بعد أن خسرت مرسيدس 950 مليون يورو في الربع الأول الجناح الألماني ل "ديملر كرايزلر" يترنح وجناحها الأمريكي يعود إلي الرواج برلين نيوزويك: تنقسم شركة السيارات العملاقة ديملر كرايزلر حاليا إلي جناحين أحدهما صحيح ونابض بالحياة والاَخر يعاني من الاختلال.. فالجناح الأمريكي للشركة "كرايزلر" الذي كان ذات يوم بالوعة للنقود قد أصبح رائجا بامتياز.. وبعد سنوات كانت تقف فيها كرايزلر علي حافة الإفلاس بما في ذلك خسارتها 3.5 مليار يورو عام 2001 تحولت اليوم لتصبح قوية ومعافاة تماما.. وبينما تخسر الشركات المنافسة مثل فورد وجنرال موتورز في نصيبها من السوق تحقق كرايزلر مكاسب في هذا المجال عبر ستة أرباع متوالية كما ربحت 250 مليون يورو في الربع الأول من العام الحالي.. ومنذ أيام أعلنت كرايزلر زيادة 9% في مبيعاتها خلال شهر ابريل من موديلاتها الشعبية مثل سيدان 300 ودودج فايبر. ويحدث ذلك كما تقول مجلة "نيوزويك" في حين تعاني مرسيدس بنز الجناح الأوروبي لشركة ديملر كرايزلر من اضطراب عميق.. فالمبيعات تنخفض والمستهلك يفقد ثقته في جودة سياراتها بعد أن اضطرت مرسيدس في مارس الماضي إلي استرجاع 3.1 مليون سيارة من سيارتها السيدان الفئة E لعيوب صناعية في بطارياتها وأجهزة الدينامو الخاصة بها وقد خسرت مرسيدس في الربع الأول من العام الحالي 950 مليون يورو. ومن المؤكد أن اَخر شيء كان يتوقعه المرء هو أن تقوم كرايزلر بسحب مرسيدس وليس العكس.. وعموما فليست هذه هي أول مرة تخطئ فيها التوقعات التقليدية بشأن اندماج كبير في حجم ديملر كرايزلر الذي بلغت قيمته 38 مليار دولار والذي لا يزال يعد واحدا من أكبر الاندماجات في عالم الصناعة. ومن ناقلة القول إن هذا الاندماج التاريخي قد عاني في البداية بسبب مشاكل كرايزلر ثم عاني أيضا من اقتران ديملر كرايزلر بشركة ميتسوبيشي وهي علي وشك الإفلاس والاَن يعاني هذا الاندماج من مشاكل مرسيدس ذاتها وهي مشاكل ناجمة دون شك عن سوء تقدير غير مسبوق وقعت فيه قيادة الاندماج. لقد وصف يورجين شريمب الرئيس التنفيذي لديملر كرايزلر هذا الاندماج بأنه اندماج من صنع السماوات وبارك الجميع هذا الوصف معتبرين اندماج ديملر كرايزلر عملا يبلغ مرتبة الكمال ونموذجا للتعاون والتنوع العولمي. ويقول يورجين بيبر محلل أسهم السيارات في ميتسلر إنفستمنتز بفرانكفورت إننا كنا جميعا معصوبي العينين وظننا أن واحد زائد واحد يمكن أن يكونا ثلاثة ولكن ما حدث أن النتيجة جاءت أقرب إلي الصفر حيث خسرت شركة الاندماج أكثر من نصف قيمتها السوقية التي كانت عليها في عام 1998.. والسؤال الاَن هو: كيف أخطأ الخبراء التقدير إلي هذه الدرجة؟ تقول "نيوزويك" إن مرسيدس وكرايزلر في لحظة الاندماج كانتا في ذروة دورة الإنتاج والسوق وكانت كرايزلر قد خرجت لتوها من دائرة خطر الإفلاس التي دخلتها في مطلع التسعينيات ولكنها سرعان ما عادت إلي تحقيق الخسائر من جديد. والحقيقة أن ما تعرض له الاندماج الكبير بين مرسيدس وكرايزلر ليس فريدا من نوعه فهناك أيضا الاندماج الذي تحول إلي كارثة بين AOL وتايم وارنر كذلك فهناك اندماجات أخري حدثت بنجاح في عالم السيارات مثل اندماج فولكس وأودي واندماج رينو ونيسان ومعني ذلك أمرين أولهما أن حكم السوق لا يكون دائما هو الحكم الصائب.. وثانيهما أن الورق وحده لا يضمن نجاح الاندماج بل لابد أن ينجح الاندماج في الواقع العملي.