نحن في حاجة الي حملات صحية وتموينية من اجل النظافة تكون في نفس قوة وتصميم ومتابعة حملات ملاحقة الخنازير..! فإنفلونزا الخنازير قد تكون قاتلة وقد تتحول الي وباء، لكن الاوبئة والفيروسات متعددة ومنتشرة وقائمة في بلادنا بسبب الغش في الاغذية وتلوث مياه الشرب وانعدام الرقابة الصحية والتموينية. فحين يكون في مصر خمسة ملايين مواطن يعانون امراض الكلي، وحين تصبح معدلات الاصابة بامراض الكبد من اعلي المعدلات في العالم، وحين لا تكفي اي ميزانية يمكن تخصيصها لوزارة الصحة في معالجة ومواجهة هذه الامراض فإن الامر يستدعي استنفارا وطنيا لا يقل حماسا او انفعالا عن مواجهة انفلونزا الخنازير. والمصيبة ان الناس فقدت الوعي تماما في اهتمامها بالنظافة منذ ان اصبح رغيف الخبز يباع في الشوارع مكشوفا للغبا، والتلوث، ومجاورا لمستنقعات مياه المجاري والقاذورات.. والناس لا تهتم حين تذهب الي محال بيع الاطعمة والاغذية وتجد ان بعضها تالف ورديء او منتهية صلاحيته، او حين تجد الاجبان والآلبان وقد اصابها العفن والتلف في امر اصبح متكررا ومعتادا. والناس ايضا لا تهتم عندما يقف بائع الاغذية مستخدما يديه دون ارتداء قفاز غير مبالا بما يمكن ان ينقله من امراض ومؤكدا لكل من يعترض ان يديه نظيفتان! إنني علي ثقة من ان أي حملة تموينية جادة لمراقبة سلامة الاغذية التي تباع في "السوبر ماركات" لو قامت بتفتيش مفاجئ في أي يوم وأرسلت المواد الغذائية إلي المعامل لتحليلها فلسوف تكتشف فساد أغلبها وعدم صلاحيته. ان الذين يعملون في هذه المحال لا يعلمون شيئا عن النظافة والامراض، ويتخيلون دائما ان معدة المصريين تهضم الزلط، ونسوا ان امراض المعدة في بلادنا حاليا منتشرة بشكل كبير، وان أحدا لا يسلم من علة في المعدة التي هي بيت الداء، والتي دمروها بالاغذية الفاسدة، وبالماء غير النظيف وبالهواء المشبع بكل انواع التلوث. إنهم يتحدثون بعد ذلك عن انفلونزا الخنازير، مع ان العلة هي في بعض البشر الذين أصبحوا في تصرفاتهم وسلوكهم لا يختلفون كثيرا عن الخنازير.