تخوض مكتبة الإسكندرية مغامرة جديدة ستغير من خارطة المعارف الإنسانية، في إطار سعيها الدءوب نحو إزالة الحواجز بين شعوب الأرض مع مركز إبراهيم شحاتة للغة الشبكات العالمية الذي يحمل اسم أحد رعاة الثقافة العربية لتنسج من خلال مشروع لغة الشبكات العالمية آمال العلماء في أن ينهلوا من معين العلم بلا حدود. يشد من أزرها في هذه المغامرة مديرها الدكتور إسماعيل سراج الدين فهو الدينامو المحرك لهذا المشروع بسعيه لجمع المتخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها من شتي بقاع الأرض، لتجمعهم مكتبة الاسكندرية وتشهد تعاهدهم علي التعاون لنشر المعرفة واقتحام الحواجز اللغوية، بل ابادتها وإقامة صروح معرفية عبر الشبكة العنكبوتية وبالفعل نجحت مكتبة الاسكندرية بالتعاون مع الأممالمتحدة في عقد أول ورشة عمل دولية عن المعالجة الآلية للغات الطبيعية باستخدام لغة الشبكات العالمية في الفترة من 4 إلي 7 مايو الحالي بهدف التعريف بنظام لغة الشبكات العالمية وبرنامجه وتقديم نبذة عن انجازات هذا المشروع الطموح للمتخصصين وذلك بمشاركة عدد كبير من الخبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها من مختلف دول العالم. وتحت شعار "إزالة الحواجز اللغوية والثقافية بين جميع الشعوب" قام خبراء من سويسرا واليابان وفرنسا والبرازيل والولايات المتحدةالأمريكية وروسيا واسبانيا ورومانيا واندونيسيا والصين من عدد من المراكز المتخصصة في لغة الشبكات العالمية UNL بمناقشة الانجازات التي تحققت في الترجمة من وإلي اللغة الاصطناعية الجديدة كما تم طرح الاشكاليات التي تعترض كل مركز ومحاولة البحث عن حلول لتخطي الحواجز اللغوية. اسفرت المناقشات عن تعاون بناء سيمتد إلي المراحل القادمة في هذا المشروع العملاق الذي يسعي إلي ترجمة موسوعة نظم دعم الحياة EOLSS المكتوب بالانجليزية حتي لا تكون حكرا علي من يتقنون الانجليزية وهو المشروع الذي تتبناه اليونسكو. تحتوي الموسوعة علي ربع مليون صفحة.. وتقديريا فإن تكلفة ترجمة هذه الموسوعة المكونة من ستة آلاف وثيقة وتقع في ربع مليون صفحة إلي الست لغات التي تصدر بها نشرات الأممالمتحدة تبلغ 70 مليون دولار بينما عن طريق لغة UNL ستبلغ تكلفة الترجمة 40 مليون دولار وهذا علي اعتبار وجود مترجمين بمقاييس اليونسكو والأممالمتحدة. وأزف خبرا سارا لكل العرب أن مركز ابراهيم شحاتة يعكف حاليا علي مشروع مبدئي أطلقنا علية "PILOT" كخطوة يتم فيها ترجمة 3 وثائق من موسوعة دعم الحياة كل وثيقة تضم 40 صفحة فيما يعد تجربة مبدئية يتم بعدها تحديد العقبات والمشاكل التي ستواجه المترجمين. وقد خلصنا إلي حفنة توصيات حيث تعاهدت المراكز المشاركة علي التعاون فيما بينها من خلال تنسيق العمل وتبادل الأدوات والبرامج بحيث لا يقوم مركز بتصميم برنامج قد صممه مركز آخر وكان من بين التوصيات التشديد علي مراعاة حقوق المؤلفين والكتاب وعدم المساس بما تمت كتابته خلال عملية الترجمة حتي لا يتغير المعني المقصود. بدأ مشروع المعالجة الآلية للغات الطبيعية وترجمتها علي الانترنت باستخدام لغة الشبكات العالمية بدعم من الأممالمتحدة من خلال مؤسسة لغة الشبكات الرقمية العالمية UNDL المسئولة عن التطوير والإشراف علي هذا المشروع الذي امتد ليشمل لغات الأممالمتحدة الست بالإضافة إلي عشر لغات اخري واسعة الانتشار تمهيدا ليشمل جميع لغات العالم حيث بادر معهد الدراسات المتقدمة بجامعة الأممالمتحدة بفكرة مشروع يهدف لرأب تلك الفجوة الثقافية عن طريق تخطي الحواجز اللغوية بين بلدان العالم المختلفة وإتاحة المعلومات والمعرفة الثقافية لكل شعوب العالم بلغتهم الأم وهو يهدف لاتاحة المعلومات والمعرفة الثقافية بكل اللغات ويطمح القائمون علي المشروع بأن تتنوع تطبيقات هذه اللغة بشكل كبير حيث سيصبح بالامكان خلق مواقع متعددة اللغات