تدور الاَن مفاوضات للاندماج بين بنك "باركليز" الانجليزي وبين بنك ABN أمرو الهولندي.. وإذا نجحت هذه المفاوضات فإنها سوف توجد ثاني أكبر بنك علي مستوي القارة الأوروبية، كما أنها قد تؤدي أيضا إلي بداية سباق عنيف نحو إعادة بناء القطاع المصرفي الأوروبي بأكمله. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن باركليز هو الذي بدأ بالاتصال ببنك ABN أمرو الذي يواجه بعض المشكلات مع كبار المستثمرين فيه وإن القيمة السوقية للبنكين معا في حالة اندماجهما ستصل إلي 130 مليار جنيه استرليني "170 مليار دولار" وسيصبح البنك الناجم عن اندماجهما قوة هائلة تسحق كل ما يعترض سبيلها من منافسين سواء في مجال صرافة التجزئة أو الصرافة الاستثمارية، أما إذا فشلت مباحثات الاندماج فإن أطرافا أوروبية أخري سوف تسعي للاندماج مع البنك الهولندي ABN أمرو. ومن أهم الأطراف المرشحة لعرقلة جهود باركليز في هذه الصفقة صندوق التحوط TCI الذي قام أخيرا برفع حصته في بنك ABN أمرو إلي أكثر من 2% الذي سبق له أن دعا في اَخر اجتماع للجمعية العمومية في 26 ابريل من العام الماضي إلي بيع أقسام من بنك ABN أمرو أو بيع البنك كله إن أمكن. ويريد TCI فترة سماح مدتها شهران لعرض البنك في السوق علي مشترين اَخرين بهدف الحصول علي أفضل الأسعار.. ولم يخف كريس هوهن رئيس TCI إصراره علي مقاضاة أرثر مارتينيز رئيس مجلس إدارة ABN أمرو إذا هو لم يفتح الباب أمام مشترين اَخرين لمنافسة باركليز.. ويؤكد هوهن أنه لن يترك إدارتي باركليز وأمرو تطبخان الصفقة في غيبة من المنافسة. والحقيقة أن بنك ABN أمرو لديه أصول عديدة تصلح أن تكون مطمعا للاَخرين وهي أصول غير منظمة بما يكفي وأهمها بانكوريال في البرازيل وبنك لاسال في أمريكا وبنك أنطونفنتا في إيطاليا.. ولاشك أن بعض البنوك الأسبانية والأمريكية والإيطالية الكبيرة قد ترغب في شراء مثل هذه الأصول كل علي حدة.. أما فروع بنك أمرو في مختلف أنحاء العالم فإنها قد تجذب مشترين اَخرين راغبين في التوسع عالميا. وتجدر الإشارة إلي أن بنك يوني كريدت الإيطالي وبنك سانتاندر سنترال هسبانو الأسباني قد أبديا استعدادهما لتوسيع عملياتهما الأجنبية بالتعاون مع بنك HVB الألماني بالنسبة للأول وبنك أبي البريطاني بالنسبة للثاني.. ولاشك أن البنكين قد يهمهما دفع مبلغ أكبر من باركليز لشراء بنك ABN أمرو خصوصا إذا اتفق كل منهما مع طرف اَخر لشراء عمليات أمرو في مجال بنوك الاستثمار وصرافة الجملة. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن تقسيم ABN أمرو قد يقود بدوره إلي انقسام بنوك أوروبية أخري متعددة الأنشطة مثل ING وفورتيز وربما حتي الليانز درسدنر.. كما أنه قد ينشط مقايضة الأقسام المصرفية المتخصصة بين مختلف بنوك القارة.. بل قد يدفع بعض البنوك التي اعتادت العمل المريح في حدود محيطها الصغير إلي دخول سباقات أكبر. وأكثر من ذلك فإن تقسيم أمرو بين بنكين أو أكثر سوف يثير حمية حملة الأسهم من أجل الدفاع عن مصالحهم في مختلف أرجاء القارة الأوروبية.. فأوروبا فيها من المصارف أكثر من حاجتها.. وسوف تظل تعاني هذا الزحام المصرفي عندما تمتد الخدمات المصرفية عبر الحدود وتصبح أرخص حتي من نظيرتها المحلية البحتة. ورغم دفاع ناوت ويللينك محافظ البنك المركزي الهولندي عن ABN أمرو ضد محاولات اكتسابه فإن المفوضية الأوروبية علي وشك إصدار قانون يحول دون منع صفقات الاكتساب العابرة للحدود في القطاع المصرفي.. وعموما يبدو حتي الاَن أن بنك أمرو يفضل الاندماج مع باركليز خصوصا بعد موافقة الأخير علي نقل المقر الرئيسي للكيان المصرفي الجديد إلي امستردام وهو أمر سيوفر في مجال الضرائب كما أنه سيسعد السلطات الهولندية المعنية بالأمر.. أكثرمن ذلك فإن اندماج أمرو وباركليز سيترك اللاندسكيب المصرفي الأوروبي علي حاله دون اهتزازات كما سيضم بقاء إدارة أمرو وعمالته في أعمالهم دون تغيير. ومن المرجح أن يحتاج إتمام هذه الصفقة إلي عدة شهور إذا ما ترك الأمر في يد إدارتي البنكين وحملة أسهمهما دون تدخل خارجي.. ولكن يبدو أن صندوق التحوط TCI لن يترك اندماج أمرو في باركليز يتم بسهولة.. فرغم أن البنوك عادة لا تميل إلي عمليات الاندماج الإجباري فإن TCI لم يستبعد إمكان ظهور طرف يتقدم بعرض شراء إجباري لبنك أمرو الذي تبلغ قيمته السوقية 60 مليار يورو إذا ما أساءت إدارته التصرف.