يبدو ان الحكومة الاوكرانية اكتشفت اخيرا ان السعي وراء حلم خفض عجز الموازنة وصولا الي المعايير الاوروبية في هذا المجال سوف يكون ثمنه السياسي باهظا بالنسبة لها، لذلك قررت التخلي عن هذه الفكرة حتي تتمكن من تمويل العديد من الوعود الانتخابية التي كانت قد قطعتها علي نفسها اثناء الانتخابات الماضية. فالحكومة الاوكرانية الحالية الموالية لروسيا اعدت مشروع قانون حصلت عليه وكالة انباء انتر فاكس الروسية يقترح زيادة الحد الاقصي المسموح به حاليا لعجز الموازنة من 4% الي 17% من اجمالي الناتج المحلي. وفي حالة اقرار المشروع من جانب البرلمان فإن اوكرانيا سوف تشهد خلال الفترة المقبلة المزيد من الخطوات الرامية الي تخفيف القيود التي تحكم السياسة المالية للحكومة والمعروف ان الاتحاد الاوروبي يضع حدا اقصي لعجز الموازنة في الدول الاعضاء قدره 3% ويطالب الدول الاوروبية الاخري التي تريد المزيد من التقارب الاقتصادي معه بالحد من العجز في موازنتها. والحقيقة ان تمرير هذا المشروع الذي لم تؤكد الحكومة وجوده ولم تنفه يحتاج الي موافقة البرلمان في البداية ثم موافقة الرئيس الاوكراني فيكتور يوشينكو الذي يمتلك حق النقض الفيتو علي القوانين. وبلغت ايرادات ميزانية اوكرانيا العام الماضي 29 مليار دولار في حين كانت النفقات 32 مليار دولار وتمت تغطية العجز من خلال عائدات بيع بعض الاصول العامة في اطار برنامج الخصخصة الذي يجري تنفيذه في اوكرانيا. في الوقت نفسه تحسنت الايرادات الحكومية خلال الفترة الاخيرة بفضل الاداء القوي لقطاعات الاقتصاد الاوكراني الرئيسية مثل الصلب والكيماويات والصناعات الغذائية بالاضافة الي الاجراءات الصارمة للحد من التهرب الضريبي. وقد تعثرت عملية الخصخصة بسبب الصراع بين الامبراطوريات الصناعية العملاقة في اوكرانيا من اجل الاستحواذ علي الاصول العامة القيمة مثل شركة الاتصالات الهاتفية اوكر انتيليكوم. ويقول مكتب رئيس الوزراء الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش ان الحكومة مضطرة اما الي زيادة موارد الخزانة العامة او السماح بزيادة عجز الموازنة من اجل تحقيق الوعود الانتخابية التي قطعتها علي نفسها مثل زيادة الحد الادني للاجور ومخصصات التقاعد بنسبة 20% ابتداء من ابريل الجاري. وفي كل الاحوال فان قرار السماح بزيادة عجز الموازنة بما يتعارض مع الرغبة الاوروبية يشير الي تراجع الرهان الاوكراني علي العلاقات الاقتصادية مع الاتحاد الاوروبي والعودة الي المدار الاقتصادي الروسي.