فيما ترقد المنطقة حاليا علي بحر من البارود وتخيم علي الأجواء تصعيدات الملف "الايراني الأمريكي" الذي أضيف إلي قائمة الصراعات في المنطقة قامت العالم اليوم "الاسبوعي" بمحاورة البروفيسور برانتلي ووماك أستاذ العلاقات الخارجية بجامعة فرجينيا الأمريكية حول أبرز القضايا التي تثيرها الأوضاع الحالية في المنطقة. وكان ووماك قد زار مصر قبل أيام لالقاء محاضرة بالجامعة الأمريكية حول الوضع الأمريكي في العراق. وقالها لنا صراحة الاستاذ الأمريكي بأن سياسات بوش تجعل أمريكا علي شفا أزمة مالية قوية، كما أوضح أن سياسات التطرف الأمريكي في أكثر من بقعة في العالم مردها إلي نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني باعتباره علي حد تعبيره نموذجا للتطرف العقائدي وأوضح أيضا أن واشنطن مسئولة أخلاقيا عن العنف المتصاعد في العراق.. وهكذا كان الحوار. * بداية نود أن نسألك عن قراءتك للوضع الأمريكي في العراق فمن ناحية خفضت بريطانيا مؤخرا عدد قواتها بالعراق في المقابل لم تؤد خطة الأمن القومي العراقي التي يشترك في تنفيذها القوات الأمريكية والحكومة العراقية إلي توقف عمليات التفجير؟ ** أولا بالنسبة للقرار البريطاني فهو يبدو بالطبع وكأنه يضعف الوضع الأمريكي في العراق لأنه صدر في نفس توقيت الاعلان الأمريكي عن ارسال قوات أمريكية اضافية للعراق ولكني أري أن بريطانيا مازالت أقرب الحلفاء إلي أمريكا فبريطانيا كانت تحتاج بالفعل لسحب جزء من قواتها كما أنه كان واضحا أنه من الصعب إثناء الادارة الأمريكية عن زيادة اعداد قواتها بالعراق أما بالنسبة لمسألة التفجيرات الارهابية فليس لدي معلومات كافية عن المسئول عن هذه التفجيرات وللأسف فإن تغطيات الصحافة الأمريكية لا تقدم لنا اجابة عن السؤال المطروح حول المسئول عن هذه التفجيرات ولاشك أن أمريكا مسئولة مسئولية أخلاقية عن ايجاد هذا الجو المتوتر وعن وقوع ضحايا ولو بشكل غير مباشر ولا يوجد أي مبرر يمكن قبوله في تعريض مواطنين أبرياء لهذه المخاطر لكن من الواضح أن الادارة الأمريكية الآن تميل إلي إلقاء المسئولية علي إيران. * هل تعتقد أن نتائج الصراعات الأخري في المنطقة كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو الاسرائيلي اللبناني تحسمها نتائج الصراع الأمريكي الايراني؟ ** بالطبع أي دولة في موقع إيران ستزيد من ضغوطها علي أمريكا بدعم حلفائها كحزب الله ردا علي العداء الذي تبديه أمريكا تجاهها ولكني لا أعتقد أن هجوما جديدا لإسرائيل علي حزب الله سيكون موفقا خاصة بعد الشعبية الكبيرة التي حظي بها بعد الحرب أما بالنسبة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي فهو علي الرغم من أنه يمثل أهمية كبيرة عند الأمريكيين ووجود حاجة ملحة لتغيير السياسات الأمريكية الحالية لاتخاذ سياسات أكثر فاعلية لانجاح جهود التوسط في هذا الصراع لا المح أي تغير في السياسة الأمريكية تجاه هذه الأزمة. * ما تعليقك عن المعلومات التي كشف عنها الكاتب الصحفي الأمريكي سيمور هيرش مؤخرا عن الاستعدادات الأمريكية لمهاجمة إيران؟ ** أنا اقدر جدا كتابات هيرش لأنها تنبه الرأي العام في المنطقة وفي أمريكا عن هذه المخططات قبل وقوعها وتزيد من ضغوط المعارضة للحرب كما أن كشفه الأخير عن توجهات لاشعال الصراع بين السنة والشيعة في المنطقة له أهمية بالغة أيضا لفتح هذه القضية في المنطقة والحيلولة دون وقوعها. * ولكن هل تعتقد أن الولاياتالمتحدة قادرة علي تحمل تكلفة حرب جديدة؟ ** بكل تأكيد لا فمن المرجح حدوث أزمة مالية في أمريكا بسبب استمرار فقد الدولار لقيمته لفترة طويلة مضت وهناك بالفعل مصاعب تواجه أمريكا لتوفير تمويل لنفقات العراق فكيف نستطيع أن نمول حربا جديدة؟ علاوة علي أن هناك عوامل أخري تعرقل قيام الحرب فالرئيس بوش فقد الكثير من قوته الناعمة بعد الخسارة التي مني بها الجمهوريون في انتخابات الكونجرس وسيبدأ الديموقراطيون في عمل تحقيقات طويلة المدي حول حرب العراق وهو ما سيزيد من حدة الانتقادات للحرب علاوة علي أن هناك الآن الكثير من الديموقراطيين والجمهوريين يعتذرون عن تأييدهم للحرب علي العراق وأود أن أشير هنا إلي أن السياسات المتطرفة التي اتبعتها أمريكا في المنطقة لم تكن بسبب الرئيس بوش نفسه فأنا أعرفه عن قرب لأنني من سكان ولاية تكساس التي كان حاكما لها قبل تولي الرئاسة والرجل كان واقعيا في تفكيره ولم يكن عقائديا ولكن المشكلة أنه تأثر كثيرا بأحداث 11 سبتمبر وكان بجواره ديك تشيني وهو مثال للعقائدي العتيق وهو الذي نصحه بالحرب علي العراق وأراه نموذجا للرجل الذي ليس عنده شيء ليخسره ويري الأمور الآن بنظرة أن حربا مزدوجة في العراق وايران هي الحل الوحيد للمشكلة الأمريكية في العراق. * ولكن استمرار الضغوط الأمريكية علي إيران يرفع من أسعار البترول.. فهل تتحمل أمريكا استمرار هذا الارتفاع أم تندفع للحرب؟ ** سعر البترول يرتفع لاحتمالية وقوع الحرب.. فما بالك بوقوع الحرب نفسها.. وهناك ضغوط كثيرة علي الاقتصاد الأمريكي فسعر الدولار ينخفض منذ عام 2001 بسبب حزمة سياسات بوش منها بالطبع حربه علي الارهاب ولكن وقوع حرب ضد إيران إلي جانب ضغط الطلب الصيني والهندي علي البترول سيرفع أسعار البترول إلي معدلات جنونية وسيضر الاقتصاد الأمريكي بشكل أكبر. * أجري مؤخرا اجتماعا بين سبع دول اسلامية في المنطقة وهي مصر والأردن والسعودية وباكستان وماليزيا واندونسيا وتركيا.. فهل هذا مؤشر علي ظهور تحالف جديد بالمنطقة؟ ** أري أنه نوع من التنسيق بين دول المنطقة وهو في هذه الحالة يكون مفيدا جدا للأوضاع فيها ودعني أعود بك إلي تجربة فيتنام فخلال هذه الحرب استشعرت دول جنوب شرق آسيا بالخطر ليس لأنه قد وقع عليها غزو بالفعل ولكن لوجود مخاطر أخري تتمثل في الاستخدام الواسع للقوة في المنطقة ومن أجل ذلك اجتمعت هذه الدول وشكلت منظمة دول جنوب شرق آسيا التي تجمعها الاهتمامات المشتركة ونجحت هذه المنظمة في أن تقلص بدرجة كبيرة فرص تصاعد العنف في هذه الدول بالرغم من أنها كانت مجموعة من الدول الضعيفة إلا أنها أوجدت آليات للتحاور بين قيادات المنطقة أكثر فاعلية وبالنسبة للشرق الأوسط فهو يشهد استخداما للقوة في المنطقة أيضا وتحتاج لايجاد آليات فعالة للتحاور لتحجيم فرص الصدام أما إذا كان هذا اللقاء الغرض منه تأسيس تحالف سني في مواجهة الشيعة فهذا بالتأكيد سيكون نوعا من التصعيد له آثار بالغة السوء علي المنطقة.