غلاء الأسعار وعبء الانفاق علي الأسرة اضطرا استاذا جامعيا ان يبحث عن عمل آخر يدر عليه المال لمواجهة لوازم الحياة! الاستاذ الجامعي المتخصص في تدريس الكيمياء لم يجد حلا سوي ان يفتح محلاً لبيع الأسماك وتنظيفها وقال إن عمله الجديد لا يقل شأنا عن وقوفه أمام الطلاب في مدرجات الجامعة.. عفواً حدث ذلك بالفعل في اليونان أما في مصر فالوضع لا يختلف كثيرا حيث خرج علينا الأسبوع الماضي المهندس سيد من مركز أطفيح الذي يعمل نهاراً مهندس مبان بالوحدة المحلية وليلاً.. عاملاً باليومية في رفع الطوب والرمل للمنازل والذي يدر عليه حوالي 300 جنيه ليواجه غلاء الأسعار الذي أكل كل دخله. والتضخم الذي يشهده السوق المصري وتقف الحكومة مكتوفة الأيدي إلا من اعلان نسبته والتي بلغت 12.4% في ديسمبر وفقا لتقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مقابل 12.2% في نوفمبر السابق عليه. ومع اعلان غرفة الصناعات الغذائية مؤخراً عن موجة جديدة من رفع الأسعار ستبدأ مع الشهر الحالي في المواد الغذائية نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية وقلة المعروض محليا كان لابد ان نتساءل من يوقف "سرطان" التضخم في ظل آليات السوق التي لم تقدر عليه؟! جاء في تقرير الرد علي بيان الحكومة الثلاثة الماضي والذي أعدته لجنة خاصة بمجلس الشعب برئاسة الدكتورة زينب رضوان والذي أكد علي ضرورة مواجهة ارتفاع الأسعار وحماية المستهلك وتحسين دخول الفئات الثابتة ومساندة محدودي الدخل وحمايتها من خلال وضع حد للزيادة المتوالية والعشوائية في أسعار السلع والخدمات الاساسية بعد ان فاق تصاعدها قدرات المستهلكين من محدودي الدخل وغيرهم وهو ما يتطلب مواجهة حاسمة لجشع التجار ومغالاتهم في هامش الربح واستقلالهم لقرارات رفع أسعار البنزين والسولار لرفع أسعار السلع دون مبرر حقيقي. واضاف التقرير انه لابد من مراجعة دور الدولة في الهيمنة علي الأسواق والتدخل المباشر في تسعير السلع لأن سيادة نظام الاقتصاد الحر لا يعني تخلي الدولة عن دورها في موازنة الأسعار ومنع المضاربة والتلاعب بها وضبط الأسواق. كما يؤكد التقرير أيضا علي ضرورة وجود قنوات لدي الدولة تستطيع من خلالها توفير كميات من السلع الاساسية للمواطن بأسعار تتحدي الاتجاه التصاعدي لأسعار هذه السلع والتصدي لأي نقص مفاجئ الأمر الذي يعني ضرورة الابقاء علي أكبر عدد ممكن من المجتمعات الاستهلاكية وعدم خصخصتها مع زيادة أعداد هذه المجمعات بحيث تغطي كل المحافظات والأحياء. تفاؤل عثمان ويدافع الدكتور أمين مبارك الأستاذ بهندسة القاهرة والرئيس السابق للجنة الصناعة بمجلس الشعب علي رد الحكومة قائلاً انه في اجتماع مع الدكتور عثمان محمد عثمان الاسبوع الماضي أكد ان أرقام التضخم سوف تقل بنسبة 6% خلال العام الجديد وخاصة مع زيادة أرقام الدخل القومي ومعدل النمو.. موضحا ان الرقم الذي أعلنت عنه الحكومة مقبول وخاصة في ظل التحول إلي آليات السوق واجراء الاصلاحات السياسية والاقتصادية وأكد ان دولة مثل روسيا بلغ التضخم بها 200% اثناء فترة التحول وكذلك البرازيل والمكسيك وهو ما يعني انه لا توجد هناك حدود آمنة لأرقام التضخم. واضاف الدكتور أمين مبارك ان الاتحاد الأوروبي نظراً لاقتصاده القوي لا يرتفع فيه مستوي التضخم عن 5% وهو ما يعني انه بعد نضج الاقتصاد المصري يمكن ان تسيطر آليات السوق علي التضخم بشكل فعال ومشيرا إلي أنه من المقبول في فترات التحول ان تصل أرقام التضخم ل 50% أو 60% وخاصة حينما يتم تخفيض قيمة العملة المحلية مثلما حدث في البرازيل وبعد استقرارها يأتي الانخفاض الطبيعي في مستويات التضخم. ويوضح الدكتور أمين مبارك ان الحد الفاصل في قضية التضخم هو معدل النمو فحينما يصل المؤشر لمعدلات النمو 7% و8% و9% وقتها يمكن السيطرة علي معدلات التضخم وهذا بخلاف ان يكون معدل نمو السكان بنفس معدل النمو الاقتصادي كما هو حادث في الحالة المصرية مستبعداً امكانية استخدام رفع سعر الفائدة علي الودائع كحل قصير الأجل لتقليل نسبة التضخم لأنه يؤثر علي نمو الصناعة وخاصة مع ارتفاع الفائدة علي القروض في نفس الوقت مؤكدا انها سلاح ذو حدين يجب التعامل معها بحذر شديد.