما بينها وبين بريطانيا بسبب فرض الهيمنة حتى قامت الحرب العالمية الثانية وباعتبار أن أمريكا تتبنى نظرية ليبرالية نادت بفتح الأسواق على بعضها البعض بلا حواجز. وتبنى بوش منذ توليه الحكم استراتيجية "مجتمع التملك" مما سمح لمؤسسات مالية وبنوك أمريكية أن تقدم قروضا للشعب الأمريكى بدون ضمانات كافية مخالفا القوانين التى أقرها مؤتمر "بازل 2" وهو ما نتج عنه أن تخطى إنفاق الأمريكيين عن الدخل السنوى بما يوازى 800 مليار دولار ونتج عنه انحراف بالمؤسسات المالية الأمريكية وكان إيذانا بمراجعة "النظرية الرأسمالية" المطالبة بحرية السوق. ولكن لولا السياسات الاقتصادية التى انتهجتها المجموعة الاقتصادية فى مصر والتى حققت معدلات نمو جيدة وصلت إلى 5.7% فى العام المالى الأخير بالإضافة إلى الإصلاحات الهيكلية التى تمت بالقطاع المصرفى المصرى لكان الأمر اسوأ من ذلك بكثير. إلا أنه يمكن القول أن الاقتصاد المصرى قادر على مواجهة الأزمة المالية ولكن بشىء من التفكير. * وهل من المنطقى أن تتأثر البورصة إلى هذا الحد؟ وتمنى بخسائر فادحة رغم أن الأزمة أمريكية؟ ** ليس من المنطقى طبعا أن تمنى البورصة المصرية بخسائر فادحة إلى هذا الحد والدليل على ذلك أن الأزمة المالية صناعة أمريكية وبرغم ذلك إلا أن مؤشر "داو جونز" فقد نحو 36% فيما بلغت خسائر البورصة المصرية أكثر من 61% من قيمتها فى ظل الانهيارات الحادة وإفلاس الشركات والبنوك الأمريكية والمؤسسات المالية وبرغم أن الأزمة لم تخرج من مصر وهذا طبعا غير منطقى ولكن السبب فى ذلك هو ردود الأفعال المبالغ فيها من قبل المستثمرين ونقص الخبرة وسيطرة الأفراد على نسبة كبيرة من التعاملات مما ضاعف من الخسائر. كما أن السبب الرئيسى فى ذلك يرجع إلى وجود أسهم مصرية مدرجة ببورصة لندن وهى أسهم ذات أوزان نسبية ثقيلة بالمؤشر الرئىسى للبورصة case30.