نحن لا نبلع الزلط إلا للحكومة الذكية فقط بل نمضغه ومن أجل عينيك عشقت الهوي لكن هذا الزلط سوف تهضمه المعدة والأمعاء المتوسطة والغليظة في بطون المصريين جميعا وبطون آبائهم وأمهاتهم وجميع عوائلهم علي رأي أهل العراق آخر الكلام في مسلسل بلع الزلط هو مضغ لحوم مستوردة ومجمدة تحتوي علي نوع مفتخر من الديدان التي ترونها بالعين المجردة وهذا تطوير في علوم الاستيراد!! قبلها بأسابيع وصلت بل دخلت شحنات من القمح تحتوي علي حشرات محنطة تمكن المختصون من حساب معدلات وجودها في الجرام ومضاعفاته ثم «حلوة ثم هذه» طالبوا بتقليل تلك النسبة كي تعبر بوابات الجمارك ولا أدري تحديداً ما حدث عندما عادت تلك الشحنات إلي دولة المنشأ عبر بواخر الشحن كما قال الشاعر «طالعة من بيت أبوها داخلة بيت أهل مصر»!! والمسلسلات ليس في شهر رمضان فقط ولا في أعوام المحط والشحط والقحط ولكن لها معنا تاريخ طويل يفوق تاريخ المماليك وعصر أوراك الطيور المجهولة النسب وعهد علب اللحوم المخصصة لذوي الأنياب والمخالب وتطورت الأمور إلي اللحوم والحبوب المشعة أو المخلوطة بالطمي الاسترالي وبعدها الزلط الأمريكي ومازالت حلقات المسلسل جارية مع تنويعات علي جميع الأغذية التي تعبر باب المندب في طريقها إلي باب زويلة عبر جمرك السويس وأحيانا تعبر مضيق الدردنيل إلي باب الكراستة في جمرك الإسكندرية أو رصيف نمرة واحد في جمرك بورسعيد ولم يبق إلا معبر السلوم أو معبر رفح لعبور المشاة من المستوردين غير الصالحين للتعامل مع شعب مصر الغلبان الذي لم يسافر من محل ميلاده إلا إلي موطن وفاته متأثراً بما يحمله من الأمراض والآفات نتيجة تناوله المأكولات التي تمر من خلال بوابات الدولة إلي بلعومه دون فحص استناداً إلي انعدام الذمة والضمير لدي المستوردين والفاحصين وحاملي أختام النسر في الوزارات المعنية بالتغذية والزراعة والصحة وأعضاء اللجان المتعددة وكل الجهات التي يرد ذكرها عند وقوع الواقعة أمام السيد الفاضل النائب العام بعد تلقيه ما يفيد بارتكاب فعل فاضح في رسائل قمع أو ذرة أو سكر أو لحوم أو أسماك أو معلبات أو مجمدات!! ومن الافتاكسات المهنية الجديدة إرسال البعثات الغذائية والبيطرية إلي دول المنشأ كي يتم فحص رسائل الحبوب واللحوم وما يلزم وذلك قبل التعبئة والتغليف هناك والشحن والتفريغ إلي هنا؟! حدث هذا مع القمح الاسترالي ومع البهائم الصومالية والهندية والشيلية والعجول الأرجنتينية، تخيل سفر لجنة تتكون من السيد وكيل الوزارة لشئون المواشي ورئيس الإدارة المركزية للحم الأحمر ومدير عام المجازر للكندوز والشمبري وبعدها لجنة أخري للقمح الأحمر ولجنة مختصة للشعير الخام وأخري للعلف الصيفي أو الربيعي سيان ولا تقل إن هذا إسراف حكومي لأن بعضاً من تلك اللجان يسافر علي نفقة المستوردين أو المصدرين بل ومنهم حاملو الأختام الملكية لختم الذبائح علي الطريقة الإسلامية بصوت المرحوم الشيخ الحصري؟!. نحن لا نبلع الزلط ولكن أمعاءنا تتحمل ما لا تتحمله معدة