العثور علي غذاء صحي وآمن أصبح من المعجزات في ظل غياب الضمير وبعد أن بدأت معدة المصريين ترفض أن تهضم الزلط لكثرة ما تحملته علي مدار التاريخ. كما أن الأبحاث الأخيرة أكدت أن سبب انتشار الأمراض القاتلة والمعدية والنادرة في دول العالم الثالث هي الاطعمة المغشوشة والمخلوطة بمواد كيماوية والتي زادت كميتها. وأيضا الاطعمة الملوثة والتي يتم صنعها بطرق بدائية تفتقر لأبسط القواعد الصحية والغذائية التي يجب توافرها اضافة إلي الأغذية التي تحتوي علي متبقيات المبيدات أو المعاملة هرمونيا لضمان سرعة نضوجها وكبر حجمها والأغذية التي لا تصلح للاستهلاك الآدمي التي تصدرها الدول المتقدمة إلي دول العالم الثالث بعد أن تكون قد فقدت صلاحيتها أو رفض الترخيص بتداولها لعدم توافر الأمان الصحي بها ويطبق علي القائمين عليها عقوبات رادعة في الدول المتقدمة ولكن لعدم وجود نصوص قانونية رادعة في الدول الفقيرة أصبحت هذه الدول بمثابة مستودع لدفن النفايات الغذائية ولكن في بطون شعوبها كل هذه السلبيات رغم وجود 16 جهة رقابية تشرف علي سلامة الغذاء غير أن الجهات الكثيرة لا تقوم بدورها كما يجب أن تكون ومن هنا جاءت فكرة إنشاء هيئة قومية لسلامة الغذاء لضبط سوق الغذاء وازالة العشوائيات التي تحكمه. برزت فكرة إنشاء الهيئة عام 1995 ولكن لم يكتب لها النجاح وهناك نحو 30% من الغذاء المتداول في البلاد لا يصلح ويطرح في الاسواق بطرق غير مشروعة دون رقابة. وتهدف الهيئة إلي الحد من الغذاء غير الآمن والذي يدخل البلاد بصورة غير مشروعة في ظل غياب رقابة حقيقية علي الاسواق ولكن هناك تخوفا من أن تصبح هيئة الغذاء الجديدة رهنا للبيروقراطية كما هو الحال في هيئات سابقة نزعت عنها القرارات التنفيذية وبقيت حبراً علي ورق بعد سيطرة ما يسمي ب"حيتان الغذاء" علي مقاليد السوق. صحة المواطن يوضح سيد أبو القمصان "مستشار وزير التجارة والصناعة" أن إنشاء هيئة قومية لسلامة الغذاء ليس اختراعا مصريا وإنما هو رغبة الجهات المسئولة في اللحاق بالركب العالمي بإنشاء هيئة قومية تحافظ علي صحة المواطنين مضيفا إلي أن هناك 16 جهة رقابية تقوم بالتفتيش علي السلع الغذائية ولكن الحقيقة ومن واقع الأمر لا توجد رقابة حيث إنها هيئات غير فعالة الأمر الذي أدي إلي زيادة العشوائية في هذا القطاع ومن ثم جاءت الحاجة إلي إنشاء جهاز قوي يتم إنشاؤه علي أسس موضوعية بحيث يكون الجهة الوحيدة المنوط إليها مراقبة الغذاء وذلك لضمان رقابة فعالة وليست رقابة شكلية. أشار إلي أن مهمة الهيئة تتضمن حماية صحة المستهلكين ومصالحهم وذلك لضمان تحقيق أعلي المعايير لسلامة وصحة الطعام الذي يتم استهلاكه أو توزيعه أو تسويقه أو إنتاجه محليا وهذا بهدف ضمان توافر السلامة في مصادر الغذاء عبر سلسلة إنتاج الغذاء بكاملها ويشمل هذا جميع مراحل الإنتاج بمافي ذلك الغذاء المستورد مشيرا إلي وجود أثار ايجابية عديدة سوف تترتب علي إنشاء هذه الهيئة أهمها تحسن الصحة العامة لدي جميع شرائح المجتمع بالاضافة إلي حدوث تحسينات اقتصادية عبر سلسلة الغذاء بكاملها إلي جانب انخفاض معدلات رفض الصادرات من الأغذية. قال إن طول فترة اعداد والمشروع لا يعني أنها ستظل حبرا علي ورق حيث إن المشروع بهدف إلي نقل فكر جديد ومن ثم يحتاج الأمر إلي وقت وجهد طويل خاصة وأن المشروع قد ظل فكرة لمدة عام ونصف العام والتحرك الفعلي قد بدأ منذ شهرين فقط ولكن الفترة القادمة سوف تشهد تحول الفكرة إلي واقع ملموس. تضارب القرارات ويشير د.محمود عيسي "رئيس هيئة المواصفات والجودة" إلي أن إنشاء هيئة مستقلة لضمان سلامة الغذاء هو الحل الأمثل الذي قد يضمن القضاء علي الاختلافات بين قرارات الجهات المعنية بسلامة الغذاء وما أكثرها حيث إن الهيئة الجديدة سوف يوكل إليها مسئولية اصدار اللوائح التنظيمية وما أكثرها والقرارات الفنية منوها إلي أن إنشاء هيئة جديدة بتلك المواصفات لا يعني من قريب أو بعيد الحصول علي جزء من اختصاصات هيئة المواصفات والجودة لأنها الجهة الوحيدة المخول لها بحكم القانون اصدار المواصفات القياسية للسلع والمنتجات في جميع التخصصات بما فيها مواصفات الغذاء. يوضح محمود عيسي أن قطاع الصناعات الغذائية يعتبر قطاعا واعدا ورفض الاسواق الخارجية لبعض السلع أمر وارد تتعرض له معظم دول العالم والدليل زيادة صادرات مصر من السلع الغذائية بنسبة 40% عن العام الماضي. يؤكد المهندس صفوان ثابت عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية أن حلم إنشاء هيئة قومية لسلامة الغذاء قد أصبح حقيقة فالفكرة أصبحت قريبة من الواقع والمؤشرات الدالة علي هذا كثيرة حيث العمل الدائم في جميع الهيئات المعنية لتحويل الفكرة إلي واقع ملموس في أقرب وقت ممكن.