عندما أعلنت أرقام مبيعات السيارات في السوق الأمريكي خلال شهر يوليو الماضي أسفرت هذه الأرقام عن حدوث تطورين تاريخيين أولهما هو أن مبيعات تويوتا فاقت مبيعات فورد التي أعلنت تخفيضا كبيرا في حجم إنتاجها خلال الربع الأخير من العام الحالي، أما التطور الثاني فهو أن مبيعات هوندا فاقت مبيعات ديملر كرايزلر لأول مرة حيث قفزت هوندا لتحتل المركز الرابع في السوق الأمريكي من زاوية حجم المبيعات. وتقول مجلة "فورتشن" إن صعود هوندا وتراجع كرايزلر يعد درسا مهما في التخطيط القصير الأمد والتخطيط الطويل الأمد.. فهوندا تتفاخر بأنها بدأت في العمل من أجل خفض استهلاك سياراتها من البنزين منذ 40 سنة كاملة عندما كان ثمن برميل البترول لا يتجاوز 3 دولارات.. وهذا جعلها تظل سنوات طويلة عاجزة عن ملاحقة منافسيها الذين انطلقوا في تطوير سياراتهم بغض النظر عن مدي نهمها لاستهلاك البنزين. أما الاَن بعد أن أصبح سعر جالون البنزين 3 دولارات فقد أقبل المستهلكون علي شراء سيارات هوندا الاقتصادية جدا في استهلاك الوقود. وفي حين هبط إجمالي مبيعات السيارات في السوق الأمريكي خلال شهر يوليو بنسبة 17.4% فإن مبيعات هوندا زادت بنسبة 6% خلال الشهر نفسه وكان الإقبال مميزا بشكل خاص علي السيارة هوندا سيفيك الصغيرة والسيارة "ساب كومباكت". ولا شك أن رواج سيارات هوندا في السوق الأمريكي قد انعكس علي مبيعاتها في باقي الأسواق ولذلك أعلنت شركة هوندا زيادة مبيعاتها 14.8% في الربع الأول من العام في حين قفزت أرباحها الصافية بنسبة 29.6% لتصبح 1.2 مليار دولار. وعلي العكس من ذلك نجد أن مبيعات كرايزلر قد تراجعت لأنها لم تهتم باقتصاديات الوقود وإنما اهتمت بالفخامة وباستخدام محرك نهم لشرب البنزين من طراز V-8.. وقد حدث ذلك علي الرغم من حملة الإعلانات التي قامت بها كرايزلر وتكلفت حتي الاَن نحو 100 مليون دولار. والنتيجة النهائية كما تذكرها مجلة "فورتشن" هي أن أرباح التشغيل في كرايزلر هبطت بنسبة 91% في الربع الثاني من العام الحالي كما صارت الشركة عرضة لأن تخسر نحو 600 مليون دولار في الربع الثالث. والدرس الذي نخرج به هو أن القرارات الرديئة يكون لها تأثير طويل الأمد، ففي حين تواصل هوندا التركيز علي اقتصاديات الوقود نجد أن كرايزلر لاتزال تنتج سيارات بمحركات تقليدية ولذلك فإن الأولي سوف تستمر في التقدم في حين لا يعلم أحد متي سوف تستطيع الثانية أن تسيطر علي ما صارت تتعرض له من نزيف. كما أن سعر سهم هوندا سيواصل صعوده في البورصة في حين ل يتوقف سعر سهم كرايزلر بسهولة عن التراجع.