مرت الذكري السابعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 الخميس الماضي ومعها استدعت الوضع الذي آلت إليه المنطقة بعد عربدة أمريكا فيها تنفيذا لمشروعها في إحكام الطوق علي دولها والهيمنة عليها. بيد أن مارفعته أمريكا من شعار "الحرب علي الإرهاب" في أعقاب الكارثة لم يؤت ثماره. بل وظلت الهجمات التي تمت علي برجي التجارة مثار شكوك من قبل الكثيرين اعتمادا علي أن دوائر صهيونية أمريكية هي المنفذ لتلك الهجمات من أجل أن تتخذها ذريعة لاجتياح المنطقة ومن ثم أعقبتها باجتياح افغانستان في 7 أكتوبر سنة 2001 وتبع ذلك غزو العراق في 20 مارس سنة 2003. حرب صليبية...! وحتي الآن تظل الحقيقة طي الكتمان أو طي الخداع والتحريف لما أرادت إدارة بوش الإيهام به، ولاغرابة فمشروع أمريكا حدده "دوجلاس فايت" أحد صقور المحافظين الجدد وأحد كبار الاستراتيجيين في البنتاجون وقتئذ - عندما قال: "إذا لم تنجح الحرب علي الإرهاب في تغيير جوهري علي خريطة العالم السياسية فإن أمريكا عندئذ لن تكون قد حققت هدفها! ولا يخفي أن عملية تفجير برجي مركز التجارة الدولية سنة 2001 قد جاءت من أجل تشويه صورة الإسلام والمسلمين وبالتالي إعطاء الذريعه لاجتياح عالمنا الإسلامي من خلال حرب صليبية وفق تصنيف بوش لها. شكوك مثارة حول هجمات 11 سبتمبر.. حاولت أمريكا إيهام العالم بأنها رائدة للديمقراطية والحرية وقائدة لعالم الخير ضد محاور الشر فكانت هذه المؤامرة ليأتي بعدها تنفيذ المشروع. أي أن أمريكا خلقت الذريعة من أجل استغلالها لتمرير أجندات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية. وعليه لم تمر الكارثة مرور الكرام وانبري مراقبون يتحدثون عن أن جهات أخري هي التي قامت بتنفيذها كالموساد أو المخابرات الأمريكية من أجل استخدامها ذريعة لتنفيذ أهدافها في المنطقة بعد أن ألصقتها زورا وبهتانا بالقاعدة، وأن اعتراف بن لادن بأنه هو المنفذ لا يعني بأن القاعدة هي التي قامت بالعملية وإنما قد يعني بأنه تم توجيهه كي يدلي بذلك ليصب إيجابا في صالح أمريكا ولا غرابة ف"بن لادن" صنيعة أمريكية في الأساس منذ تبنيه وإعداده لمهمة إخراج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان. الحصاد المر... واليوم تجني أمريكا الحصاد المر لسياستها وفلسفة تدخلها واستعمارها الجديد ومحاولة فرض نفسها كشرطي العالم. انقلب السحر علي الساحر. فشلت استراتيجية المخطط الأمريكي لما يسمي بدحر الإرهاب ولا أدل علي ذلك من أن أسامة بن لادن الذي اتهمته بأنه الرأس المدبر للهجمات مازال موجودا ولم يمس، ومازالت أفغانستان تربة خصبة تزداد فيها القاعدة قوة وشعبية ورسوخا. كما أن طالبان باتت أقوي مما كانت عليه في سنة 2001، ورغم ذلك تمضي أمريكا في نهجها الإجرامي لتعربد يوميا علي الحدود الأفغانية الباكستانية، تمارس القصف وتقتل المدنيين. ويكفي الضحايا الذين سقطوا من جراء الغارات الجوية التي تشنها علي منطقة وزيرستان...! وإذا كانت أحداث 11 سبتمبر سنة 2001 قد غيرت وجه العالم من خلال حملات الغزو الأمريكي لدول إسلامية وعربية إلا أن الحروب تقاس دوما بنتائجها وهناك شبه إجماع علي المستوي الدولي بفشل أمريكا الذريع في مهمتها، فالإرهاب لم يتم القضاء عليه وإنما علي العكس ازداد حدة. والقاعدة لم تستأصل بل ازدادت قوة وباتت لها فروعها وامتداداتها في كثير من دول العالم. أي أن الهدف بات معكوسا بالنسبة لأمريكا ولم تحقق ماكانت تتطلع إليه. الإرهاب ومشروع القرن الأمريكي.. أمريكا ضاجعت الشيطان عندما شنت حربا علي العراق فخلطت بذلك بين مشروع القرن الأمريكي الجديد الذي خططت له منذ 1997 من أجل الهيمنة علي العالم وبين الحرب علي الإرهاب. ووجدت أمامها الفرصة سانحة مع هجمات 11سبتمبر سنة 2001 كي تتخذها ذريعة لبدء تنفيذ مخططاتها الدنيئة ومن ثم شرعت في اجتياح الدول وأطلقت لنفسها العنان في الإبادة والتدمير والسلب والنهب وترسيخ الطائفية بهدف تقسيم المقسم وتفتيت الدول إلي كيانات مجزأة. وانساقت أمريكا وراء مطامعها فكان أن غلبت عليها العشوائية في التقدير والحسابات ولهذا أوقعت نفسها في مستنقع مزدوج لا تستطيع الخروج منه حتي الآن. وهو المستنقع الذي كبدها الكثير من الخسائر البشرية والمالية.