إكرام يوسف: تتردد في قطاع الطاقة العالمي عبارة شاعت علي نطاق واسع تقول عندما تتحدث شركة "جازبروم" الروسية يتعين علي الغرب ان ينصت ويبدو ان هذه العبارة كانت حاضرة بقوة في اروقة اجتماعات القمة الاوروبية الروسية يوم الخميس الماضي 25 مايو في منتجع سوتشي الروسية الواقعة علي البحر الاسود فقبل انعقاد القمة نسبت وكالة انباء انتر فاكس الروسية الي مصادر مطلعة قولها: ان المباحثات تتركز بصورة اساسية علي مناقشة العلاقات الثنائية وقضايا الطاقة والمسائل الاقليمية المتعلقة بالملف النووي الايراني والتسوية في الشرق الاوسط اضافة الي الوضع في كل من افغانستان والعراق وجمهوريات يوغوسلافيا السابقة. غير ان التوتر بين روسيا التي تؤمن 26% من احتياجات الاتحاد الاوروبي للغاز الطبيعي واوروبا التي تسعي الي تنويع مصادرها فرض البحث في قضية امن الطاقة في هذه القمة السابعة عشرة بين الجانبين وهنا كان لابد ان تتحدث "جاز بروم" فهذه الشركة التي تهيمن عليها الحكومة الروسية لم يعد يكفيها كما يري الاوروبيون انها تورد اكثر من ربع احتياجات اوروبا من الغاز الطبيعي وانما باتت تطمح الي المزيد من السيطرة علي السوق. وأبدت دول الاتحاد الاوروبي خلال القمة قلقها ازاء ما تعتبره مطامع هائلة لشركة "جاز بروم "في قطاع الطاقة الاوروبي؛ فالشركة التي تعتبر ثاني اكبر شركات الطاقة في العالم بعد عملاق الطاقة الامريكي اكسون موبيل تسعي الي الهيمنة علي كبري شركات توزيع الغاز الطبيعي في قلب الاتحاد الاوروبي نفسه وبالطبع رأت اوروبا في ذلك تهديدا لأمنها القومي والاقتصادي خاصة بعد ان اصبحت "جاز بروم " من الضخامة لدرجة ان قيمتها السوقية بلغت مائتين وستة وستين مليار دولار. وتمثل التحرك الاوروبي المضاد لمساعي "جازبروم" في مطالبة روسيا بأن تسمح للشركة الاوروبية باقتحام قطاع شبكات انابيب تصدير الغاز الروسي بهدف الحد من النفوذ الاحتكاري لجاز بروم وقالت مفوضة الاتحاد الاوروبي للشئون الخارجية اذا كانت "جازبروم" مثلا تود الانفتاح علي الآخرين فانني اعتقد انه من الاهمية بمكان ان تتمتع شركاتنا وامكانياتنا ايضا بهذا الانفتاح خاصة فيما يتلعق بالبنية الاساسية الخاصة المتعلقة بقطاع الغاز. تطمينات غير كافية الا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ترأس بلاده حاليا مجموعة البلدان الصناعية الثماني نجح من خلال قمة سوتشي - التي لم يكتب لها النجاح - في وضع مسألة امن الطاقة في قلب جدول اعمال اجتماع مجموعة الثماني المقبل في سان بطرسبرج حذر الاتحاد الاوروبي من انه لن يسمح للشركات الاوروبية بدخول قطاع شبكات انابيب الغاز الا اذا سمح الاتحاد لجاز بروم باقتحام قطاع توزيع الغاز الطبيعي الاوروبي. وحرص بوتين الذي يسعي لتعزيز مكانة بلاده عالميا علي تهدئة المخاوف الاوروبية بشأن استمرار امدادات الطاقة حيث اوضح ان بلاده لن تجعل السوق الصينية بديلا عن السوق الاوروبية وقال بوتين روسيا تنظر الي الاتحاد الاوروبي باعتباره شريكها الدولي الرئيسي مضيفا ان بناء خط انابيب شمال اوروبا كان مثالا علي التزامها بضمان امن الطاقة للقارة. غير ان هذه التطمينات لم تكن كافية بالنسبة للاوروبيين الذين مازالت ازمة انقطاع الغاز الروسي عن اوكرانيا في يناير هذا العام حاضرة في اذهانهم بقوة فقد ادي الخلاف علي التسعير بين موسكو وجارتها الي قطع الامدادات الروسية عن اوكرانيا لمدة يومين مما اسفر عن انقطاعات قصيرة - ولكن موجعة - لامدادات الغاز الي اوروبا في ذروة موسم الشتاء البارد وبدأت الازمة عندما اعلنت شركة "جازبروم" المملوكة للدولة انها سترفع سعر امدادات الغاز من 50 دولارا - وهو السعر التفضيلي الذي كانت تبيع به الغاز لاوكرانيا عندما كانت حليفة لموسكو قبل ماسمي بالثورة البرتقالية - الي 230 دولارا لكل الف متر مكعب والمعروف ان روسيا تمد اوكرانيا بنحو 30% من احتياجاتها من الغاز الامر الذي يعني وجود اوراق ضغط قوية في يد الدب الروسي مما دفع بأحد الباحثين للقول عندما تدفأ روسيا يبرد الغرب. ورغم ان الاحتجاج الامريكي - الاوروبي علي روسيا كان حادا الا ان الانصاف يدفعنا الي اعتبار ما قامت به روسيا حقا شرعيا لها فقد قررت وهذا حقها التوقف عن تدليل اوكرانيا بعد تمردها علي العلاقة الخاصة معها وتعديل السعر التفضيلي الذي كانت تبيع ببه الغاز لاوكرانيا ليتساوي مع سعر السوق الغربي فضلا عن حقها في منع اوكرانيا من سرقة الغاز الروسي المار في اراضيها فموسكو لن تسمح بالطبع لاوكرانيا ان تسرق الغاز الروسي لتنفق علي تجهيز نفسها للانضمام لحلف الاطلسي المعادي لموسكو. بالون اختبار ويري مراقبون انه مما اثار قلق اوروبا ايضا ما قامت به موسكو من اطلاق بالون اختبار استعادة السيطرة علي مشروعات ضخمة للطاقة في اقصي شرق روسيا من شركتي رويال داتش شل و اكسون موبيل مثيرة بذلك مقارنات بين هذا الاقتر