في الربع الماضي كانت سفينة البنك الدولي تبدو وقد انشقت ألواحها وصارت بحاجة إلي إصلاحات سريعة وطارئة.. لكن روبرت زوليك الرئيس الجديد للبنك لديه طموحات أكبر من مجرد إصلاح السفينة المعطوبة.. فهو كما تقول مجلة "الإيكونوميست" حضر أول اجتماع سنوي للبنك هذا الشهر عاقدا العزم علي جمع الحطام المبعثر لهذه المؤسسة الدولية المهمة وتحويلها إلي كيان متماسك ومتلاحم. ونحن نعرف أن زوليك ورث في البنك هيئة من العاملين عام ثالث للبنك هو نجوزي أوكونجو إيويلا الذي عمل لفترة من الوقت وزيرا للمالية في نيجيريا واتسم عهده بالإصلاح. وبعد عملية التجميل التي أجراها لمشاكل العاملين أكد زوليك أن مهمته الأكثر أهمية وعجلة هي توفير التمويل الكافي لرابطة التنمية الدولية IDA التي يقدم البنك من خلالها مساعداته للبلدان النامية. وتأمل الرابطة أن تتمكن من جمع 33 مليار دولار لتقديمها لنحو 81 بلدا فقيرا خلال السنوات الثلاث التي ستبدأ في يولية القادم 2008.. ومن الواضح أن حماس زوليك لجمع هذه الأموال ونظرته إليها لا يختلفان كثيرا عن نظرة وحماس أسلافه.. كما أن هذه الأموال مطلوبة لتوحيد برامج المعونة المجزأة التي تقدم للحكومات والجمعيات الأهلية التي تعمل في مجالات مثل محاربة الإيدز.. ورغم أن هذا أمرا ليس بجديد علي البنك فإن زوليك يري أن البنك في عهده سيركز علي الأشياء الأكثر ضرورة. وقد استطاع الرجل أن يوفر لبرامج المساعدة التي تقوم بها رابطة التنمية الدولية 5.3 مليار دولار أخذها من ذراع الإقراض الخاصة بالبنك الذي يقدم قروضه للدول متوسطة الدخل مثل تركيا ومن هيئة التمويل الدولية IFC وهما جزاَن من البنك لديهما فوائض مالية فذراع الإقراض لديها رأسمال احتياطي يساوي 33% من قروضه، أما هيئة التمويل الدولية التي تساعد علي انتشار ونمو القطاع الخاص في البلدان الفقيرة فإنها تحتفظ بأرباح حجمها 3.11 مليار دولار. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن زوليك الذي عمل لفترة مع بنك الاستثمار العالمي الشهير جولدمان ساكس ينظر إلي موازنات هاتين الهيئتين بعيني خبير استثمار، ويري أن هذه الأموال لابد من تدويرها بشكل أفضل.. وإذا كانت هيئة التمويل الدولية تمتلك مالا أكثر من حاجة استخداماتها فلماذا لا تتم الاستفادة بهذه الفوائض في رابطة التنمية الدولية فالكعكة التي في يدك ليست للفرجة فقط وإنما للأكل أيضا علي حد قول زوليك نفسه. ولاشك أن هذا التحول يؤكد أن الاحتياجات التمويلية لرابطة التنمية الدولية هي بالفعل احتياجات عاجلة.. وأن زوليك ينوي النظر في بنود أخري في البنك من أجل توظيفها علي نحو أفضل.. فنسبة رأسمال البنك إلي قروضه نسبة عالية جدا لأن محفظة القروض متغيرة الحجم بين الصعود والهبوط بل يمكن القول بأنها تتضاءل لأن بعض زبائن البنك انتقلوا من خانة الدول متوسطة الدخل التي تحصل علي قروضها من البنك إلي خانة الدول ذات الملاءة العالية التي يمكن الحصول علي القروض من أسواق المال لديها. وعلي جانب اَخر قام زوليك بخفض وتبسيط ما يتقاضاه البنك من رسوم وأسعار فائدة ليجتذب بعض الزبائن الذين تركوه.. وهو يسعي في نفس الوقت إلي البحث عن زبائن في كل مكان. ومن بين هؤلاء الزبائن بلد مثل فيتنام التي تستفيد من مساعدات رابطة التنمية الدولية حيث أصبح في مقدور هانوي الاَن أن تقترض بأسعار الفائدة المنخفضة نسبيا التي يقررها البنك الدولي. باختصار، فإن زوليك يسعي لجعل أذرع البنك كلها كيانا واحدا متكاملا بحيث يكون هذا هو إنجازه الأكبر.