إذا كان هذا الحال بالنسبة للقتل الخطأ والذي طالب خبراء القانون ضرورة تعديل المادة 238 الخاصة بهذا الشأن.. فإن الأمر لم يختلف كثيرا بالنسبة للتعويضات ومطالبة مراكز حقوق الإنسان بمضاعفة قيمة التعويض ليناسب كرامة المواطن وكذلك الاسراع في صرف هذه التعويضات. في تقديري حسبما قال ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاة والمحاماة فإن قضية التعويضات التي تصرف لأسر الضحايا للأسف الشديد أمر متروك للمحكمة التي تتعامل معها وفقا للتقدير حيث يقرر القضاة قيمة التعويض وهناك أسس تتعلق بالقاضي نفسه يتقرر عليها التعويض سواء فيما يرتبط بالضرر النفسي أو المادي. ولكن للأسف فالكوارث التي وقعت طوال السنوات الماضية أوضحت تدني سعر الإنسان المصري إذا ما قورن بما يحصل عليه المتضررون في مثل هذه الحوادث بدول العالم المتقدمة. وقال لعلنا نتذكر ما حدث مع ضحايا العبارة سلام اكسبريس الذين لم يصرفوا شيئا مما اضطرهم إلي رفع دعاوي قضائية ضد مالك العبارة ورغم مرور أكثر من 15 عاما لم تقم العديد من الأسر بصرفها. وتابع ان القيمة التي يتم صرفها للمتضررين لا تتجاوز ال20 ألف جنيه وهذا كارثة ومهزلة في حق المواطن حيث إن كل التجارب في الحوادث تشير إلي قيام الحكومة بصرف ألفي جنيه للمصاب و5 آلاف للمتوفي وهذه مبالغ مرفوضة تماما. ولكن ماذا نفعل حسب قوله وهذه هي الفلسفة السائدة لدينا في قضايا التعويض فالحبس غير وجوبي والتعويضات ضئيلة هذا بالإضافة إلي الوقت الطويل الذي يتم استغراقه لصرف التعويضات. فالمادة 163 من القانون المدني تشير الي ان كل خطأ يسبب ضررا للغير يلتزم مرتكبه بالتعويض ولكن لم يحدد القانون قيمة التعويض وحق الأسرة التي تفقد عائلها الوحيد كما انه لم تشر هذه القوانين من قريب أو بعيد للحد الزدني أو الأقصي للتعويض وهذا أمر لابد من وضعه في الاعتبار واقراره. فليس من المعقول كما قال ان يتم صرف تعويضات للمتضررين بالعملة المحلية فيما يحصل المتضررون بالدول الأخري بالعملة العالمية فهناك فرق في قوة العملتين وبالتالي من الظلم الصرف علي أساس العملة المحلية. سعره رخيص "المصري سعره رخيص" هكذا علق محمد زارع مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي علي التعويضات التي يحصل عليها المتضررون من الكوارث. وقال إن الدولة دائما تتعامل مع تعويضات المتضررين من الكوارث بمبدأ التقدير المتدني وهذا غير مقبول في العديد من الدول الأوروبية والمتقدمة فإصابة أو وفاة إنسان بتلك الدول يتم تعويضه بملايين الجنيهات. المشكلة لدينا طبقا لقوله ان القضاة ينظرون للأوضاع الاقتصادية التي تسود الدولة وما تواجه من توفير موارد ونفقات لسد الاحتياجات في المرتبة الأولي. وبالتالي يكون التقدير علي هذا الأساس فكثير من التعويضات ومنها قضايا التعذيب لم يحصل المتضررون سوي علي تعويضات لم تتجاوز ال500 جنيه وهذا في حد ذاته كارثة.. لذا فالمطلوب هنا تشريع جديد للتعويضات خاصة أن التعويض لا يصدر إلا بعد صدور الحكم "باتا" أي الحكم الذي لا يقبل النقض، كما انه وفقا لتحليله من الظلم ان تكون مسئولية التعويض تضامنية أي بين المتسبب في الكارثة والذي وراء حدوثها نتيجة الإهمال والقائد للآلة التي شهدت هذه الكارثة. التأمين دول العالم تنفذ فكرة التأمين حسب تعبير حافظ أبوسعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان إلا أنه لدينا مازال متأخرا ولا يتم هذا إلا في مجال تأمين المسئولية عن السيارات ولم تصل الفكرة إلي باقي القطاعات لذا فالأمر يحتاج إلي إعادة نظر. وأضاف انه من غير المقبول ان تصرف التعويضات طبقا للمستوي المعيشي للفرد فهذا ظلم واضح إذا ما قورن بما يحصله عليه المتضرر بالخارج ونحن نحتاج إلي تطوير التشريعات علي جميع المسارات الخاصة بالإنسان وحقوقه خاصة إذا ما تم النظر إلي الدية المحددة في هذا الشأن بمبلغ 120 ألف جنيه. وحسبما ذكر منتصر الزيات محامي ضحايا العبارة "السلام 98" فإن كل شيء أصبح مقبولا سواء فيما يتعلق بالقتل الخطأ أو التعويضات طالما ماتت الضمائر.. فالقوانين في كل دول العالم يتم تنفيذها إلا عندنا.. وهنا المأساة.