أحيانا كثيرة توجد أخطاء.. وبدلا من معالجتها ندفن رءوسنا في الرمال وننتظر القضاء والقدر ليقول كلمته.. يحدث هذا في كثير من أمور حياتنا اليومية وفي سوق المال. وفي البورصة هناك حكاية عجيبة وهي ببساطة اقراض شركات السمسرة لعملائها لشراء أوراق جديدة ولا يوجد وضع قانوني ينظم هذه المسألة مطلقا وانتشرت في كل شركات السمسرة بالاجماع مع تفاوت نسب الاقراض فهناك شركات بعينها فتحتها "علي البحري" كما يقول المثل الشعبي وهناك شركات تتحفظ في هذه المسألة وقللت معدلات اقراض العملاء او المستثمرين لأقصي مدي ممكن. وطبعا الشركات التي تزيد من معدلات اقراض عملائها تزيد تعاملاتها ونشاطها وتصبح من اكبر الشركات وهي شركات غالبا مسنودة اما الشركات التي تخاف فإن تعاملاتها لا تزيد بنفس الدرجة وأدي الامر الي ان معدلات اقراض الشركات لعملائها وصل لقيمة ضخمة لا توجد قيمة محدد لها معروفة ولكن ان قلنا في المتوسط 10 ملايين لشركة السمسرة ومع وجود حوالي 125 شركة او اكثر في السوق يكون الرقم المتوقع لقروض شركات السمسرة لعملائها حوالي المليار جنيه. ودعونا من مسألة الاقراض في حد ذاتها رغم عدم قانونيتها ولكن يجب ان ننظر في توابعها والي أي حد يمكن ان تؤثر في البورصة المصرية. وأولي التبعات او النتائج التي يمكن ان تترتب علي اقراض شركات السمسرة لعملائها بدون فوائد هي ان نظام الشراء بالهامش عند تفعيله لن يعمل بشكل قوي لان المستثمر سيدفع عمولات او فوائد أما في حالة حصوله علي قروض من شركة السمسرة فانه لن يدفع فوائد وبالتالي العميل يفضل القروض بدون تكلفة رغم ان الشراء بالهامش سيعطيه مدي زمنياً جيداً للبيع لأنه سيبيع في الوقت الذي يرغبه. واذا كان الاثر الأول هو أخف وأبسط الآثار فإن الأثر الثاني هو أن شركات السمسرة تجبر العملاء علي بيع الاسهم التي اشتروها في نهاية كل اسبوع حتي وان كانت الاوراق المالية التي اشتروها خاسرة وبالتالي يؤثر سلبا علي السوق. وإذا بدأنا في الآثار المخيفة والتي يمكن ان تؤثر بقوة علي السوق نصل لأوقات الأزمة فإذا حدث مثلا تراجع قوي في السوق فإن شركات السمسرة ستجبر عملاءها علي البيع لتصفية المواقع المدنية لكي تحصل علي أموالها وهو ما يدفع السوق لهبوط لا يعلم أحد مداه. ونصل الي الأثر الأهم وهو أمر غير قانوني بالمرة وهو اجبار شركات السمسرة عملاءها الذين يحصلون علي قروض علي توقيع أوامر علي بياض لكي تستطيع الشركة من تلقاء نفسها بيع اوراقهم المالية للحصول علي حقوقها اذا رغبت الشركة في ذلك. والمصيبة السوداء ان كل اطراف السوق يعلم بوجود الاوامر علي "بياض" في كل شركات السمسرة كبيرها وصغيرها ولكن الهيئة العامة لسوق المال تغض الطرف أو بمعني آخر "الملفات في درج المكتب" ووقت اللزوم سيتم استخدامها لتأديب بعض الشركات كل شركات السمسرة عندها اوامر علي بياض وعند حدوث تفتيش مفاجئ او غير مفاجئ من الهيئة العامة لسوق المال يتم اخفاء هذه الأوامر. وعندما تضبط الهيئة أمراً علي بياض يتم محاسبة الشركة والمصيبة ان كل الشركات عندها أوامر علي بياض لعملائها الذين يقترضون فيها والمصيبة الاكبر انه عند حدوث تصحيح في السوق ستؤدي هذه المسألة الي زيادة حدته كما حدث بين نهاية يوليو من العام الحالي وحتي 21 اغسطس الماضي. يجب ان نعترف بأن هناك مشكلة ووضعاً غير قانوني يرتبط بقيام شركات السمسرة باقراض عملائها وتوقيع العملاء اوامر علي بياض واذا كان من المؤكد ان كل شركات السمسرة عندها اوامر علي بياض فيجب الا تعاقب شركة سمسرة علي ذلك اننا ندفن رأسنا في الرمال مع علمنا بوجود خطأ جوهري في كل الشركات وهذا الخطأ يحتاج تصحيحاً فورياً لانه إذا بدأ السوق في الانخفاض او حدث تصحيح وموجة جني ارباح فان الاوامر علي بياض ستدفع السوق لتراجع كبير.. لا تعاقبوا شركات السمسرة التي عندها اوامر علي بياض او عاقبوا الشركات كلها والحقيقة ان الأفضل من البداية الغاء السبب الذي يؤدي اليها.. والغاء ومعاقبة الشركات التي تقرض عملاءها لأن الاوامر علي "بياض" لن تنفع في الأيام السوداء.. احذروا. [email protected]