وسط حالة من الترقب المشوب بالحذر يتطلع الشارع المصري الي تداعيات ماراثون اسعار برميل البترول والذي قفز في سابقة هي الاولي في تاريخه الي 109 دولارات في صورة تجدد المخاوف من تكرار ازمة الثمانينيات من القرن الماضي... ووسط تباين في اراء لخبراء حول الاثار المتوقعة.. تبقي البورصة هي الاقرب الي التفاؤل بجذب واستقطاب المزيد من الاستثمارات وفوائض البترول التي ستضخها دول الخليج خلال النصف الثاني من العام الحالي وفقا لتوقعات المحللين والخبراء ولا سيما في قطاع العقارات علي غرار ما حدث في 2007 بعد فترة الارتفاع في اسعار البترول والذي كسر خلالها حاجز ال80 دولارا للبرميل. نمو الطلب من جانبه يؤكد د. عمرو رضو ان الباحث في أسواق المال في جامعة القاهرة ان العلاقة بين ارتفاع اسعار البترول وبين نمو الاقتصاد لم يعد ينظر اليها كما كان في الاوقات السابقة فالمتتبع لمسلسل ارتفاع أسعار البترول خلال الاعوام الماضية وبالتحديد بداية من عام 2004 عندما ارتفعت اسعار البترول الي مستويات قياسية "اكثر من 40 دولارا للبرميل" كان هناك تخوف يصل الي درجة الاعتقاد بان الاقتصاد العالمي سيتضرر من هذا الارتفاع بحيث سيشهد تباطؤا في نموه، والذي بدوره يؤثر في الطلب علي البترول. الا ان الذي حدث هو العكس فقد شهد عام 2004 اعلي معدلات من النمو الاقتصادي في تاريخ العالم والذي وصل الي حدود 4% وشهد الطلب علي البترول اعلي نمو له، اذ وصلت الزيادة في الطلب الي حدود 8.2 مليون برميل يوميا. وفي العام التالي ،2005 ارتفعت اسعار البترول مرة اخري لتصل الي حدود 70 دولارا للبرميل في بعض الشهور،مما زاد الخوف من تأثير ذلك علي الاقتصاد العالمي. الا ان الاقتصاد العالمي لم يشهد اي تباطؤ يذكر، حيث سجل نموا بلغ 2.7% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية و3.6% في الولاياتالمتحدة. كما ان الطلب علي البترول استمر في الارتفاعر لتصل الزيادة علي الطلب الي حدود 1.2 مليون برميل يوميا في عام 2005 وصدرت دراسات وتقارير كثيرة تناولت المرونة التي تجاوب بها الاقتصاد العالمي مع ما يعتبر صدمة ارتفاع اسعار البترول، وما تطرحه من تساؤل عما اذا كانت الاسعار فد فقدت تأثيرها المعهود علي الاقتصاد العالمي ونموه واجمعت هذه الدراسات، في معظمها، علي عدد من العوامل الرئيسية التي تميز العلاقة الحالية بين اسعار البترول ونمو الاقتصاد العالمي.. فقد انخفض الاعتماد علي البترول في الدول الصناعية الرئيسية مثل الولاياتالمتحدة علي سبيل المثال في السنوات الاخيرة كمدخل رئيسي للطاقة عما هو الحال خلال ازمتي ارتفاع اسعار البترول في السبعينيات والثمانينيات. وتشير التقديرات الي ان الدول المتقدمة حاليا تستخدم نصف كمية البترول لكل دولار حقيقي من مجمل الناتج الوطني مقارنة بفترتي السبعينيات والثمانينيات، ترتب عليه انخفاض تأثير ازدياد اسعار البترول علي كل من النمو الاقتصادي ومعدل التضخم.. وبالتالي فان تباطؤ النمو الاقتصادي عند ارتفاع اسعار البترول ينتج عن تعطل مؤقت لرأس المال والثروة الانتاجية من منشآت وموارد بشرية توظف لعمليات الانتاج وعندما يقل اعتماد الدول الصناعية الرئيسية علي البترول كعنصر في متطلبات عملية الانتاج، وينحصر استخدامه كمادة استهلاكية "مثل زيت الوقود وزيت التدفئة" فينحسر بالتالي "اي يصبح اقل من المتوقع" تأثير ارتفاع الاسعار في اقتصاد تلك البلدان كذلك الحال اذا تناولنا دول اوروبا الغربية والتي تعتبر من اهم المناطق المستهلكة للبترول "اكثر من 14 مليون برميل يوميا" فلم تشهد الارتفاع نفسه الذي طرأ علي اسعار البترول مقارنة بمناطق اخري في العالم وذلك نظرا لانخفاض قيمة الدولار بالنسبة لليورو خلال العامين الماضيين، ونظرا كذلك لاسعار المنتجات البترولية التي يدفعها المستهلك النهائي نتيجة للضرائب والتي تصل في بعض الدول الي 70% من قيمة تلك المنتجات. وخلاصة القول ان الارتفاع الحالي لاسعار البترول يتعلق بنمو الطلب عليه وليس بنقص في الامدادات كما كان الحال خلال السبعينات والثمانينات. اضاف انه فيما يخص المخاوف التي تنتاب الاقتصاد المصري في الوقت الحالي من جراء توقعات بارتفاعات في الاسعار الذي من المتوقع ان يضرب قطاعات كبيرة تبقي البورصة اكثر استعدادا لاستقبال فوائض التداول من دول الخليج خلال الشهور القادمة والتي ستؤدي بدورها الي حدوث نمو في البورصة وفي قطاعات مثل القطاع العقاري والذي من المتوقع ان يواصل نموه.