أعلنت الحكومة مؤخرا عن نيتها ورغبتها في السماح للمؤسسات المالية الدولية ذات الترتيب الائتماني الأعلي: بنك الاستثمار الاوروبي وبنك التنمية الافريقي باصدار سندات طويلة الأجل بهدف تمويل الاستثمارات العامة في مشروعات البنية التحتية. ففي حالة السابق "بنك الاستثمار الأوروبي" وكما أعلن فان عائد السندات سيتم سداده باليورو بالرغم من الاقتراض من السوق المحلية بالجنيه المصري ان مخاطر تقلب اسعار العملات بجانب مخاطر تمويلية اخري يتم تضمينها في حسابات تسعير الطرح وفي الحالة الأخيرة "بنك التنمية الافريقي" لم يتضح اذا كان عائد السند سيتم سداده بالعملة المحلية او بعملة اخري وفي جميع الأحوال فان الاقتراض لتمويل الطرح سيكون بالعملة المحلية. أو أن أذكر أن العرض المذكور أعلاه ليس بجديد فقد سبق تقديم هذا العرض كما تمت دراسته من قبل الحكومة منذ اكثر من ثلاثة أعوام. وتجدر الإشارة الي ان تطبيقات السياسات المالية وسعر الصرف ينبغي ان يتسما بالحصافة الأمر الذي من شأنه أن يقلل من مخاطر تقلب سعر الصرف مع أخذ الوضع الحالي لمناخ الاستثمار السائد بعين الاعتبار ولكن ما يدعو للتأمل أن الترتيب الائتماني للحكومة المصرية لا يقل عن مثيله من المؤسسات المالية عالية الجدارة "اي بنك الاستثمار الأوروبي وبنك التنمية الافريقي" وقد قام عدد من الدول بالمنطقة باللجوء الي هذا الدرب "اقتراض المؤسسات الدولية بالعملة المحلية" نظرا لعدم حصولها علي جدارة ائتمانية سيادية عالية ان لمصر سمعتها المتميزة بين نادي المقرضين كحكومة ودولة ملتزمة بالوفاء بالتزاماتها في التوقيتات المتفق عليها سلفا ان كل مستثمر اجنبي يضيف معامل للمخاطر المحدقة بمنطقة الشرق الاوسط وإن لم يكن لمصر دخل في مصادر هذه المخاطر حتي وان كانت تنأي بنفسها عنها وأضعف الإيمان أن الحكومة علي الصعيد المحلي تتساوي جدارتها الائتمانية ومؤسسات التمويل الدولية. إذاً لماذا لا نتجه للاقتراض في سوق السندات المحلي من خلال الوكيل الدائم للحكومة -أي البنك المركزي المصري- دون تحمل تكلفة وأعباء إجراءات التصديق علي المعاهدات (حوالي ثلاث سنوات)؟ وهل وصلنا إلي الحد الاقصي للاقتراض "حجم الدين المحلي" الذي يستتبعه فيما بعد الاقلال من ترتيبنا السيادي لذا التجئنا للاقتراض من خلال هذه النافذة؟ ان الميزة الحقيقية الذي يوفرها الاقتراض من خلال مؤسسات التمويل الدولية يتحقق في حال الحاجة الي سرعة الحصول علي العملات الاجنبية من الاسواق العالمية بسعر مناسب "دولار أمريكي أو يورو أو ين ياباني" فإذا كانت النية والغاية الوحيدة للحكومة هي تنويع مصادر التمويل فإن تلك الاحجية تهزم نفسها في عيون الكثيرين ففي النهاية التمويل المحلي والدولي "أيا كانت عملته" يتدفق في سلة الدين العام وتبقي في النهاية الحكومة هي الجهة المنوطة بالبحث عن مصادر التمويل لتغطية الاحتياجات والالتزامات التمويلية علي كامل محفظة القروض القائمة "أيا كان" مصدرها.