يعد الاحتكار العدو الأول للتقدم الاقتصادي، لأن الاحتكار يقضي علي أسس المنافسة التي هي بمثابة القاطرة التي تدفع الاقتصاد إلي الأمام. نقول ذلك وأعيننا علي قطاع الأسمنت الذي يعد تربة خصبة للاحتكارات، خاصة الاجنبية منها، حيث يمتلك الاجانب أكثر من 70% من سوق الاسمنت، وفي ظل هذه الظروف أعلنت الحكومة عن طرح 14 رخصة جديدة لإنشاء مصانع أسمنت وذلك بهدف تحقيق المنافسة والتصدي للاحتكار. وقد لقي الإعلان الحكومي ترحيبا من الأوساط الاقتصادية ولكن بعد قليل من الإعلان الحكومي سادت حالة من الارتباك بسبب التخوف القائم والمشروع من أن يبيع الحاصلون علي الرخص رخصهم الاجانب، مما يؤدي إلي تفريغ الإعلان الحكومي من مضمونه، ففي حالة البيع للأجانب ستزيد معدلات الاحتكار بدلا من أن تنخفض. المشكلة الرئيسية الان هي أن الضوابط التي تحكم عملية بيع الرخص للاجانب ليست موجودة وهذا بزعم أن غيابها أمر طبيعي في ظل العمل بسياسة السوق الحر. في البداية أكد المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة أن الحكومة لن تسمح بأي استغلال أو احتكار في السوق مهما كانت النتيجة موضحا أن الوزارة لديها رغبة أكيدة في ايجاد حلول جذرية لعمليات الاحتكار والمنافسة غير المشروعة والارتفاع المبرر للأسعار مضيفا أن الحكومة وضعت عددا من السياسات من أجل ضبط الأسواق مشيرا إلي أن قطاع الأسمنت في مصر قطاع حيوي لن تسمح باستغلاله فهناك 12 شركة عاملة في السوق و14 رخصة جديدة وبالتالي فإن استمرار الاوضاع الحالية أمر صعب لأن هناك تعديلا مقترحا لقانون المنافسة ومنع الاحتكار وهو القانون الذي أعدته الدولة خصيصا لتوفير البيئة الملائمة للتطورات الاقتصادية الحالية بالإضافة إلي ضمان تحقيق المنافسة وضع الاحتكار وذلك في اطار عمليات الاصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الدولة. عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية يقول انه لا يوجد نص قانوني أو الية أو اتفاق يقضي بمنع أي مستثمر أن يبيع المصنع أو الشركة الخاصة بها وهذه هي اليات الاقتصاد الحر موضحا أن ال 14 رخصة الجديدة التي أعلنت الدولة عنها بخصوص انشاء مصانع جديدة للاسمنت في محافظات أسيوط وبني سويف وسوهاج والوادي الجديد والسويس والاسكندرية يمكن أن تتعرض لعملية البيع في المستقبل لكن في الفترة الحالية لا يمكن لأن هناك شروطا محددة ومعلنة من قبل الهيئة أهمها عدم امكانية بيع بالرخصة اثناء انشاء المصنع لكن بعد انشاء المصنع الان لا توجد أية طريقة لمنع هؤلاء المستثمرين من عملية البيع مضيفا ان وجود مصانع جديدة كان أمرا حتميا برغم امكانية بيع تلك المصانع في المستقبل بسبب الزيادة المطردة في الاستهلاك برغم وجود ما يقرب من 8 ملايين طن فائضا حيث من المتوقع أن يزيد استهلاكنا في 2011 بسبب الطفرة العقارية والصناعية التي تشهدها مصر بالإضافة إلي الزيادة السكانية. وعن تعليقه وتوقعاته لقطاع الاسمنت بعد شراء لافارج الفرنسية قطاع الاسمنت بشركة بأوراسكوم قال عسل ان الهيئة ليس لها دخل بهذا الموضوع ومن حق أي مستثمر أن يبيع ويشتري مؤكدا ان الفترة القادمة يمكن أن تشهد متغيرات بخصوص هذا الشأن وعموما نحن نؤكد ان ال 12 رخصة التي تم التنافس عليها منذ أكثر من شهر كان نصيب المصريين منها حوالي 72% وليس صحيحا أن أغلب الرخص حصل عليها أجانب كما يقال مشيرا إلي أن الاحتكار في هذا القطاع أصبح غير مؤكد لأن مع دخول تلك المصانع الجديدة السوق سوف تتغير المنافسة ومن المتوقع أن ينخفض السعر نتيجة لزيادة المعروض. من جانبه اكد حسن راتب رئيس الاتحاد العربي للأسمنت انه مع قرار الحكومة بإنشاء مصانع جديدة لأن مصر بحاجة إلي تلك الرخصة في المستقبل برغم إمكانية بيعها للاجانب في المستقبل موضحا أن مصر تعيش في ظل اليات الاقتصاد الحر والمستثمر بطبيعته يهدف إلي الربح وهذا من حقه وبالتالي لا يمكن أن نضع له شروطا مشيرا إلي أنه غير متخوف من عملية بيع الرخص الجديدة للاجانب لأن قطاع الاسمنت قطاع مربح وحيوي وبالتالي فإن احتفاظ المصريين باستثماراتهم أمر وارد، أما بخصوص ارتفاع الاسعار قال راتب ان هذا يتوقف علي العرض والطلب فالتجاوزات الحالية نسبية، نعم هناك شركات تبالغ ولكن ليس الكل متهما.