فشلت إدارة بوش في ملاحقة القاعدة بل علي العكس كان غزوها للعراق بمثابة ترسيخ للقاعدة واجتذابها إلي بلاد الرافدين. نجحت القاعدة في إعادة تجميع فلولها وبات من الصعب علي أمريكا انزال الهزيمة بها بعد أن منحتها فرصة ذهبية اثر غزو العراق واجتياحه وإعمال آلتها العسكرية وتطبيق سياسة فرق تسد. بدا وكأن الهدف الرئيسي لأمريكا في المنطقة هو اللعب علي نزعة التقسيم ونشر الفرقة بين أبناء البلد الواحد ومن ثم مضت في ترسيخ الطائفية وشحن المذهبية في المنطقة بأسرها. بدأت بالعراق وتبعتها بلبنان. أمريكا والتناحر المذهبي وهذا ما فعلته في العراق عندما حولته إلي بؤرة بشعة من التناحر المذهبي والفئوي والاثني ومن ثم غدت أرض الرافدين ساحة للتجاذب والعراك، وانتشرت الفوضي والانفلات الأمني والعنف والارهاب فباتت معه العراق مجال جذب لصناعة التطرف والعنف الممنهج احتلت القاعدة القمة فيه ومن العراق تم تصدير العنف والمذهبية إلي لبنان وكان هذا تطبيقا لما أعلنته إدارة بوش جهرا قبل غزو العراق وعلي لسان كولن باول وزير خارجيتها السابق عندما أفصح عن أن العراق ستكون منطلقا لترتيب أوراق المنطقة بما يعزز مصالح أمريكا وحلفائها..! * صفقة مزدوجة وطبقت أمريكا مشروعها عندما اجتاحت العراق ودمرته ونشرت فيه الفوضي والقتل علي الهوية والتطرف والعنف ونقلت العطاء بعده إلي لبنان حاكت المؤامرات ونسجت السيناريوهات مع إسرائيل وانتظرت الفرصة المناسبة وواتتها في توقيت اختارته بدقة توقيت له مغزاه عشية مرور سبع سنوات علي انتصار حزب الله وتحريره لجنوب لبنان في 25 مايو سنة 2000 وكأنما اتخذت التاريخ لتغيير المعادلة وطمس ذكري النصر صفقة مزدوجة أرادت أمريكا تحقيقها مع التطورات الجارية في لبنان عندما استغلت الاختلاف بين فريقي الموالاة والمعارضة لتمرير المحكمة الدولية بقرار ،1757 وعندما استغلت أحداث مخيم نهر البارد لاشعال الفتيل بين الجيش اللبناني والمخيمات الفلسطينية بدعوي مواجهة ما سمي بفتح الاسلام رغم أن الحكومة اللبنانية التي تدعمها أمريكا هي الملامة علي ما آل إليه الوضع وإلا فأين مخابراتها وأين قواها الأمنية وعلام تركت هذه الجماعة تتمدد وتقوي وتخزن السلاح وتدرب أفرادها بوتيرة شكلت تهديدا للجيش اللبناني؟! * الهدف هزيمة حزب الله لم تتراجع أمريكا عن مخططها في المنطقة الذي يهدف إلي تأليب السنة ضد الشيعة فهي تحاول منذ فترة تشكيل تحالف سني وتمارس شحن أطرافه ضد الشيعة في أي مكان في المنطقة ومن ثم كان لأمريكا اليد الطولي في تعبئة سنة لبنان ضد الشيعة وهي أحوج ما تكون إلي ذلك حيث تريد تطويق حزب الله وانزال الهزيمة به امعانا في الثأر منه بعد انتصاره الحاسم علي إسرائيل مرتين متتاليتين مرة في تحريره لجنوب لبنان في مايو سنة 2000 والأخري في انتصاره اثر العدوان الاسرائيلي علي لبنان في حرب يوليو سنة 2006. لبنان والوصاية الدولية بدأت أمريكا في تحريك عملائها في لبنان ممن عمدوا إلي الزج بالجيش في معركة مخيم نهر البارد امعانا في اضعاف الجيش وانهاكه وبذريعة القضاء علي جماعة فتح الاسلام قامت أمريكا بمد لبنان بجسر جوي من العتاد العسكري والسلاح والذخيرة وهو ما ذهب إلي المحسوبين علي أمريكا أمثال وليد جنبلاط وسمير جعجع ولأن أمريكا ومن والاها لا تأبه كثيرا بما يجري في الساحة اللبنانية من تجاذبات بين فريق 14 آذار وفريق المعارضة فعمدت إلي استصدار القرار 1757 من مجلس الأمن وبموجبه أقرت المحكمة الدولية للتحقيق في اغتيال الحريري وفقا للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة وهو قرار يعلم الجميع أنه سيزيد من حالة عدم الاستقرار ويكفي أن القرار جعل لبنان في مهب المصالح الدولية وفتح الباب علي مصراعيه أمام التدخل الخارجي وباتت لبنان معه تحت مظلة الوصاية الدولية. الهيمنة علي المنطقة كان القرار يعني طمس سيادة لبنان ومصادرة اتخاذها للقرار ومن ثم جري تصنيفه علي أنه سياسي انتقائي يحوي كل التناقضات.. الغريب أن السنيورة كان العامل الرئيسي وراء تمريره بخطابه الذي ناشد فيه الأممالمتحدة بالاسراع في اقرار المحكمة الدولية وفق الفصل السابع رغم علمه بأن هذا يشكل تجاوزا لدور المؤسسات والدستور في لبنان وكان أن مارست أمريكا الهيمنة لفرض القرار المذكور علي غرار مافعلته في السابق من تمرير قرارات تصب جميعها في خدمة أجندتها السياسية دون الأخذ في الاعتبار تحقيق العدالة ونشر الديمقراطية والحريات ومراعاة حقوق الإنسان وهي الشعارات الزائفة التي رفعتها من أجل التضليل وتمرير المشروع الذي تطمح في تنفيذه والذي يستهدف الهيمنة علي المنطقة. تصفية الممانعة أرادت أمريكا أن يبقي لبنان ساحة للصراعات الاقليمية وللتدخلات الدولية وأن يتحول مجددا إلي موقع للاهتزاز السياسي والأمني أما الهدف الاساسي من ذلك كله فهو لجم حزب الله والقضاء عليه وتطويق سوريا وحشرها في الزاوية وتحدي إيران لابعادها عن منطقة قررت أمريكا أن تكون في نطاق نفوذها ونفوذ إسرائيل إنها أمريكا تسعي إلي تصفية كل جبهات الممانعة التي تقاوم النفوذ الأمريكي والهيمنة الاسرائيلية..!