ماذا جري في البلد؟ هناك في صحف المعارضة وبعض الصحف المستقلة حالة غل، غير مسبوق بالمرة، غل واضح مباشر في صحافة المعارضة، وغل تلميحي خفي! ظهرت ثقافة الغل في أوقات كثيرة علي مدار الأيام تريد أن تنال من النظام ولكنها استفحلت بعد الاستفتاء علي التعديلات الدستورية وكأن هذا البلد "مش بلدنا" ولا علاقة لنا به! وإذا قلت هذا الرأي سمعت عبارة مضحكة وهزيلة يقولون "بتاع النظام" أو "محسوب علي النظام" هل هو نظام جزر القمر أم نظام مصر؟ وهل هي عنترية أن تقف وتقول: أنا لست موافقا ولن اذهب؟ وإذا وافق علي التعديلات ملايين الناس فهل هؤلاء "مأجورون" كما تصورهم الصحف المعارضة والمستقلة؟ هل وزير اعلام مصر عندما يمارس عمله "ويعلمنا" بالنتائج ويرد علي تساؤلات المراسلين بوضوح يصبح كالوزير العراقي سالف الذكر: الصحاف؟! عيب هذا الاسلوب أنه لا يخدم قضية ولا يضيف شيئا للقارئ إن القارئ اللبيب يحس أنه مجرد "غل" لا أكثر ولو حدث مكروه للبلد لا قدر الله شممنا رائحة الشماتة. إن ثقافة الغل تعكس نقصا في المنطق ومخاطبة العقل لأن "المغلول" يتعثر في السلوك ويهذي وعندما تحاول بعض الصحف المستقلة أن "تلون" الجو العام بالسواد فهذا ليس من الاستقلال في شيء إنها ببساطة تسمم النفوس وربما تحرض علي شكل من أشكال العصيان المدني أي حرية هذه؟ ولنفترض علي سبيل المثال أن الرئيس عبدالناصر قد قام في زمانه بتعديلات في دستور مصر أقول فرضا مع أنه افتراض غير واقعي لو أن "ناصر" أعلن عن تعديلات في دستور مصر هل كان بامكان أي صحيفة أن "تشيع جنازة التعديلات الناصرية"؟ محال بل من سابع المستحيلات ولو ضبط الأمن الناصري أن احدهم رأي في المنام جنازة للتعديلات لقبضوا عليه هو وأسرته والمهاجرين بره مصر من عيلته وراحوا في المعتقلات وراء الشمس. لكن مبارك رجل طيب القلب ولن تري مصر مثله مرة أخري يؤمن بالحرية وهو الرجل العسكري ومن حسن حظ المتشنجين المغلولين أنه رجل صبور وإلا كانوا في "الباي باي"! أسوق هذا المثل الافتراضي لأبرهن علي أن نظام مصر فاتح صدره للغل في كل صورة وفاهم الالاعيب أسوق المثل الافتراضي وأنا أري بعض الشخصيات المصرية في الفضائيات وهي "مجعلصة" فوق الكراسي تتكلم عن الرموز باستخفاف هل نحن بلد "ماينفعش معانا إلا النظام الناصري" الذي كمم الافواه وسجن النخبة بالسنين؟ وعندما يأتي رجل وينفتح علي العالم.. ويري الصورة أكثر منا ويعرف ظروف البلد ويعرف من يتربص لنا ومن يتصيد لنا فهل يتحول الرأي الآخر في معادلة الحرية إلي السباب والكلام الطائش مرة يقال مباشرة ومرة يقال علي سبيل الهبل أن الكاتب الساخر أحمد رجب أكثر كاتب مقروء في مصر يكتب سطورا خمسة ويصيب الهدف ويردد الناس في شوارع مصر وحواريها السطور الخمسة يكتب أحمد رجب بسلاسة وينتقد بأذكي أشكال الفنية في النقد يكفي أنه حينما أراد الهجوم علي محافظ الجيزة لما لاحظه من أحياء تخاصم النظافة أن كتب يقول إنه مندهش لأن قرارا بتعيين محافظ للجيزة لم يصدر حتي الآن! هذه هي (الكتابة الصحفية الراقية كتابة فيها موضوعية وذكاء وليس فيها ذرة من الغل الذي استشرت ثقافته في صحافة هذه الأيام منذ بدأت التعديلات الدستتورية حتي انتهت أؤمن أن المعارضة المستنيرة جزء من النظام وأؤمن أن (المستقلين) لهما تعددت صورهم وألوانهم وانتماءاتهم (المحظورة) و(غير المحظور) جزء من نظام مبارك وأكتب وانتقد علنا علي شاشات التليفزيون ولكني أوجه النقد بعفة وأقول ما اعتقده بذكاء وادرك أن الحال في مصر ليس ورديا ولكن معا سنحسن الصورة. معا سنصل إلي ما نبغي فقط نتخلص من الغل ولنتذكر أن شريحة الشباب في مصر ندفعها للحيرة وأحيانا لكراهية الوطن وأحيانا لضعف الانتماء كل هذا لأن صحافة المعارضة وبعض الصحف المستقلة تتصور أنها أكثر وطنية ومصرية من "بتوع النظام"!!! خسئتم "علي طريقة المسرحيات"!