عند فواصل الزمن يتوقف الإنسان لكي يتأمل ماذا جري في عام سابق؟ وماذا يأمل ويتوقع في عام جديد؟ ومثل أعوام سابقة حظي عام 2006 بتلك الوقفة كما نال 2007 مزيدا من التوقعات والآمال المعقودة عليه. وتنوعت الرؤي والأراء ما بين الايجابيات والسلبيات وما بين التفاؤل والتشاؤم. وإذا التقطنا بعضا مما حملته الصحافة عندنا ووسائل الإعلام في هذا الصدد فسوف نجد مجموعة من النغمات نذكر منها علي سبيل المثال ما يلي: 1- بعض خبراء المال والاقتصاد يرون أن عام 2006 كان عام نزيف الخسائر في البورصات العربية.. وأن المستثمرين يتطلعون لتعويض خسائرهم في عام 2007. 2- إن رجال المال والأعمال وخبراء الاقتصاد يرصدون تحسنا في مؤشرات الأداء الكلي في الاقتصاد المصري وزيادة في معدلات النمو وحجم الصادرات والاستثمارات الاجنبية المباشرة.. والبعض يرصد رغم ذلك ارتفاعا في مستويات الاسعار والحاجة الي تفعيل آليات ضبط الأسواق وحماية المستهلك والاستمرار في تحسين مناخ الاستثمار.. وأن مشكلة البطالة مازالت هي المشكلة المؤرقة رغم ما تم توفيره من وظائف خلال عام 2006.. والكل يتطلع لأن يكون عام 2007 أكثر حظا في توفير مزيد من فرص العمل للشباب وفتح مجالات وآفاق جديدة أمامهم. 3- والبعض يرصد الانتصارات الكبري للنادي الأهلي محليا وإفريقيا ودوليا كما يشير في نفس الوقت الي الانتكاسة الكبري لنادي الزمالك القطب الثاني للكرة في مصر.. وما بين هذا وذاك يطرح السؤال هل تقدم مستوي الرياضة في مصر حقا؟ وهل كان الحزب الوطني الديمقراطي علي حق عندما افرد لجنة لشئون الرياضة في بنائه التنظيمي.. وماذا عن الرياضات الأخري بخلاف كرة القدم هل ظلمناها أم ظلمتنا أم أن الدنيا أصبحت لا تهتم إلا بالكرة في الأقدام؟ 4- الصحف طالعتنا أيضا بأنباء عما ورد في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات من ملاحظات بل وتساؤلات واحيانا اتهامات لابد أن تؤخذ بجدية منا جميعا وأن يكون موقفنا فيه من الايجابية ما يكفي للرد علي تساؤل لبعض الصحف بأنه هل صحيح أن المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات يؤذن في مالطة فالملاحظات واوجه القصور تتكرر من عام الي عام دون أن تجد - كما يري البعض- العلاج الناجع وكأننا نداوي بعض الأعراض ولا نعالج الأمراض. 5- ما أثير حول صفقة الدم الملوث التي أوصت اللجنة الفنية بالمركز القومي لنقل الدم برفضها بعد ثبوت فسادها ولكن إدارة شئون الدم قبلت توريدها من الشركة المستوردة والموضوع مازال محل الجدل والنقاش.. وهل حقا ثبت فساد الصفقة وإذا كان هذا صحيحا فكيف قبل توريدها من حق الناس أن تسأل وعلي الجهات المختصة أن تجيب بشفافية وجدية. 6- تقرير نشرته بعض الصحف يقول إن المستشفيات عندنا انتجت خلال عام واحد 330 ألف نوع من الملوثات الخطرة علي البيئة وعلي الصحة العامة وأنه تم التخلص منها بطريقة خاطئة.. وان هناك مشكلات عديدة تواجه عملية تدوير المخلفات الزراعية والصناعية.. وكان الله في عون وزارة البيئة التي يبدو أنها تؤذن في مالطة. 7- تقرير آخر يشير الي تعرض الأراضي الزراعية في الدلتا لتدهور الخصوبة بسبب عمليات تلوث المياه السطحية والجوفية والغرف والتمليح وغيرها من الاسباب وان لدينا أكثر من خمسة ملايين فدان تعاني من نقص الخصوبة في بلد يعاني من ارتفاع الخصوبة في الانجاب.. فهل نترك أمنا الأرض الزراعية تتدهور خصوبتها ونظل سعداء بارتفاع خصوبة الانجاب وعجبي!! 8- المجلس القومي لحقوق الانسان يستعد لاصدار تقريره الجديد قبل اعادة تشكيله ومازال السؤال المطروح علي مدار سنوات عمل المجلس كيف يمكن العمل علي زيادة فعالية دوره.. وهل القضية تتعلق بالتقارير التي تصدر عنه دون ان يصاحبها إعلان كاف بما فعل ويفعل المجلس حتي يري المواطن العادي ما له من دور مهم في مجال حقوق المواطنة. 9- أما النقطة قبل الأخيرة فتتعلق بتطور جديد لمنظمات المجتمع المدني من خلال تكوين جمعيات أهلية لمحبر العلم والعلماء ويمتد عملها الي رعاية الطلاب النابغين.. وايضا ما نشر حول عودة عالم مصري من أوروبا تاركا المال والشهرة لكي يحقق حلم عمره في وطنه مصر وهو النهوض بالبحث العلمي.. والسؤال كيف نستطيع مساعدته في تحقيق حلمه وحلمنا.. كما حملت الصحف موافقة مجلس جامعة الزقازيق علي تخصيص نصف مليون جنيه لمنح جوائز للابحاث المتميزة بكليات الجامعة ونشرها في اطار ضوابط معينة. 10- والموضوع الذي نختتم به ويمثل بالصدق والواقع تطورا حاسما في حياة هذا الوطن الممتد في اعماق التاريخ هو الاصلاح الدستوري الذي أعلن عنه وعن أهدافه ومواده وتوجهاته.. والتي يجب أن تنال حظا ملائما من المناقشة الجادة التي اشار اليها الاستاذ الدكتور أحمد كمال أبوالمجد في أهرام السبت السادس من يناير تحت عنوان نحو مناقشة جادة للتعديلات الدستورية. تلك عشر نقاط أو محاور التقطتها من هنا وهناك تجمع بينها قواسم مشتركة، أهمها انها تمثل ترجمة لطبيعة تحرك المجتمع نحو الافضل شخص فيها بعض اوجاعه وربما بقصوي، ولكن ذلك من أجل ان تستقر خطاه في اتجاه المستقبل بعزيمة أمضي وإرادة أقوي.. كما أن تلك الرؤية التي يمكن أن تستمد من تلك النقاط تأتي تأكيدا لقاعدة أساسية وهي أن المشكلات والمحن لا يمكن أن تقضي علي روح الأمة أو تمنع تقدمها نحو المستقبل فنار المحنة لا تحرقها إنما تساعد علي نضوجها. كل ما نرجوه في عام جديد أن تتصاعد المشاركة المجتمعية وأن نرقي بها الي المناقشة الجادة التي تنير الطريق وتعيد المسيرة نحو نهضة كبري نستحقها ونعمل من اجلها.