علي شبكة المعلومات الدولية واتاحة مختلف الموسوعات من خلال تلك اللغة.. إلخ. وقد نجح المعهد عام 1996 في ابتكار تقنية جديدة خرجت بنا من ذلك الحيز التقليدي والمحدود لبرامج الترجمة الثنائية إلي آخر اوسع وأشمل يعمل علي نقل المعرفة بسهولة من أي لغة طبيعية في العالم إلي أي لغة أخري، وأطلق علي تلك التقنية اسم لغة الشبكات العالمية (UNL) universal Networking Language وكما يتضح من اسمها هي لغة لكنها اصطناعية حيث تعمل كوسيط بين لغات العالم الطبيعية وتحمل بين جوانبها جميع سمات وخصائص اللغة الطبيعية لتكون أكثر قدرة علي نقل المحتوي النصي كاملا من أي لغة إلي اخري فهي تهدف إلي أن تحل محل وظائف اللغات المحلية في الاتصال الإنساني ليكون هذا المشروع بمثابة ثورة جديدة في عالم الاتصال والتقنيات الحديثة يحقق بنجاحه حلما داعب مخيلة الكثيرين بتخطي حاجز اللغة الذي يقف كعثرة في طريق التبادل المعرفي والثقافي بين الشعوب. هذه اللغة الجديدة تتميز بأنها لغة شاملة جامعة تمثل المحتوي اللغوي العالمي لغة تفهمها الآلة خالية من ازدواجية المعني لذا فهي شديدة الوضوح. وحرصا منها علي أن تكون المكتبة صرحا تعليميا متميزا للعصر الرقمي، أبرمت شراكة مع مؤسسة لغة الشبكات الرقمية العالمية UNDL في يوليو 2004 وتم توقيع اتفاق تقوم بموجبه مكتبة الاسكندرية باستضافة مركز إبراهيم شحاتة للغة الشبكات العالمية العربية ISAUC علي أن يقوم الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية AFESD بتمويل هذا المركز الذي يحمل اسم الدكتور إبراهيم شحاتة القانوني الدولي وخبير التنمية الدولية وأحد رعاة الثقافة العربية. وحاليا يلعب المركز دورا أساسا في تصميم وتنفيذ المحتوي العربي للغة الشبكات العالمية بالإضافة لكونه مركزا لعلوم اللغة العربية وفي عام 2005 بدأ العمل في ثلاثة اتجاهات مختلفة حيث تم الانتهاء أولا من تصميم النسخة الأولي من قاموس اللغة العربية الذي يحتوي علي أكثر من 49 ألف مدخل. كما تم تطوير قواعد ENCO الخاصة بالمحتوي العربي للبرنامج كما تم العمل علي تصميم نظم معلومات المكتبات LIS الخاص بلغة الشبكات العالمية استعدادا لقمة مجتمع المعلومات العالمية WSIS.. ان مركز إبراهيم شحاتة يقتني في مكنزه اللغوي حوالي 50 مليون كلمة تم تحليلها ويجري حاليا ربطهم معا تم الحصول عليها من الجرائد ومن الكتب وغيرها وقام بجمعها 20 اخصائيا باللغة العربية ولغة الشبكات العالمية فضلا عن أن المركز يقوم بتصميم برامج في هذا المجال وبناء قواعد الترجمة من وإلي العربية وقد تم جمع معارف وخلال 3 سنوات سيتم جمع حوالي 100 مليون كلمة والإلمام بالعلاقات فيما بينها. لاشك أن هذا المشروع الفتي يواجه مجموعة من العقبات منها: ظهور كلمات جديدة تغير قاموس المصطلحات فهناك تراكيب لغوية جديدة تظهر مما يشكل بعض الصعوبة في عملية الترجمة علي سبيل المثال: الجمع في اللغة العربية مثل كلمة "مائدة" وهي مؤنثة ولكن جمعها موائد إذا كل مركز يجب أن يهيئ قاموسه لاستيعاب هذه التراكيب هذا فضلا عن مصطلحات في مجال العلوم الرياضية والعلوم الاجتماعية والبيئة والصناعة وغيرها وعلي هذا فإن لدينا قاموسا يكبر وينمو بشكل مستمر كما أن هناك إشكالية المثني في اللغة العربية حيث إن هناك لغات اخري لا يوجد بهما المثني كذلك مشكلة التصحيح اللغوي خاصة وأنه عند الترجمة يجب أن يكون هناك اعتبارات اخري فيجب علي المترجم أن يعيد صياغة الجملة وأن يكون ملما بالبعد البلاغي ولعل من اعتي العقبات والتحديات هي مسألة الربط بين الكلمات والتراكيب اللغوية بحيث تكون جملة مفهومة خاصة إذا كانت المادة التي تم ترجمتها بها بعض الاخطاء النحوية إلا أن مكتبة الاسكندرية لا تعرف في قاموسها اللغوية كلمة مستحيل. * رئييس قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بمكتبة الإسكندرية