أظهرت الأزمة المالية الحالية أن فقدان الثقة قد يؤدي إلي محق النظام المالي برمته. وأدي انهيار بنك الاستثمار الأمريكي ليمان براذرز وبيع مؤسسة ميريل لينش وإسراع الحكومة الأمريكية إلي إنقاذ مؤسسة آي إي جي إلي تبخر مئات المليارات من أسواق الأسهم بسبب زعزعة الثقة. كما أدت خطة الحكومة الأمريكية لشراء 80% من آي إي جي بمبلغ 85 مليار دولار وكذلك إلي المزيد من فقدان الثقة. وعللت الحكومة أنه كان يتعين عليها اتخاذ مثل هذه الخطوة غير المسبوقة خشية أن يؤدي إفلاس آي إي جي إلي أضرار لا يمكن التكهن بها للنظام المالي وللاقتصاد الأمريكي. وأدت خطة الإنقاذ هذه إلي تفاقم أزمة القروض العقارية في خضم العاصفة الحالية حيث لم تستطع البنوك المحتاجة الحصول علي أموال جديدة بينما أحجمت البنوك التي لديها وفرة في السيولة عن الإقراض بسبب خوفها من ارتفاع خسائرها. ويقول جاك ايجبرت شتورم مدير معهد الاقتصاد السويسري: يبدو علي السطح أن الأموال التي كانت في العادة متوافرة في الأسواق قد اختفت لكن في واقع الأمر تم الاحتفاظ بها. ومن أجل التغلب علي هذا الموقف قامت البنوك المركزية بضخ مئات المليارات من الدولارات في أسواق المال لدرء خطر أزمة قد تؤدي إلي إرباك الأنظمة المالية في العالم. ويقول مارسيل تيليانت المحلل بمصرف كريديت سويس إن هناك ما يمكن وصفه حاليا بالتمييز الصارخ فبعض البنوك تقوم بدفع معدلات فائدة كبيرة للحصول علي السيولة فيما لا تستطيع بعض البنوك الأخري الحصول عليها مطلقا، وهذه المشكلة لا أحد غير البنوك المركزية يستطيع حلها. وتعهد الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بتقديم 180 مليار دولار لتخفيف أزمة السيولة، وحذت حذوه البنوك المركزية الأخري وتعهد البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية في بريطانيا واليابان وسويسرا وكندا بضخ كميات كبيرة أخري بالعملة الأمريكية مما رفع إجمالي ما سيتم تقديمه للنظام المالي إلي أكثر من 300 مليار دولار، وهذا بالتالي يعني أن الأفرع التابعة للمؤسسات المالية الأمريكية سوف تستطيع الوصول إلي العملة الأمريكية في كل الأوقات. وبذلك فقد مثلت البنوك المركزية الملاذ الأخير للبنوك التي أرادت الاقتراض، في خطوة تهدف إلي حماية النظام المالي في وقت لم يستطع أحد القيام بهذه المهمة.