تجتمع اللجنة القومية العليا لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خلال أيام لبحث ادخال تعديلات جديدة لقانون مكافحة غسل الأموال تستهدف التوسع في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تهدد الاقتصاد العالمي. ومن أبرز هذه التعديلات إضافة جهات جديدة للجهات التي يخول لها القانون الكشف عن هذه النوعية من الجرائم، ويأتي في مقدمة هذه الجهات مكاتب المحاسبة والمراجعة ومحلات بيع الذهب. وفي الوقت الذي رحب فيه كثيرون بالتعديلات المقترحة، اعتبر مسئولو مكاتب المراجعة والمحاسبة أن قرار ضم مكاتبهم إلي المؤسسات المنوط بها الكشف عن وجود جرائم غسل أموال، يخالف المعايير والأخلاقيات المتعارف عليها في مهنة المراجعة والمحاسبة المالية، والتي تقتضي السرية الكاملة والحياد كأساس للعمل، مشيرين إلي أن العمل بموجب قانون غسل الأموال سوف يحد من نشاط مكاتب المحاسبة ويضع قيودا علي عملها. وطرح المسئولون عن مكاتب المراجعة والمحاسبة العديد من التساؤلات حول طبيعة الدور الجديد الذي يلعبه مكتب المحاسبة في مثل هذه الحالات والأدوات التي يستخدمها، مطالبين بضرورة وضع آلية عمل تضمن عدم التأثير علي مصداقية وصورة مكاتب المحاسبة لدي عملائها. أخلاقيات المهنة محمد عادل طموم مدير مكتب طموم للمراجعة والمحاسبة يؤكد بداية أن إضافة مكاتب المحاسبة إلي الجهات المنوط بها الإبلاغ عن عمليات غسل الأموال يتعارض مع المعايير المتعارف عليها في سلوك وآداب مهنة المحاسبة، مشيرا إلي أن السرية هي أساس العمل المحاسبي وأهم أخلاقياته. ويبدي طموم دهشته من مطالبة مكاتب المحاسبة بالتحري عن جرائم غسل الأموال في الوقت الذي مازالت فيه ملفات تجار المخدرات مفتوحة أمام مصلحة الضرائب ويخضعون لفحص ضريبي كأي تاجر مشروع. ويمضي قائلا: من الممكن أن يشك المراجع في مستند معين ويطلب توضيحا، وإذا لم يحصل علي التفسير الموثق يذكر ذلك في التقرير، لكن لا يعقل أن أذهب لعميل وأفحص ملفاته وميزانياته ثم أبلغ عنه، فمكاتب المراجعة والمحاسبة ليست جهة للتحري والإبلاغ ولا يليق بها ذلك. ويضيف إذا كان المراجع ينظر في ميزانية عبارة عن إيرادات ومصروفات وكلاهما موثق بمستندات فما دور المحاسب في معرفة مصدر الأموال إذا كان حشيشا أو مخدرات أو غير ذلك. سمعة المكتب لكن محمد فؤاد المدير التنفيذي للمكتب المصري للمراجعة والمحاسبة وزميل جمعية المراجعين والمحاسبين المصريين يري أن في حالة وجود عميل للمكتب يشتهر بممارسة نشاط غير مشروع فإن التصرف الطبيعي هو أن يعتذر المكتب عن عملية القيام بمسئولية مراجعة ميزانياته، ولو تبين من خلال الفحص وجود شبهة أعمال غير مشروعة فإن القانون يجيز للمحاسب الاعتذار. وفي كل الحالات والكلام لفؤاد لا يمكن الإبلاغ عن العميل أو كشف حساباته لأن ذلك خيانة للمهنة، وخروج علي الأخلاقيات المتعارف عليها، مشيرا إلي أن عملية الفحص والمراجعة تخضع لمعايير مصرية ودولية ومبادئ محاسبية معروفة تنتهي إلي إبداء الرأي في القوائم المالية والميزانيات المعروضة علي دفاتر ومستندات وأرصدة نقدية، ولسنا رجال شرطة أو مخبرين أو جهات كشف مخلفات قانونية. ويشير إلي أن المكتب يتعامل مع عملاء منذ 40 عاما وهم معروفون بالنسبة للمكتب ويمتازون بالسمعة الطيبة، كما أن المكتب ليس مضطرا لفحص ميزانيات عميل غير حسن السمعة، لأن ذلك يسئ لمكتب المحاسبة. وألمح فؤاد إلي أن المعايير المحاسبية المصرية تعد من أفضل المعايير المعمول بها والمتفق عليها محليا ودوليا، وهي تجيز للمحاسب في حالة وجود حركة غير طبيعية في الحسابات الخاصة بالشركة أو الجهة التي تخضع للفحص، ولا يقدم التفسير اللازم لها، أن يمتنع عن التوقيع علي الميزانية، كما له أن يكتب في التقرير النهائي أي ملاحظات علي القوائم المالية، لكن ذلك لا يتضمن الإبلاغ أو "شغل المخبرين" علي حد قوله. تطفيش العملاء أما حسين السبعي نائب المدير التنفيذي للمكتب الحديث للمراجعة والمحاسبة، فيتساءل عن نوع الرقابة التي سيتم توقيعها علي مكاتب المحاسبة، وكيفية العمل في ظل هذه الرقابة، مشيرا إلي أن طبيعة العمل المحاسبي تستلزم الوقوف علي الحياد، وكذا عدم التعرض لأي ضغوط من أي نوع.