فجأة وبعد سنوات من النسيان تذكرت الحكومة الوضع المتردي في شركات الصناعات الغذائية، ونوبة الصحيان التي جاءت متاخرة كانت بسبب الغليان الذي يعيشه العالم بسبب نقص الغذاء وارتفاع أسعاره لمستويات جنونية. منذ 15 يوماً تقدمت لجنة الصناعة والطاقة بمذكرة لوزير الاستثمار تحمل 21 توصية لانقاذ قطاع الصناعات الغذائية وشركاته التي تصل إلي نحو 23 شركة، مابين شركات تتعلق بصناعة السكر، والألبان، والزيوت، والمطاحن، والنشا، والأسماك. إذا كانت هذه التوصيات والتي صدق عليها مجلس الشعب تنصح باستخدام معايير جديدة لتقييم الأداء، وضخ استثمارات جديدة، فإن الرؤية مازالت غامضة في القابضة الغذائية.. ففي الوقت الذي ينفي فيه رئيس القابضة وجود أي مخطط للتخلي عن حصصه في الشركات التابعة إلا أنه منذ شهور طويلة وحتي 28 مايو الماضي شهدت مبيعات الشركة القابضة في شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا نحو 823.4 ألف سهم تمثل 11% من أسهم الشركة البالغة 7.5 مليون سهم لتتراجع حصة القابضة إلي 28%، ويرتفع التداول الحر إلي 62% كما أن الشركة باعت نحو 1.74 مليون سهم في شركة مطاحن مصر الوسطي في أشهر قليلة التي تمثل حوالي 7.5% من أسهمها البالغة 14.7 مليون سهم، وفي مطاحن ومخابز شمال القاهرة فقد وصلت المبيعات 1.789 مليون سهم تمثل 10.5% من اجمالي أسهم الشركة البالغة نحو 10.7 مليون سهم، وفي مطاحن مصر العليا تجاوزت المبيعات 180 ألف سهم، ومطاحن جنوبالقاهرة والجيزة وصلت إلي 165 ألف سهم، والتي بررها رئيس الشركة بأن البيع لدعم استثمارات القابضة في الشركات التابعة. وبين تناقضات تصريحات رئيس الشركة القابضة وتوصيات لجنة الصناعة والطاقة، جاءت تصريحات رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة تشير إلي إعادة هيكلة صناعة الغذاء، والتي تستهدف زيادة الاستثمارات في المجال الزراعي علي 4 مليارات جنيه في الوقت الحالي إلي 25 مليارا علي مدي 5 سنوات. ووسط هذا وذاك يبقي السؤال كيف ستكون عملية التطوير والنهوض بهذه الشركات للحد من الفجوة الغذائية، وارتفاع أسعار الغذاء محليا وعالميا؟ وإذا كان الخبراء يعتبرون تصريحات الحكومة مجرد تصريحات استهلاكية، إلا أنهم يضعون أسسا ومعايير لعملية التطوير سواء علي مستوي الشركات أو علي المواد الخام. تحديات متعددة "لدينا تحديات عديدة في الأرض وكميات المياه، وعلينا العمل علي معالجتها قبل البدء في عمليات إعادة الهيكلة أو التطوير"، بهذا بدأ أيمن قره رئيس شركة القاهرة للزيوت والصابون . وقال إن "الارتفاعات الجنونية التي شهدتها أسعار الغذاء عالميا تتطلب سرعة إعادة تقييم قيمة الغذاء وأسعاره، وبالتالي البحث عن السبل التي تؤدي إلي تطوير خاماته، ومستلزماته الانتاجية التي تحقق الاكتفاء الذاتي أولاً ثم بعدها نفكر في الانتقال إلي مرحلة التصدير". والأمر لا يتوقف علي إعادة هيكلة الشركات باستحداث معدات جديدة فقط وإنما لابد من إعادة النظر في المساحات الصحراوية الشاسعة التي قد تحقق في حالة استغلالها، وتوفير ما يتم احتياجه من مستلزمات ومادة خام متمثلة في بعض المحاصيل الزراعية والحبوب". وسأل قره قائلا: "كيف نمتلك أكثر من مصدر للمياه ولا نقوم بزراعات ذات قيمة عالية، في حين أن هناك بعض الدول تعتمد علي مصدر واحد متمثل في الأمطار، ورغم ذلك تحقق اكتفاء ذاتيا". وبذلك علي حد قوله فإن تطوير شركات الصناعات الغذائية وفي مقدمتها قطاع المطاحن الذي يواجه العديد من التحديات بسبب الفاقد من الحبوب في عملية النقل من وإلي المطاحن، وهو الأمر الذي يتطلب لمعالجته السماح للشركات المختلفة بالاستثمار في قطاع الصوامع والتخزين، لأن أسناد مثل ذلك لشركات خاصة يقلل الفاقد لاعتمادها علي أدوات تكنولوجية حديثة.