لم يكن لقاء عباس أولمرت في البتراء بالاردن في الثاني والعشرين من الشهر الحالي لقاء رسميا وانما مجرد لقاء تعارف وبالتالي لا يشكل بأي حال العودة الي طاولة المفاوضات واذا كان اللقاء هو الاول منذ انتخاب ايهود اولمرت في الثامن والعشرين من مارس الماضي رئيسا لوزراء اسرائيل الا انه جاء علي هامش مؤتمر الحائزين علي جوائز نوبل الذي استضافته الاردن يوم الخميس الماضي، ولم يتطرق الي اية تفاصيل عن آخر المستجدات حول الوضع في المناطق الفلسطينية المحتلة. وكان اولمرت قد اوضح قبل ذلك بأن ترتيب لقاء مع عباس ليس بالامر السهل مشيرا الي انه حتي الان لم تتم مناقشة تفاصيل اللقاء في الجانب الاسرائيلي ولم تتم اتصالات مع الجانب الفلسطيني. ولكنه اقترح عباس الذي توصل منذ سنوات الي ان "الارهاب لا يعود بالفائدة علي الشعب الفلسطيني" وان عباس كما يقول اولمرت مازال صادقا في معارضته لجميع اشكال "الارهاب الفلسطيني الذي جلب الويلات لشعبه" لقاء تعارت... تزامن لقاء عباس اولمرت مع تصريحات الاخير بأن اسرائيل ستمضي قدما في غاراتها علي غزة رغم مقتل المدنيين ومع تهديدات الجنرال اليعازر سكيدي قائد سلاح الجو لاسرائيل بشن غارات جديدة علي غزة ومع استمرار مجازر اسرائيل ومع رفض اولمرت اجراء تحقيق دولي في مذبحة الشاطئ في غزة في التاسع من الشهر الحالي التي أودت بحياة ثمانية مدنيين هذا فضلا عن سقوط احد عشر طفلا من جراء غارات اسرائيل التي لم تتوقف خلال الايام الماضية. ولكن ولان عباس بدأ متكالبا علي لقاء اولمرت تم اللقاء علي مائدة الافطار التي اقامها عاهل الاردن الملك عبد الله للمشاركين في المؤتمر الثاني لحاصلين علي جائزة نوبل.. ظهر عباس ككومبارس بينما ظهر اولمرات كبطل متوج وضمت المائدة "شيمون بيريز" و"أيلي ويزل" الصهيوني المتعصب رئيس جمعية إيلي ويزل. لقاء لا بد منه! كان غريبا وسط نزيف الدم الفلسطيني في غزة ان يلتقي عباس بأولمرت.. أي ان مذابح اسرائيل لم تثنه عن اللقاء والحصار التجويعي المفروض علي الفلسطينيين لم يردعه عن مقابلة "اولمرت". وعلي النقيض بدا عباس متهالكا علي لقاء اولمرت رغم تصريحات مكتب الاخير بأن اللقاء غير رسمني وانه مجرد لقاء شكلي ولا علاقة له بأي تفاوض. لقد اخطأ عباس في حق الفلسطينيين وحق نفسه كرئيس للسلطة الفلسطينية عندما انبري يحرض ضد حماس ويحملهامسئولية الازمة الراهنة الناجمة حسب قوله عن رفض حماس منذ البداية لقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية وخريطة الطريق وكأنما اراد بذلك ان يعفي اسرائيل من ايه مسئولية! عباس لايدين إسرئيل... لم يشأ عباس ان يدين مذابح اسرئيل اليومية ضد شعبه ولم يشأ ان يستنكر الحصار التجويعي الذي تفرضه اسرائيل وامريكا ولم يدن غلق المعابر وتعطيل الحياة اليومية لابناء شعبه ولم يدن الاجتياحات الاسرائيلية اليومية لغرة والضفة ونسف البيوت علي رؤوس من فيها. نسي عباس او تناسي الاطفال الفلسطينيين ممن يتم حصدهم يوميا اما بالمذابح الاسرائيلية او بسبب الحصار وفقدان الرعاية الصحية، فقد تسبب الحصار في نقص حاد في الادوية والاجهزة الطبية. ورغم ذلك كله لم يندد عباس بجرائم اسرائيل علي النحو الذي ندد فيه بعملية "سامي حماد" العدائية وتل أبيب في السابع عشر من ابريل الماضي التي وصفها بانها عملية حقيرة! علام الهرولة إلي الاردن؟! تجاوز عباس الحدود واعطي لنفسه الحق في ان يتحدث نيابة عن حماس ويقول علي لسانها بوجود مؤشرات تنبئ عن اعترافها بإسرائيل وقبولها بمشروع الدولتين. كان الاجدر بعباس الا يهرول الي الاردن للقاء اولمرت سافك الدم الفلسطيني. وكان الاجدر بعباس الا يقبل دعوة الاردن له وهي الدولة التي الغت زيارة محمود الزهار- وزير الخارجية الفلسطيني- التي كانت مقررة في التاسع عشر من ابريل الماضي متذرعة بدعوي اتهام حماس بتهريب اسلحة للاردن. بالاضافة الي انها منعت وزير الاقتصاد الفلسطيني من دخول اراضيها للمشاركة في اجتماعات صندوق الاستثمار الفلسطيني، بينما منعت اسرائيل وزير المالية الفلسطيني من مغادرة الاراضي الفلسطينية للمشاركة في المؤتمر نفسه. بديهيات غابت عن عباس... فرح عباس بالوعد الذي منحه اولمرت له بعقد قمة بينهما خلال الاسابيع القليلة القادمة وسارع فصرح بأن التحضير لهذه القمة سيبدأ من الاسبوع الحالي. وغاب عن عباس ان اولمرت يمضي قدما في تنفيذ خطته الاحادية ويردد ما سبق وتعهد به من المضي قدما في اعادة تشكيل خريطة المستوطنات الاسرائيلية في الضفة من جانب واحد اذا خلص الي عدم وجود شريك لاجراء محادثات السلام. وغاب عن عباس ان اولمرت استنكف كثيرا ان (يحقق له حلمه) ويلتقي به علي مائدة المفاوضات! وان اولمرت مازال يصنف عباس علي انه لا يستحق ان يكون شريكا يجلس معه علي مائدة التفاوض لا سيما بعد أن وصفه بأنه ضعيف وعاجز .. غاب عن عباس ان اولمرت لا يريد اصلا الدخول في حلبة التفاوض لانه لا يريد السلام. وحري بعباس الا يبني الاحلام علي لقائه الاخير برئيس الوزراء الاسرائيلي، فحتي اذا التقاه ثانية فلن يسفر اللقاء عن ايه نتائج ايجابية تصب في مصلحة الفلسطينيين.