الموافقة المبدئية لمجلس الشعب يوم الأربعاء الماضي علي التعديلات الدستورية بعد مناقشات ساخنة أثبتت أن هناك مرحلة جديدة ستبدأ في مصر بعد اقرار تلك التعديلات سواء علي المستوي السياسي أو الاقتصادي. فالمواد المراد تعديلها تنص في 11 مادة منها علي تحديد هوية الاقتصاد المصري ليكون اقتصادا حرا والغاء كل ما هو اشتراكي. والسؤال الآن: هل ستساهم تلك التعديلات في تحقيق الطفرة الاقتصادية المنشودة وتساعد في جذب المزيد من الاستثمارات والوصول بمعدل النمو إلي أرقام قياسية أم أن هناك مواد أكثر مطلوب تغييرها وأخري جديدة يجب اضافتها كي يكون دستوريا مواكب بالفعل للتطورات دخليا وخارجيا فالتعديلات الدستورية المقترحة في جوانبها الاقتصادية والسياسية لو تمت علي نحو صحيح ولا تفرغ من مضمونها مثلما حدث مع المادة 76 ستساهم حسبما يري خبراء الاقتصاد والاستثمار في تحسين مناخ الاستثمار وزيادة معدلات النمو وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية.. كما ستساهم أيضا في اصلاح أحوال الاقتصاد المصري بشكل جذري.. في حال تحسين مناخ الحريات والمناخ السياسي بشكل حقيقي وتعزيز استقلال القضاء وتمكين القضاة من الاشراف علي جميع مراحل العملية الانتخابية البرلمانية والرئاسية والمحلية. وشدد الخبراء علي ضرورة تفعيل مواد الدستور المقترحة في أرض الواقع وتأصيل الليبرالية الاقتصادية وتعزيز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة.. وتفعيل سياسات الاصلاح الاقتصادية.. من أجل الوصول للتنمية المنشودة داخلي وخارجيا فالاقتصاد المصري كما يقول السفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب مقبل علي تطورات مهمة تدعم مبادئ الليبرالية الاقتصادية وتعزز من انطلاقة القطاع الخاص في التنمية الشاملة.. موضحا أن التعديلات الدستورية التي تهدف لإلغاء النصوص التي تدعو للاقتصد الاشتراكي ووضع نصوص أخري تدعو لحرية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وكفالة حق الملكية بجميع أشكالها ستساهم بلا شك في تحسين مناخ الاستثمار وفي جذب المزيد من رءوس الأموال الأجنبية. وأشار جمال بيومي إلي أن مصر بهذه التعديلات الاقتصادية المهمة تكون قد طوت صفحة الاشتراكية وأصبحت ليبرالية التوجه وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمستثمرين والشركات الدولية الفاعلة في أسواق الاستثمار العالمية والاقليمية. ودعا د.محمود عبدالحي مدير معهد التخطيط السابق إلي ضرورة تفعيل مواد الدستور وتعزيز دور لبرلمان في الرقابة والمحاسبة وتدعيم استقلال السلطة الفضائية.. وتميكن القضاة من الاشراف علي جميع مراحل العملية الانتخابية موضحا أن كل هذا ستكون له آثار ايجابية علي الوضع الاقتصادي وعلي مناخ الاستثمار. وأضاف أن هذه التعديلات ستساهم في ايجاد بيئة جاذبة للاستثمار خاصة لو تمت علي نحو صحيح ولم تفرغ من مضمونها لأن المستثمر يريد الاقتصاد الحر ويبحث عن مناطق أكثر أمانا بالاضافة إلي مناخ سياسي وتشريعي مستقر. أمور مهمة ويتفق محمد عباس مساعد وزير الخارجية الاسبق وأحد المهتمين بالشأن الاقتصادي مع ما طرحه جمالي بيومي. وأشار محمد عباس إلي عدد من الأمور الأخري التي يمكن ان تساهم بشكل أو بآخر في تحسين مناخ الاستثمار والوضع الاقتصادي ومنها: إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بما يحقق مزيدا من التوازن فيما بينها.. وتدعيم تزويد المرأة بكل الطرق والوسائل.. وتعزيز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة.. وتبني نظام انتخابي أمثل يحدد مدتين للرئاسة، ويمكن المصريين في الخارج من خوض الانتخابات ولا يفرض حصارا علي الترشيح لمنصب الرئاسة وتداول السلطة، ويكفل فرص تمثيل الأحزاب بالبرلمان. مؤكدا: ضرورة ارتباط ضرورة ارتباط الاقتصاد الحر بالعدالة الاجتماعية. مناخ الحريات ومن جهته أكد د. حسن بخيت خبير القانون الدستوري والتشريعات الاقتصادية أن التعديلات الدستورية في جوانبها السياسية والاقتصادية لو تمت علي نحو صحيح ولم تفرغ من مضمونها مثلما حدث مع المادة 76 ستساهم في تحسين مناخ الاستثمار موضحا ان الدستور كان به أكثر من 11 مادة مشجعة للاقتصاد الاشتراكي، وغير ملائمة للأوضاع الاقتصادية المعاصرة، وبالتالي كانت معوقة للتنمية والاستثمار. مسئولية ثلاثية وأكد فاروق مخلوف الوزير المفوض السابق بالتمثيل التجاري بوزارة التجارة والصناعة.. ان التعديلات المقترحة شكلية وغير جوهرية.. وبالتالي لن تساهم في تحسين مناخ الاستثمار وفي النهوض بالاقتصاد المصري، وفي تحقيق حرية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية بشكل حقيقي. وشدد فاروق مخلوف علي ضرورة تغيير الدستور المصري بشكل جذري، مشيرا إلي ان تعديل ال 34 مادة لا يكفي لتصحيح مساره. وأشار إلي ضرورة ان ينص في الدستور علي مبدأ أساسي في التخطيط وهو ان تكون هناك خطة استراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لا تقل مدتها عن نصف قرن، توضع في إطارها خطة تنمية خمسية وبرامج التنمية السنوية.. ويمكن ان نستفيد كما يقول مخلوف من التجربة الماليزية التي نجحت نجاحا باهرا بسبب خطتها الاستراتيجية التي انتهت من تنفيذها في عام 2000.