بعد غد الاثنين يجتمع ستون مثقفا مصريا من قمم العقول الكبيرة لاختيار خلاصة المكرمين بعد رحلة عمر مبدعة لجوائز مبارك، وجوائز الدولة التقديرية، والتشجيعية والإبداعية. وسيتم هذا في المجلس الأعلي للثقافة، برئاسة الفنان فاروق حسني. والناظر إلي قائمة الاسماء سوف يجد شخصيات ما أن تتذكرها حتي يمتلئ القلب بالفرح، فهم عمالقة كبار، وقليل من الاسماء هم من ألحوا علي جامعاتهم كي ترشحهم، فهم من محترفي الحصول علي الترشيحات من مواقع الترشيح، ومنهم من يحترف التربيط والإلحاح، حتي تكاد ان تسمع انين الاعضاء في المجلس الأعلي للثقافة من فرط هذا الإلحاح. وقد زاد الانين هذا العام بعد ان صار عدد المثقفين غير كبار موظفي وزارة الثقافة هم الأكثر عددا، وبذلك زاد من سيطلبهم هؤلاء المحترفون. ومن يرقب اسماء أعضاء المجلس الأعلي الجدد علي وجه التحديد سيكتشف صعوبة الإلحاح عليهم، فكل منهم علامة فارقة في الضمير المصري المعاصر، فمن ذا الذي يجرؤ علي أن يأخذ صوت العلامة أحمد مستجير دون ان يستحقه، ومن ذا الذي يستطيع ان يلين رأس سلامة أحمد سلامة كي يعطي صوته لمن لا يستحقه؟ نحن امام خريطة جديدة للجوائز لن تتيح لمن لا يستحق أن يأخذ حقا ليس له، فضلا عن الواقع الثقافي المصري كشف في السنوات السابقة بما لا يدع أي مجال لأي شك أن من يحصل علي الجائزة قافزا عليها، أو هابطا بالعلاقات العامة يعاني من مرارة الفضيحة أكثر مما يفرح بالجائزة. خبرة الواقع الثقافي المصري المعاصر جعلت هذه المسألة صعبة للغاية. كما أن المرشحين لهذا العام يضمون أسماء متميزة، ما أن يقرأها الإنسان حتي يواجه سؤالا من أعماقه هو "كيف لم يحصل فلان علي جائزة من جوائز الدولة؟". ان جائزة مبارك أو جائزة الدولة التقديرية تتوج تاريخ صاحبها، ومن المؤكد أن جائزة الإبداع تحطم جمود المسار التقليدي الذي يتحكم في كيفية الدخول الي التسابق، لأن الإنسان قد يتقدم اليها بنفسه دون لف أو دوران. من المؤكد ان جلسة الاثنين القادم تمثل نقلة نوعية هائلة في مجال التفوق الفني والأدبي، وإن كنت أحلم أن تضم الجائزة فرعا جديدا في الإبداع، وأعني به فرع الإبداع التليفزيوني خصوصا، وأن أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبد الرحمن، ومحمد جلال عبد القوي ويسري الجندي قد أسسوا أو تربعوا علي عرش هذا المجال الجديد، ولم نضع للفرع الذي أبدعوا فيه جائزة للتكريم الحقيقي. مبروك للفائزين في مباراة تقييم حقيقية، لن تنجح فيها أي تربيطات أو ضغوط. منير عامر