اندهش كثيرا حين أري أقمارا علي غير مثال قادرة علي إنارة الطريق، ثم يصر البعض بعدم الثقة في قدرة الأقمار علي صناعة الأمل. اتحدث بشكل مباشر عن معرض فني مقام في قصر الفنون بأرض الأوبرا حيث يمكن للعين أن تسافر إلي تاريخ التصوير المصري بإبداع محمود سعيد وراغب عياد وباقة ممن أثروا الحياة الفنية في مصر، ولا أدري لماذا لا يذهب البشر إلي هذا الموقع ليروا لوحات عالمية بكل المقاييس يمكن أن تغسل عنهم أدران وأحزان صعوبة الحياة. هاهو محسن شعلان الفنان الذي يوجد علي رأس قطاع الفنون التشكيلية في بلدنا يقف مستقبلا ضيوف الافتتاح لمعرض فريد من نوعه، فقد وجه الدعوة إلي كل أصحاب قاعات العرض الخاصة وطلب منهم أن يعرضوا مدخراتهم من اللوحات علي مر تاريخ القاعات وجاءت قاعة إكسترا بلوحات للعبقري المصري راغب عياد الذي بهره الريف، وجاءت عبقريته "بتسرسرب" بعضا من اسلوب جداريات المصريين القدماء، فراح يقدس الحياة المصرية علي طبيعتها وببساطة منقطعة النظير. وهناك محمود سعيد هذا الذي جاء به نبيل أبو الحسن المتذوق الحساس للراقي من الأعمال الفنية الرصينة، وهو صاحب قاعة ابداع وعرض أيضا لوحة للبسيط المذهل حامد عويس، وبين اللوحتين اللتين تقدران بملايين الجنيهات كان يفخر بأنهما ليستا للبيع. وجاءت من الاسكندرية عبير حجازي لتهدي عيون القاهرة بعضا من لوحات شلبية ابراهيم، وهي الفنانة التلقائية المذهلة وهي تعطي من نقاء أعماقها ببصيرة غير عادية، ومعها رأفت صبري هذا الفنان المستوحش والحساس الذي يعيد مرة أخري للتأثيرية حيويتها بلمسات نادرة لا تنبع من تقليد أحد، بل تخط أسلوبا جديدا يقول لنا أن أي مدرسة فنية لا يمكن أن تموت مادام هناك مبدعون جدد يستطيعون احياء المدرسة الفنية بطاقة الخصوصية الموجودة لديهم. وإن جئنا إلي اكرام عمر وهي المبدعة في خيال الطفولة النادر والمتأمل لتهدينا رؤية يصعب أن تجدها في غير ابداعها، هذا المنسوج من القصاقيص والخيوط. أما ممدوح عمار فهو السيد الكبير الذي اضاء قصر الفنون بالقليل المؤثر من ابداعه، فهناك لوحة الحصان الخشبي وهناك لوحة من الأقصر. ولا توجد كلمات يمكن أن توفي ما قدمه محسن شعلان وفريقه من جهد يرتفع بالذوق.. يبقي أن يعلم القارئ والمشاهد أن الفرجة ببلاش والحياة يمكن أن تكون أقل كربا عندما تزدهر قاعات الفن التشكيلي بالحضور.