كلما تعالت الأصوات المطالبة بإلغاء نسبة ال50% عمالاً وفلاحين في المجالس النيابية خرجت علينا الحكومة ممثلة في قيادات الحزب الوطني لتعلن أنها حريصة علي مصلحة الطبقة المهمشة من العمال والفلاحين وأنه لا تعديل في هذا النص القانوني الصريح.. والحقيقة أن هناك سؤالا يتبادر إلي الذهن كلما تطلع المرء بعينيه إلي قاعة مجلس الشعب أو الشوري وهو "أين العمال والفلاحون وأين هم الفئات؟!. ومن المؤكد أن كثيرين يشاركونني الرأي في أنه من الصعب بل من المستحيل أن تميز بين نائب فئات وآخر عمال أو فلاحين من حيث الشكل.. وإذا كان هناك من يقول إنه لا عجب في ألا يختلف الاثنان من حيث الشكل فنقول أيضا إنه لا اختلاف من حيث المضمون والمقصود هنا بالمضمون الوظيفة أو المهنة والوضع الاجتماعي ونوع التعليم والمستوي الثقافي والمعيشي. ومما لا شك فيه أن مسألة 50% عمال وفلاحين قد عفي عليها الزمن ولم تعد بأي حال من الأحوال تناسب الوقت الراهن فهذا النص القانوني جاءت به ثورة يوليو بهدف اعطاء مساحة لطبقة العمال والفلاحين التي كانت مهمشة قبل الثورة في ظل الاقطاع وكان من الطبيعي أن تستحق هذه الطبقة العناية والاهتمام وأن يحفظ لها مكانها في المجالس النيابية حتي تعبر عن الشريحة الأكبر من المجتمع اَنذاك وبالفعل كان هناك عمال وفلاحون حقيقيون شكلا ومضمونا وكان هناك من يمثل الطبقة الارستقراطية وعندما جاء دستور 1971 لم يتغير الوضع ولكن هل أصبح من اللائق حاليا الابقاء علي هذا النص دون تعديل؟! والحقيقة أن عددا كبيرا من قيادات الحزب الوطني أكدوا ضرورة تعديل النص وأعلنوا ذلك صراحة في كثير من المناسبات إلا أن الغلبة كانت في النهاية لهؤلاء الذين يصرون علي الابقاء علي هذا النص الغريب ولا يعلم أحد إلا الله سبب اصرارهم ولكننا نسأل هؤلاء. هل من دخل البرلمان تحت صفة عمال أو فلاحين ينتمي لهذه الفئة بالفعل أو حتي يعبر عنها؟! الاجابة بالطبع لا.. وكيف وهناك من يعمل صحفيا ودخل تحت صفة عامل ومن يمتلك المليارات ودخل تحت صفة فلاح ومن يعمل في حقل التدريس أو الجامعة ويحمل صفة عمال أو فلاحين.. وهذا واقع بين أيدينا في المجلس الحالي بشقيه الشعب والشوري والحقيقة أن المسألة متاجرة بهذه المادة وبابا خلفيا لدخول البرلمان فقد ذابت طبقات المجتمعع في بعضها، وإذا كان نصف أعضاء البرلمان من العمال والفلاحين نظريا فإن الواقع العملي يؤكد أنهم لا يمثلون أكثر من 10% فقط وإذا كنا بصدد إصلاح دستوري وسياسي علينا مواجهة هذه الحقائق وأن نكف عن ترديد شعارات لم تعد تناسب الوقت الراهن.