يشكل التضخم أحد أبرز التحديات التي تواجه صانع السياسة النقدية في مصر، وإذا كان هذا الصانع قد نجح بالتعاون مع السياستين المالية والاقتصادية في خفض معدل التضخم بدرجة كبيرة خلال عامي 2004/2005 وحتي منتصف ،2006 إلا أن هذا الخفض لم يستمر طويلا عقب اصدار قرار رفع أسعار البنزين والسولار في الصيف الماضي. وللتعامل مع هذا التحدي لجأ البنك المركزي من خلال لجنة السياسة النقدية إلي سلاح رفع اسعار الفائدة بدرجات متفاوتة ففي اجتماع اللجنة يوم 14 ديسمبر الماضي قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري زيادة كل من سعري عائد الايداع والاقراض لليلة واحدة بواقع 1.4% ليصبح 8.75% للايداع و10.75% للاقراض، وجاء قرار اللجنة في ضوء ظهور اتجاه لمؤشرات الاسعار نحو التضخم، مدفوعا بضغوط في الطلب ناشئة عن تسارع النمو الاقتصادي وبصفة خاصة في قطاعي التشييد والبناء والصناعات التحويلية. بالاضافة إلي عوامل العرض المتمثلة اساسا في اثار انفلونزا الطيور وتعديلات الأسعار الادارية والتي من أهمها رفع أسعار الوقود في يوليو الماضي والتي كان لها درجات متباينة من التأثير علي التضخم اضافة إلي ما لها من اثار ثانوية. وتوقعت اللجنة في ذلك الوقت أن تظل المعدلات السنوية للتضخم مرتفعة لحين تلاشي اثار الزيادات السابقة في الاسعار المرتبطة بصدمات العرض، والتعديلات الادارية لمستوي الأسعار، وأكدت لجنة السياسة النقدية أنها ستتابع جميع التطورات الاقتصادية وتعتمد في قراراتها المستقبلية علي تطور كل من معدل التضخم ومعدل النمو الاقتصادي، وذلك في ضوء البيانات التي ستصدر في هذا الشأن. وفي أول فبراير الماضي قرر اعضاء لجنة السياسة النقدية في مشاوراتهم عدم زيادة اسعار الفائدة الاساسية والابقاء عليهما عند 8.75% للايداع و10.75% للاقراض. وبينما استمرت اتجاهات مخاطر التضخم فإن اللجنة أكدت أن تقييما مفصلا لأحدث ارقام التضخم قد يحمل بوادر اعتدال، وعادت لتتوقع ابقاء معدلات التضخم السنوية مرتفعة لحين تلاشي اثر زيادة الأسعار المرتبطة بصدمات العرض وتعديلات الاسعار الادارية. وأكد أعضاء اللجنة أن اللجنة ستواصل مراقبة التطورات الاقتصادية وبصفة خاصة العوامل الاساسية للتضخم، ولن تتردد في تعديل اسعار الفائدة للتأكيد علي استقرار الأسعار في المدي المتوسط. وفي 22 مارس الماضي قرر اعضاء لجنة السياسة النقدية ايضا الابقاء علي اسعار الفائدة دون تغيير، وبينما استمرت مخاطر التضخم التي اشارت إليها اللجنة في وقت سابق فإن تحليلا مفصل لأحدث أرقام التضخم يشير إلي أنها قد شارفت علي الوصول إلي اقصي مداها علي حد تأكيدات الاعضاء. وتوقعت اللجنة أن تبقي معدلات التضخم السنوية مرتفعة لحين تلاشي اثر زيادة الاسعار المرتبطة بصدمات العرض وتعديلات الاسعار الادارية.