أيا كانت نسبة المشاركة في استفتاء الاثنين الماضي سواء 27.1% كما قالت الحكومة أو 5% كما أكدت المراصد الحقوقية، وأيا كانت حالة الاعتراض علي المادتين 88 و179 علي وجه الخصوص.. يبقي السؤال الرئيسي: هل أدت هذه التعديلات إلي مزيد من الوفاق الوطني.. أم أنها خلفت انقساماً وطنياً أكبر؟! قامت "العالم اليوم الأسبوعي" بطرح هذا السؤال المحوري علي نخبة من السياسيين والمفكرين، حيث تباينت الآراء تماماً كما كان الحال مع هذه التعديلات، وفيما يلي الرؤي المختلفة للاجابة علي ذلك السؤال المحوري في مرحلة ما بعد إقرار التعديلات الدستورية الجديدة. في البداية يري منير فخري عبد النور نائب رئيس حزب الوفد ان هناك انقساما وطنيا واضحا ازاء الدستور بعد التعديلات الأخيرة مشيرا إلي أن حالة الحراك السياسي خلفت وراءها فريقين مختلفين داخل المجتمع الأول يري أن الديمقراطية هي الحل لكل مشكلات مصر والثاني يري انه من الصعب تفعيلها في ظل انتشار الامية والانتقال لنظام اقتصادي حر لا وقت فيه للمجادلة مع الرأي العام علاوة علي ان البعض يري انها ستضر بمصالح الحالية، فيما يلفت عبد النور إلي أن التعديلات الاخيرة كانت فرصة للم الشمل وخلق توافق مجتمعي للمستقبل يؤكد ان الحكومة فشلت في ذلك علاوة علي ان الدستور بوضعه الحالي حسب رأيه لن يصمد في تجربة التطبيق العملي كثيرا. ويعتبر عبد النور ان التعديلات الاخيرة ستضيق علي الممارسات السياسية للمعارضة بشكل كبير وهو ما سيعمق من الخلاف نظرا لالغاء الاشراف القضائي الكامل علي الانتخابات وهو ما سيجعل الترشح في انتخابات معروف مسبقا انها سيتم تزويرها بمثابة "انتحار" علي حد تعبيره كما تتعرض المعارضة للخطر بسبب عدم توضيح مفهوم الارهاب في المادة 179 موضحا ان احد قيادات الحزب الوطني اتهم المعارضة في احدي جلسات مجلس الشعب بالارهاب الفكري. ويري جورج اسحق القيادي بحركة كفاية انه لا يوجد انقسام حول التعديلات الدستورية بل انه يوجد اغلبية تعارضها واقلية تؤيدها ويعتبر اسحق ان المواطن المصري اصبح يعاني من كبت سيولد الانفجار وان المادة 179 ستتسبب في صدامات سياسية قوية مع السلطة. ويشير ابو العلاء ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط تحت التأسيس إلي ان النظام الحاكم ارتكب خطأ كبيرا بتطبيقه للتعديلات علي هذا النحو نظرا لشعور الغضب الشعبي المتزايد ازاء السلطة والذي تراكم عبر السنوات الماضية علاوة علي الدور الذي لعبته وسائل الاعلام في تبصير المواطن والذي كان اكثر وعيا بالاحداث عن التعديلات السابقة، هذا إلي جانب أن التحصين السابق للدستور من التعديل وان كان غير مبرر إلا أنه كان يوجد شبه حالة من الاستقرار أما تعديل الدستور علي هذا النحو فقد كان اكثر استفزازا للمعارضة من بقائه علي النحو السابق فالإطاحة بالمواد الاشتراكية استفزت تيارات اليسار كما ان الاضرار بالحريات في التعديلات الدستورية استفز التيارات الليبرالية. ويري ابو العلا ان دور المعارضة في الفترة القادمة يجب ان يكون في فتح الباب للحوار للتوافق علي منهج دستوري يوحد كل قواها وذلك من خلال الاتفاق علي رأي واضح بشأن اربعة موضوعات وهي علاقة الدين بالدولة والنظام الاقتصادي والاجتماعي وتوزيع الصلاحيات والسلطات وأخيرا الأمن القومي المصري وهي الموضوعات التي يوجد فيها خلاف كبير في الوقت الحالي بين قوي المعارضة. اما عن المواطن المصري فيري أبو العلا ان هناك شرائح واسعة من المجتمع المصري كانت ترفض التعديلات بسبب زيادة الوعي السياسي في المجتمع المصري الا ان حالة الرفض لم تتطور إلي ممارسة ايجابية عملية لهذا الرفض ويعتبر أن دور المعارضة في الفترة القادمة يكون من خلال دفع هؤلاء المواطنن ليكونوا أكثر ايجابية. المعارضة مختلفة وفي المقابل يري د.عبدالمنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن حديث المعارضة علي أنه كانت هناك مقاطعة شعبية للاستفتاء علي التعديلات الدستورية كلام مبالغ فيه نظرا إلي أن المواطن المصري لن يشعر بوضع مختلف عن الوضع الذي اعتاد عليه من ذي ضعف الاقبال كان سببه سلبية المواطن المصري بشكل عام وأنه لا وجود لحالة احتقان شعبي كما يدعي البعض علي العكس فالتعديلات اتت في مرحلة اقتصادية جيدة نسبيا واستقرار لسعر الجنيه المصري وهو ما يوجد حالة من الاسترخاء والأمل الاقتصادي علي حد تعبيره. وعن مدي احباط المواطن المصري من التعديلات يقول سعيد إنه علي الرغم من اعتراضه الشخصي علي المادة 179 إلا أنه يري أن قبل وأن حياة المواطنين قامت علي شيء من التجني علي الحالة السياسية للمواطن المصري وذلك منذ ثورة يوليو لافتا إلي أنه هناك بالفعل آلاف المواطنين المسجونين بلا أحكام وفقا لمعلومات المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للدولة. أما عن الطبقة السياسية فيري سعيد أن المعارضة ستصاب بالاحباط بسبب هذه التعديلات إلا أن قوي المعارضة نفسها تختلف فيما بينها حول التعديلات فهناك خلاف بين التيارات الاسلامية والليبرالية حول علاقة الدين بالدولة وهو ما ظهر بوضوح أثناء النقاش حول المادة الثانية من الدستور كذلك هناك خلافات حول الحريات بين اليسار واليمين لافتا إلي أن المعارضة مازالت منفصلة بدرجة كبيرة عن الشارع المصري مشيرا إلي أن أكبر مشاركة في مظاهرات كفاية لم تزد علي 300 مواطن ويعتبر سعيد أن حالة الاعتراض علي التعديلات الحالية سيتم نسيانها وسط زخم الاحداث المحلية والدولية القادمة. الضمانات كما يري صلاح عيسي المفكر السياسي ورئيس تحرير جريدة القاهرة أنه كان هناك الكثير من الجوانب الايجابية في التعديلات الأخيرة وأن المعارضة بالغت في انتقاد التعديلات للحصول علي أكبر مكاسب للحريات وأن هذه الحالة ستنتهي باقرار هذه التعديلات إلا أنه يري أن الحزب الوطني يجب أن يكون حريصا علي تطبيق التعديلات بشكل لا يستفز المعارضة خاصة في المادتين المثيرتين للجدل 179.88 وبالنسبة للأولي يقول عيسي إنه شخصيا ضد اقحام القضاة في صميم العمل السياسي إلا أنه يجب أن يقدم النظام ضمانات للنزاهة والشفافية واشراف المجتمع المدني علي العملية الانتخابية كذلك بالنسبة للمادة 179 فيجب أن يحرص النظام ابان صياغته لقانون مكافحة الارهاب علي تعريف الارهاب بشكل واضح وعلي وضع حدود لسلطات المحققين مع المشتبه فيهم مشيرا إلي أن القانون الأمريكي يمنح الشرطة سلطة احتجاز المشتبه فيهم لمدة 3 أسابيع بدون إجراءات قضائية بعد ذلك لا يتم أي إجراء مقيد لحريته إلا بحكم قضائي كذلك يجب أن يظهر حسن النوايا بالافراج عن المعتقلين بدون حكم قضائي لاقناع الناس بانتهاء الطوارئ كما يشير إلي أن التعديل الخاص بعدم تأسيس حزب علي أساس ديني سيسحم الخلاف الدائر داخل جماعة الاخوان المسلمين حول البقاء كجماعة دعوية أو التحول لحزب مدني وهو سيكون تطورا ايجابيا في هذا الفصيل السياسي.