اقتصاد نفسي هناك شخصيات في الحياة لا تلتقي بها يوميا، وقد لا تتواصل معها أسبوعيا، وتقود الظروف إلي رؤيتها في المناسبات المتباعدة، ولكن هذه الشخصيات تملك تأثيرا يفوق خيالك في حياتك، من تلك الشخصيات السيدة راندة الزغبي مديرة مشاريع التدريب المسماة "صايب" وهي المشاريع التي يمكن أن نشهد لها بأنها مؤثرة في الحياة اليومية المصرية، بما تضيفه من قدرات ومهارات سواء في مجال توسيع أفق رجال الأعمال كي تكون رعايتهم لمن يعملون معهم أكثر جودة، وتؤثر في تدريب العمالة الماهرة بشكل متميز. ولن أستعرض ما تقوم به مشاريع التدريب، لأني أتحدث اليوم عن سيدة لم يصلني خبر احتضان السماء لها ورحيلها إلي الرفيق الأعلي إلا اليوم، وأعني بها والدة السيدة راندة الزغبي فهي الابتسامة التي كانت تعلو دائما فوق المواقف الصعبة إلي الدرجة التي كنت أقول فيها لصديقي د.إبراهيم البحراي زوج السيدة راندة إن من مكاسب الحياة الفعلية هو الاستماع إلي ما تقوله حماتك من حكمة بسيطة مغموسة في الدفء الإنساني العميق. وكنت كل صيف أحرص يقينا علي زيارتها في أي موقع توجد به، فهي ليست سيدة عادية، ولكنها تشع بأمومتها لتشمل الجميع، ويتحول الجالس أمامها إلي كائن عليه أن يشرب متاعب الحياة ليحولها إلي حلاوة وانتصارات، فليست هناك حياة دون متاعب، وحين أصيب حفيدها نجل المحاسبة هالة الزغبي في حادث سيارة تطلب العلاة لفترة طويلة كانت هذه الجدة هي السند الاساسي لحفيدها وابنتها في وضع شديد القسوة إلي أن تعافي الحفيد بعد شهور طويلة من الجراحات الصعبة. كنت أستظل بكلمات من شجرة حنانها الوارفة فتصلني بفكرة الأمل الموجودة في قلبي، وما أروع الأمهات القادرات علي زراعة فكرة التواصل مع الأمل فإحدي مسئوليات الأمومة الأولي هي أن تهدي بالصوت المتعاطف جسورا بين ما يعانيه الأبناء من متاعب، وبين طاقتهم علي التغلب علي تلك المتاعب. وأعترف أن الأرض قد دارت دورة معاكسة بضغط دمي حين سمعت نبأ رحيلها فغياب صناع الأمل الحقيقيين هو عين الكرب. ولأني ممن تربوا علي أن دموع الرجل عيب، لذلك تجمدت الدموع في عيوني، لأن هذا الزمن بكل متاعبه يجب أن يحفظ لنا من نحبهم من الأمهات، لأن الأيام تشبه صحراء موحشة في قسوة لهيبها التي تبخر الدم من العروق، فيصير الإنسان مع معاناة جفاف العطاء العاطفي الذي يأخذه من الأم بلا مقابل أعلم أن معاناة أبنائها بما فيهم د.أمجد الزغبي أستاذ التغذية والرجيم هي معاناة قاسية لأن من ليسوا أبناءها بالرحم يعانون. وأنا وحد منهم، فما بالنا بالابناء الذين كانوا يعيشون تحت شجرة حنانها الوارف كل يوم. كل ما نرجوه لها هو رحمة الله علي قدر ما أعطت وقد أعطت كثيرا وليهبنا الله من بعدها الصبر علي تحمل كروب الأيام.