لا يمكن لأحد أن ينكر التطور الكبير الذي شهده السوق المصري علي جميع المستويات خلال الفترة الماضية خاصة فيما يتعلق بالافصاح والشفافية وادخال أدوات جديدة إلي البورصة.. إلا أن العاملين في السوق يرون ان هناك قصورا في الرقابة علي السوق وان هناك تلاعبات في الاسعار تسبب هلعاً لدي صغار المتعاملين تدفعهم لاتخاذ قرارات استثمارية غير سليمة تضر السوق. ورصدنا ومعنا بعض العاملين في السوق عمليات تتم علي بعض الاسهم في السوق تدفعنا للتراجع القوي بكميات صغيرة وغير منطقية.. فخلال الاسبوع الماضي لاحظنا وقف التعاملات علي بعض الاسهم ومنها موبينيل وحديد عز وغيرها بعد تجاوزها نسبة ال 10% تراجعا وبكميات صغيرة لا تتجاوز الألف سهم في بعض الحالات. هذه مجرد ملاحظة وصلتني من بعض العاملين في السوق.. ولاشك انه من غير المنطقي ان يقوم مستثمر ببيع ألف سهم من أي شركة بسعر يقل 10% عن سعر اغلاقها في اليوم السابق وفي الدقائق الأولي من التعاملات مما يعني ان هناك نية مبيتة للتأثير علي السوق ودفع الصغار للبيع نتيجة حالة الهلع التي تنتابهم عندما ينخفض السوق بنسب كبيرة. ونحن نعلم جيدا ان الهيئة والبورصة يقومان بالتحقيق في مثل هذه الحالات وقد شهدنا حالات وقف لمنفذين في شركات سمسرة خلال الفترة الماضية.. ولكن لماذا لا يتم اتخاذ قرار اثناء تنفيذ العمليات ذاتها.. فلا يمكن ان يتم قبول وقف سهم لتجاوزه نسبة الصعود او الهبوط المسموح بها بناء علي كمية تعامل لا تتجاوز الألف سهم أو أكثر قليلا. واذا كانت قوانين التداول تسمح بذلك لابد من العمل علي تغييرها.. كما ان الظروف الحالية في السوق تتطلب المزيد من التقارب بين الجهات المشرفة علي السوق والشركات العاملة فيه بتنظيم لقاءات دورية معهم واطلاعهم علي آخر التطورات والقرارات التي يتم اتخاذها. وبالنسبة للمظاهرات التي يقوم بها المستثمرون المصريون حاليا في حالة انخفاض البورصة مطالبين بتدخل الهيئة والبورصة.. لابد ان يكون لشركات السمسرة دوره في توعية المستثمرين بأن الهيئة والبورصة لا يمكنهما التدخل في الأسعار فمن الملاحظ ان بعض الشركات تشجع عملاءها علي الخروج في هذه المظاهرات وهذا امر غير مقبول لأن التدخل لن يؤتي ثماره في نهاية الأمر، ونحن علي العكس نطالب بعدم التدخل فالنتيجة تكون سيئة للغاية وهذا ما شهدناه يوم الاربعاء الماضي حيث ارتفعت المؤشرات بنسبة وصلت إلي نحو 5.3% وكانت أعلي من ذلك في بداية الجلسة وذلك بعد يوم الثلاثاء الذي شهد انخفاضا تجاوز 5.6% وظهر بوضوح ان هناك تدخلا من الحكومة بدفع بعض المؤسسات المالية للشراء لبث الثقة لدي المتعاملين ولكن كانت النتيجة عمليات جني أرباح قبل نهاية الجلسة قلصت من ارباح المؤشر وفي اليوم التالي كان الانخفاض اقوي بنسبة تجاوزت 5.5% في بداية الجلسة. والتدخل بهذا الاسلوب غير مجد لان النتيجة النهائية هي مزيد من التراجع ما دامت لا توجد دوافع حقيقية للصعود.. وبالتالي لا داعي للتدخل الحكومي باجبار بعض المؤسسات علي الشراء رغم انها تمثل فرصا استثمارية جيدة لهذه المؤسسات ولكن لابد من ان تكون قوي العرض والطلب حقيقية وليس نتيجة أي تدخل وهذا ما يحدث في الاسواق الدولية الناضجة. والدليل علي أن التدخلات لا تفيد ما أعلنه بعض المستثمرين في السعودية عند انخفاض السوق بقوة عن ضخ مليارات الريالات في الاسهم السعودية ومنهم الوليد بن طلال الذي أعلن عن ضخ 10 مليارات ريال.. فلم تؤت هذه الخطوة ثمارها واستمر السوق في الخسارة. برجاء وقف التدخل في السوق وتركه لقوي العرض والطلب ولكن مع مزيد من الرقابة الفعالة علي التداولات لمنع التلاعبات التي تتم علي الأسهم واتخاذ قرار لحظي وليس بعد ساعات والجميع علي ثقة من قدرة القائمين في الهيئة العامة لسوق المال والبورصة علي ضبط السوق وتفعيل الرقابة علي التعاملات.