العامل النفسي.. أحد الاسباب القوية التي يفسر بها محللو اسواق المال تراجع البورصات في حال عدم توافر اسباب منطقية اقتصادية أو سياسية له.. ويأتي العامل النفسي كسبب قوي للانهيارات والتراجعات، رغم عدم توافر دراسات كافية عن الحالة النفسية للمستثمرين في الأسواق العربية. ويبدو ان الانخفاضات القوية التي شهدتها الأسواق العربية منذ فبراير الماضي ومنها السوق المصري قد دفعت بقضية دراسة الحالة النفسية للمتعاملين في البورصة الي السطح وتم تناولها خلال "مؤتمر ومعرض البورصة" الذي انتهت اعماله يوم 13 مايو الحالي. وقد أكد الاطباء النفسيون ان النشاط الكبير للبورصة خلال الفترة الأخيرة قد ادي الي ضغوط كبيرة علي بعض المتعاملين ادت الي معرفة العيادات النفسية نوعية جديدة من المرضي وهم مجانين البورصة. يؤكد الدكتور وائل أبو هندي استاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق ان الاهتمام بالبورصة في السنوات الأخيرة ادي الي ان تستحوذ علي تصرفات عدد من المستثمرين لدرجة قيامه بترك عمله الاصلي واصبحت شاغلهم الاساسي داخل وخارج المنزل ويفرق الدكتور ابو هندي بين المضارب الصحي الذي يتعامل في البورصة بشكل متعقل وبين المستثمر الذي فقد التحكم تماما ولم يعد يستطيع السيطرة علي نفسه ويستمد اللذة من عملية المضاربة نفسها وليس من المكسب المادي مشيرا الي ان بعض من لديهم المضاربة المرضية يصل الي مرحلة الرغبة في تعذيب الذات في حالة الخسارة باستمرار التعامل. صدمات الأرباح والخسائر وحول الفرق بين التعامل مع صدمات تحقيق أرباح وصدمات الخسائر، اوضح الدكتور وائل أبو هندي ان صدمات البورصة مثل الصدمات التي تحدث في الحياة بصفة عامة ولكن الأمر في البورصة ممتد ومستمر.. وفي حالة الخسارة يكتئب المستثمر وتسيطر عليه حالة من الحزن وعندما ترتفع الاسهم يدخل في حالة هوس خفيف حيث يكون مندفعا وسعيدا وهكذا يكون لديه شكل من أشكال اضطرابات المزاج المستمرة. ويري الدكتور أبو هندي ان البورصة ستفرز للمجتمع شكلا جديدا من أشكال الادمان وستكون عاملا مرسبا لبعض الناس التي لديها استعداد لان تصاب بمرض نفسي قريب من الجنون ولكنها عامل مرسب وليس مباشراً. ويشير وليد عبد المنعم مدير ادارة الأوراق المالية ببنك مصر ان المتابعة اليومية لأحوال المستثمرين تؤكد انهم يتعرضون لصدمات قوية سواء اثناء انخفاض السوق أو صعوده فالعامل النفسي مؤثر للغاية في تعاملات المستثمرين علي اختلاف انواعهم سواء المغامر أو الأكثر حيطة في تعاملاته، ويؤكد ان المشكلة تتمثل في ان بعض المستثمرين خاصة الصغار لا يستمعون للنصح ويعتقدون ان لديهم القدرة علي تحقيق ارباح مرتفعة في أي ظروف رغم علمهم ان البورصة مكسب وخسارة ولكنهم يصابون بحالات من الهستيريا عند تحقيق المكسب وعند الخسارة ايضا. قلق .. هوس .. واكتئاب وتضيف الدكتورة هبة عيسوي استاذ الطب النفسي جامعة عين شمس ان المتعامل في البورصة يتسم بسمة القلق متوسط الحدة وليس القلق المرضي ولكن لديه خوف من المستقبل ولذلك يتجه للبورصة علي اساس انها نوع من تطبيب الذات رغم ان الواقع يؤكد انها تؤدي الي قلق وامراض نفسية كثيرة. وتؤكد ان بعض المستثمرين بعد دخولهم البورصة يتحول الامر لديهم الي هوس بالبورصة ويكون غير قادر علي الخروج منها مهما خسر ولكن قد يتحول الامر لديه الي إدمان حيث يبدأ الموضوع بمتابعة السوق ثلاث ساعات ثم تزيد الي عشر ساعات ومتابعة الأسواق الخارجية وتكون شاشة البورصة هي محور حياتهم. وتري الدكتور هبة عيسوي ان البورصة تضع ضغوطا علي المتعاملين مثل اي ضغط نفسي اخر ولكنها تكون ضغوطا حادة مفرزة لامراض نفسية.. فالخسارة تفرز امراضا مثل الاكتئاب هذا بالاضافة لامراض نفسية جسمية مثل الارهاق المستمر والصداع النصفي، وتشير الي ان هذه الضغوط عندما تزيد تصل الي القلق المرضي وزيادة ضربات القلب ويكون الشخص عندها سهل للاستفزاز، مشيرة الي ان البورصة تفرز مشكلات ايضا اجتماعية حيث يحول الهوس بالبورصة الي النظر اليها كغريم للزوج أو الزوجة وهذا يؤدي الي فجوة بين الزوج والزوجة والمزيد من المشكلات النفسية والاجتماعية. أما الدكتورة داليا الشيمي الاخصائية النفسية فقد اتجهت الي التعرف علي الحالة النفسية للمستثمرين في أسواق المال من خلال استبيان قامت بتوزيعه خلال مؤتمر ومعرض البورصة وضعت فيه اسئلة عن الشعور الذي ينتاب المتامل في حالة تعرضه لخسارة مادية وكذلك عند تحقيقه مكسبا ماديا.. وشكل الاسرة التي يعيش فيها المستثمر وهل تكون مستقرة ومدي تعرضه لأزمات صحية سابقة بسبب البورصة وهل يقبل ان يعمل اولاده في البورصة عندما يكبرون ومدي تعرض أسرته لززمات بسبب خسائره.. وسوف نعرض نتائج الاستبيان بعد رصدها والانتهاء منها.