لأبناء العالم الكبير أحمد عكاشة مكانة كبيرة في قلبي، فهم بالنسبة لي أبناء أخي الذي لم تلده أمي. وقد رأيت كلا من طارق عكاشة الذي صار أستاذا متميزا في الطب النفسي وهو يحبو أثناء طفولته، ورأيت هشام عكاشة ايضا وهو تلميذ في مدرسة بورسعيد، وأقدر بكثير من الاحترام والدتهما السيدة جنيفر التي تقدس الحياة الطبيعية، وتتفق مع زوجها العالم الجليل احمد عكاشة في المزاج الفني، ولأنها في الاصل أستاذة لملء حياة أي مريض بما يشغله عن مرضه، لذلك استخدمت كل خبراتها أثناء دراستها الجامعية والعملية في انجلترا كي تملأ حياة كل فرد في أسرتها بما يفيده كي يطور نفسه كإنسان ينمو في مناخ أسري طيب وحنون ومنتبه. وحين قرأت نبأ تعيين هشام احمد عكاشة كنائب لرئيس البنك الاهلي احسست أن ابن أخي هو من نال تلك المكانة، ولولا إصرار هشام علي التعلم المستمر، والإخلاص الشديد في تحصيل الخبرة مع الثقافة لما وصل الي ما وصل ا ليه. هل أقول أن مجرد تعيين هشام في هذا المنصب هو واحد من أهم الاسباب التي تؤكد ان ادارة البنوك في مصر تعتمد علي الكفاءات فقط، ويمكنها أن تتطور؟ نعم يمكنني أن اقول ذلك، لأني كثيرا ما ناقشت هشام في العديد من القضايا الاقتصادية، وكثيرا ما أقنعني بمدي صواب أو خطأ بعض من الاجراءات. أقول هذا لأني لا أعرف عن طارق عامر الذي تولي قيادة البنك الاهلي الكثير، ولكن مجرد تعيين هشام عكاشة نائبا له يدل علي أن طارق عامر شخصية لها نفس المواصفات، وأعني بها الأداء المحكم المنزه عن الأهواء والأطماع، ويضع القيمة الاقتصادية مما يضيف الي البنك الاهلي الكثير. ولابد لي من أن اعترف ان البنك الوحيد الذي أثق فيه شخصيا واحب التعامل معه هو البنك الاهلي، لا لشيء إلا أن وجوه الذين تعاملت معهم في هذا البنك أكثر من مريحة وكلماتهم تخرج من نهر الأدب الجم وكبرياء التواضع، وليس فيهم أخلاقيات "الحلنجية" التي توجد في بعض من البنوك الاخري، فضلا عن اني لا احب التعامل مع البنوك الاجنبية المنتشرة علي الساحة المصرية، ولذلك أجد راحتي في البنك الأهلي المصري. وأتمني أن أجد الكثير من المشروعات الطموحة التي يمكن أن يدخل فيها البنك الأهلي الي دائرة عمل إدارة مشاريع كبيرة تحتاج الي عمالة كثيفة، فالواضح ان النظام المصرفي يحتاج الي أسلوب جديد في انشاء الشركات وتأسيسها، لأن البنوك كما نعلم تملك العديد من المدخرات، ولا يمكن أن يظل عملها محصورا في تمويل شراء سيارة أو عقار، بل لابد من مشاريع عملاقة في استصلاح الأراضي، وذلك كي يتحول البنك من مقر لإيداع الأموال، إلي خلق فرص العمل. لم أناقش هشام عكاشة في ذلك، وأكتفي هنا بأن أقول له مبروك للبنك الأهلي بطارق عامر وبك. وأتمني ان تزدهر البنوك المصرية في طريق قيادة مشاريع كبيرة تقلل من البطالة عن طريق تدريب وتشغيل مئات الآلاف ممن يتخرجون من الجامعات كي يصلحوا لمهن يحتاجها الواقع وتبني المستقبل. وقد يقال "ليس هذا هو دور البنوك بل دور أجهزة التعليم"، وهنا أقول "إن البنوك في جوهرها هي بيوت صناعة الأمل، ومن الأمل أن تدخل في مشاريع تحقق التطور في الحياة المصرية".