كشف الكيميائي فواز جورج أحد أبرز الخبراء في قطاع الدواء ومدير إحدي الشركات العاملة في مجال استيراده في حواره مع "الاسبوعي" عن تضاعف أسعار الدواء في مصر في الفترة الأخيرة ورفع بعض المستوردين لأنواع من الأدوية بهوامش تجعل سعرها مماثلاً لسعرها في الأسواق الخارجية.. كما اقترح حزمة من السياسات لعلاج مشكلات ارتفاع اسعار الدواء بما لا يتعارض مع آليات السوق الحر. * سألته بداية ما تقييمك لأسعار الدواء كما تحددها وزارة الصحة فالبعض يري أنها مناسبة لظروف السوق والبعض يري أن الوزارة تنحاز للقطاع الخاص؟ ** أنا أري أنها مناسبة لظروف السوق.. فأسعار الخامات ترتفع وأسعار العملات أيضاً بالإضافة إلي تكلفة البحث والتطوير والتي تضع لها الدول المصنعة للدواء في الغرب ميزانية ضخمة جداً لذا فأصبح للشركات الأجنبية السبق في مصر لأن الشركات الأم تمدها بالتكنولوجيا وأحياناً الخامات الرخيصة أما شركات القطاع العام فهي تعمل علي إنتاج الأدوية الرخيصة. * ولكن البعض يري ضرورة تمثيل نقابة الصيادلة في لجنة تسعير الدواء لضمان عدم المحاباة للقطاع الخاص؟ ** بالطبع يجب أن يؤخذ برأي الصيادلة والمستشفيات والمرضي ولكن أود أن الفت هنا إلي أن هناك أدوية أجنبية تنتج في مصر بأقل من سعرها في الخارج فهناك دواء علي سبيل المثال للضغط ينتج في مصر بترخيص الماني وسعره في ألمانيا 4 أضعاف سعره في السوق المصري ولكن يجب أن نضع في الاعتبار أيضاً المستوي المتقدم الذي وصل له المجتمع الألماني في آليات السوق الحر فهو بجانب ارتفاع اسعار الدواء لهذه المعدلات المرتفعة فهناك شبكة ضخمة من التأمين الصحي تعين المواطن علي هذه الأسعار وهذا هو ما نحتاجه في مصر. ارتفاع الأسعار * ما المعدل الذي ترتفع به اسعار الدواء في مصر حسب تقييمك؟ ** أري أنها خلال 10 إلي 15 سنة تضاعفت مرتين وأنا أري أنه في ظل هذا الارتفاع في الاسعار يجب أن تعيد الدولة هيكلة دعم الدواء.. فهناك احتياج ماس إلي دعم أصناف الدواء لأمراض القلب والمخ والسرطان المرتفعة التكلفة علي أن تقدم للمرضي "مجاناً" وفي المقابل تتوقف الدولة عن دعم أدوية الأمراض البسيطة كدواء الكحة أو الإسهال أو قرص صداع. * البعض يري أن هناك سيطرة من الشركات الأجنبية علي السوق المصري خاصة الأمريكية؟ ** التواجد الأمريكي في مصر في صناعة الدواء ليس قويا كالتواجد الأوروبي ولكن.. عموما فجوهر المشكلة في ضعف صناعة الدواء المصرية بسبب قلة ما تنفقه المصانع المصرية علي البحث والتطوير فهذا هو سر نجاح تجارب دول نامية مثلنا في مواجهة العالم المتقدم كالصين والهند، ففي مصر أغلب شركات الدواء تبحث عن الربح السريع من خلال تصنيع أدوية مرادفة للأدوية الموجودة فتجد 10 أو 20 نوعا من أدوية مرض معين فكلها تتجه إلي الدواء الأكثر ربحاً كما أن هناك ظاهرة تساعد علي ذلك وهي تحول الكثير من شركات التوزيع إلي شركات تصنيع دواء. كما أن الكثير من الشركات الأخري تعتمد علي السوق المحلي بسبب عدم صعوبة مواصفاته مثل مواصفات أسواق التصدير. خصخصة المصانع * ما رأيك في الجدل الدائر حول خصخصة مصانع القطاع العام الدوائية؟ ** لا أؤيد ذلك فيجب أن تكون هناك أدوية القطاع العام الرخيصة بجانب أدوية القطاع الخاص وتطوير أداء هذه المصانع فهي كثيرا ما تطلب استيراد ماكينات حديثة وتعارض الحكومة ذلك لقلة ايرادات هذه المصانع وهي مشكلة معقدة يجب دراستها بتأن للوصول بإدارة اقتصادية افضل لهذه المصانع، ويجب أن ألفت هنا إلي أن كم الماكينات المستوردة لمصانع الدواء للقطاع العام والمشترك والخاص لديها طاقة انتاجية تكفي قارة افريقيا بأكملها ولكن المشكلة هي أن قطاع صناعة الدواء في مصر لا يسير وفقا لاستراتيجية، فهناك شروط تفرضها وزارة الصحة علي مصانع الدواء أثناء ترخيصها للإنتاج بكميات معينة في أنواع معينة لكي تسير كل صناعة الدواء في مصر وفق استراتيجية متكاملة ولكن الكثير من المصانع لا تنفذ هذه الشروط وتكتفي وزارة الصحة "بلفت النظر" والنتيجة أن هناك الكثير من الطاقات العاطلة في السوق بسبب تكرار الإنتاج في قطاعات معينة، لذا فيجب ان تكون الدولة أكثر حزما في تطبيق العقوبات علي مخالفات هذه المصانع. * بعد مرور أكثر من عامين علي نفاذ اتفاقية التريبس هل تري أنها ساهمت في رفع اسعار الدواء في مصر؟ ** رفع أسعار الدواء سيكون علي الأدوية الحديثة وليست القديمة وعموما فبدلا من أن ننشغل بهذه الاتفاقية علينا أن نصلح السوق المحلي فهناك أدوية نتداولها في مصر العالم كله توقف عن تداولها تماما وعلينا أن ندعم البحث والتطوير لتوفير إنتاج محلي نواجه به ارتفاعات الأسعار المستقبلية فمصر فيها العديد من الكفاءات غير المستغلة فكيف نتحدث عن تطوير صناعة الدواء ونقيب الصيادلة لم يتغير منذ 30 عاما؟ أنا أري أننا يجب أن نعطي فرصة أكبر للكوادر الشابة وندعم روح الابتكار لديهم. هذا هو الحل الأمثل لمشكلة صناعة الدواء في مصر.