في مذكراته التي نشرها أخيرا جيرهارد شرويدر الذي أمضي سبع سنوات في منصب المستشار الألماني ابتداء من عام 1998 قال إنه كان يحلم بتحويل محور ألمانياوفرنسا إلي مثلث يضم بريطانيا أيضا ولكنه عندما غادر منصبه عام 2005 لم يكن معه في محوره إلا جاك شيراك الرئيس الفرنسي ولكنه نجح في أن يكون صديقه، مجرد صديق، مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين. وكان يعتقد أيضا أن فرنساوألمانيا يمكنهما قيادة أوروبا، ولكن بعد توسيع الاتحاد الأوروبي الذي أصبح يضم 25 دولة فإن هذا الأمل قد تلاشي تماما. وقد حاول منذ البداية إصلاح أوروبا وإلغاء سياسة الحماية الزراعية علي منتجاتها للسماح بتداول المنتجات الزراعية واستيرادها من الدول النامية وتفاوض مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك لإلغاء القيود التي تفرضها فرنسا علي واردات الدول النامية الزراعية ولكن فرنسا تمسكت بدعم إنتاجها الزراعي وحمايته من الواردات الأجنبية. واضطر شرويدر إلي أن يدخل في مفاوضات سرية مع شيراك في خريف عام 2002 لمنع إصلاح السياسة الزراعية للاتحاد الأوروبي ومرونتها وذلك تأييدا لسياسة فرنسا في هذا المجال. والغريب في الأمر أن وزراءه عارضوا هذه السياسة ولكنه تمسك بها. ومعني هذا أن أحلامه السياسية في أوروبا قد تلاشت علي الفور. ولكن كيف استطاع شرويدر أن يستمر في البقاء مستشارا لألمانيا؟ تقول المذكرات إنه فاز مرة ثانية بأغلبية ضئيلة لأنه تمسك بمعاداة الولاياتالمتحدة ومعارضة غزوها للعراق مع أنه وعد واشنطن بالتأييد. ولكن معارضته حرب العراق كانت الوسيلة الوحيدة للفوز في الانتخابات فالألمان بعد ما جري لهم في الحرب العالمية الثانية كانوا يريدون السلام ويؤيدونه. ومن هنا فإن شرويدر عندما ارسل قواته إلي أفغانستان فإنه اشترط ألا يشترك الجنود الألمان في أية معارك حقيقية ضد الطالبان. وقال إنه لم يهدأ أو يستريح خلال سبع سنوات في منصبه فقد تعاتبت عليه الأزمات المتتالية وكان مضطرا أن يوجه لها اهتمامه. ونسي شرويدر أن الزعيم الذي يصبح أسيرا وسجينا للأحداث فإنه لا يستطيع أن يكون سيد قدره ومصير أمته!!