شهدت الاسكندرية في الاونة الاخيرة العديد من الاعتصامات والاحتجاجات العمالية المتكررة ومن ابرزها عمال شركة النيل للكبريت وعمال الشركة الوطنية لاستخلاص الزيوت وشركة الحديد والصلب مما اثار العديد من التساؤلات حول الاسباب الحقيقة وراء عودة هذه الظاهرة من جديد.. هل هي زيادة الوعي القانوني لدي العمال بحقوقهم؟ ام غياب الحوار الاجتماعي بين العمال واصحاب الاعمال؟ ام ان الظروف الاجتماعية والغلاء وتدني الاجور لها دور في ذلك؟ .. »الاخبار« رصدت اراء الخبراء والمسئولين في محاولة منها للكشف عن الاسباب وراءها.. في البداية يبرر فتحي عبداللطيف رئيس اتحاد عمال الاسكندرية كثرة الاعتصام والاضرابات بضعف الاجور بالاضافة الي عدم وجود حد ادني للاجور.. مشيرا الي زيادة الاسعار ووجود فوارق كبيرة في الاجور ليس فقط بين العاملين في القطاعين الخاص والعام وانما التفاوت ظاهر في القطاع العام ذاته.. فشركات البترول والصناعات الكيماوية أجورها اعلي من شركات الغزل والنسيج.. كل هذه الاسباب ادت الي زيادة عدد الاضرابات للمطالبة بحقوقهم.. وأوضح ان لوسائل الاعلام دورا كبيرا في هذه الظاهرة وتناول كل هذه الاضرابات حتي لو كانت بسيطة.. مشيرا الي ان الاسكندرية بالمقارنة بالمحافظات الاخري استطاعت ان تجد حلا للعديد من المشكلات وحلها بسرعة وارضاء جميع الاطراف من خلال اتحاد النقابات والقوي العاملة.. واوضح ان العمال واثقون في شرعية اللجوء إلي الطرق القانونية للوصول الي حقوقهم.. مطالبا بضرورة تلبية حقوق العمال وفقا للقانون ولابد من وجود حد ادني وأقصي للاجور حتي يكون هناك عدل ورضا اجتماعي خاصة في ظل الزيادة الجنونية للأسعار.. ويقول علي عبداللطيف وكيل مديرية القوي العاملة بالاسكندرية ان هناك اسبابا عديدة للاضرابات التي تحدث في الشركات والمؤسسات.. مشيرا الي ان هناك اجراءات يجب علي النقابة العامة القيام بها قبل شروع العمال في تنظيم احتجاج ومن اهمها موافقة ثلث اللجنة النقابية في المؤسسة علي تنظيم الاضراب واخطار الجهة الادارية المسئولة وهي مديرية القوي العاملة التابعة لها وصاحب العمل بخطاب مسجل قبل الدخول في الاضراب بعشرة ايام.. منوها الي انه يجب ان يسلك العمال الطرق الودية في التفاوض قبل الشروع في الاضراب.. وتبدأ بالتفاوض الجماعي ثم بالوساطة ويليها التحكيم وذلك للحصول علي حقوقهم طبقا لاحكام قانون العمل رقم 21 لسنة 3002 وتعديلاته.. واوضح ان هناك اضرابات غير قانونية لعدم قيام العاملين بالمؤسسة باتباع الاجراءات القانونية التي نظمها قانون العمل بشأن الاضرابات علي النقيض توجد اعتصامات قانونية للمطالبة بحقوقهم.. من جانبه أكد مصطفي سعيد مدير مشروع الحوار الاجتماعي بمنظمة العمل الدولية ان الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقلة الاجور والتضخم كلها أسباب ادت الي وجود هذه الظاهرة.. بالاضافة الي عدم وجود آلية للحوار الاجتماعي بين العمال واصحاب الاعمال جعلتهم يسلكون طرقا اخري غير الحوار الاجتماعي من اجل الحصول علي حقوقهم الامر الذي اثر علي استقرار العمل وعلي نظامه.. مطالبا اصحاب الاعمال بضرورة الالتزام بمعايير منظمة العمل الدولية التي تتضمن اهمها الحوار اجتماعي لانه عامل يساعد علي استقرار المؤسسات وزيادة الانتاجية بالاضافة إلي تعزيز الانتماء لدي العمال تجاه مؤسساتهم وتعزيز قدراتهم علي مضاعفة انتاجيتهم. كل هذا لصالح استمرار العمل وزيادة القدرة التنافسية.. مشيرا الي ان منظمة العمل الدولية وضعت معايير من خلال مشروع الحوار الاجتماعي يعمل المشروع علي تعزيز استقلالية منظمات اصحاب العمل والعمال بحيث تصبح اكثر قدرة علي تمثيل اعضائها والدفاع عن مصالحهم وقادرة علي الدخول في حوار اجتماعي مثمر يعزز انتاجية الاقتصاد المصري وقدرته التنافسية من جهة وبما يؤمن استقرارا اجتماعيا يضمن تحقيق خطط الحكومة المصرية في التنمية.. ويقول الدكتور عبدالله عبدالرحمن رئيس قسم الاجتماع جامعة الاسكندرية ان هذه الاضرابات تعبر عن السخط للفئات المطرودة من العمل وغياب دور المؤسسات سواء كانت نقابات او اجهزة حكومية او حتي منظمة العمل الدولية التي تدار بآليات النظام العالمي وهيمنة رأس المال النفعي.. واشار الي وجود اثار سلبية علي طبيعة الفئات العمالية التي طردت إلي رصيف البطالة او حتي التي تعمل في الوقت الراهن الامر الذي رسخ الشعور بالاغتراب وعدم الامان والاحساس علي الاقل بالانتماء والولاء لمؤسسات العمل وهذا ما حذر منه الكثير من علماء الاجتماع ولاسيما علماء الاجتماع السياسي والصناعي.. واوضح ان تشريعات حقوق العمال تعطي للعامل حق التظاهر ولكن التطبيق منح المستثمر او اصحاب رأس المال جميع الحقوق في الفصل أو الرد للعمال أو عدم التعويض.. من ناحية اخري اصبحت الدولة لها دور هامشي وهو حال النقابات التي اصبحت لا حول لها ولا قوة.. بالاضافة الي غياب الرؤية العامة للتعويض المناسب عن البطالة وغياب هذا النوع من التأمينات الاجتماعية وكل ذلك يصب لصالح اصحاب الاعمال سواء كانوا محليين أو اجانب.