الحيوانات الأليفة التي تعيش في منتجعات الهرم والمقطم أو في قري الساحل الشمالي حيث يأتيها الطعام معلبا أو مغلفا من دول الاتحاد الأوروبي ومعه جميع الضمانات التي تكفل الصلاحية للكل قبل الأكل وبعده لكي يقتنع القارئ عليه زيارة أي من المولات الحديثة ويسأل عن قسم أغذية «البتس» أي الحيوانات الأليفة باللغة الإنجليزية كي يساعدك البائع في الوصول فتري صور القطط والكلاب علي علب اللحوم المصنوعة خصيصا ومعها شهادة المنشأ وتقرير الصلاحية وجدول السعرات الحرارية وكله تمام في تمام!! ولا داعي للمقارنة بين هذا القسم وذلك السوق في العمرانية أو الشرابية حيث يباع الفسيخ بجانب الشربات وتباع اللحوم مع الفجل والبطاطا أو في سوق باب عمر باشا وفيه رائحة البخور مع رائحة العطن في حواري المدينة كل ذلك يسمح بما لا يدع مجالا للشك في مقدرة الإنسان المصري الأصيل علي ابتلاع الزلط والمياه بطعم المجاري ويحبس هذا كله بواحد شاي أسود من الحبر مع السكر!! ثم يقول المواطن بعد ذلك كله «نحمدوه» السبب في هذا يا رجال هو نقص الإنتاج عن الاستهلاك بل قل انعدام الأول وانفجار الثاني ومن منا يعرف أن الغذاء في مصر أكثر من نصفه مستورد من الخارج القمح ومنتجاته وهي الخبز بأنواعه الفينو والبلدي ورغيف العيش وعبوات المكرونة وجميع ما ينشأ عن الدقيق والردة وعلف الطيور والماشية والأسماك كذلك الألبان المجففة التي منها يتم تصنيع منتجات كثيرة منها حتي الجيلاتي والآيس كريم والأجبان بأنواعها اللحوم الطازجة والمجمدة ومشتقاتها من اللحوم المصنعة بل والمحفوظة في العلب أو في الهواء الطلق الأسماك الطازجة والمجمدة والمدخنة والمعلبة كلها وارد الخارج نحن نستورد المنبهات والمكيفات والمنشطات والمخدرات بل وكل المشهيات والمرطبات والمسليات والمحسنات والمقرمشات لم يتبق شيء لم نستورده حتي غشاء البكارة!! يا نهار أسود هيه حصلت الدواخل كمان مش كفاية الحبة الزرقاء في هذا الزمن الأغبر..!! في أمريكا وأوروبا لا يمكن السماح لأي راكب من الواردين للموانئ الجوية أن يدخل ومعه أية حبوب أو مأكولات منعا باتا قاطعا مانعا ويتم المصادرة والإعدام الفوري لتلك الأغذية، طبعا هذا الكلام غير وارد بين الأقطار العربية وكلنا شاهد بعينيه ما يحمله الحجاج والمعتمرون بداية من الجبنة القديمة والمش واللحوم واللبن وكل ما يلزم الرحلة ما بين الحرمين الشريفين!! علما بأن المملكة قد توافر فيها كل ما تشتهيه النفس، لقد نسي الناس كل الكلام المأثور من أول من لا يملك قوت يومه لا يملك حريته إلي مقولة من زرع حصد ومن الابتلاء في هذا الزمن الكئيب وجود من يشجع علي الاستيراد بديلا عن الإنتاج؟! ولا يدري هؤلاء الخطأ المميت في اتباع سياسة «شراية العبد ولا تربيته» حيث يكون ذلك العبد الشحط مليئا بالمشاكل البيئية والصحية التي تدخل في نسيج الوطن كي يزداد فيه الفساد وإن لم نرتدع ذاتيا عن كل أنواع الفساد المادي والمعنوي البيئي والاجتماعي فلنتقابل جميعا في الدرك الأسفل من النار.