د. سامي هاشم تريد الولاياتالمتحدةالأمريكية تغيير العالم وبالذات عالمنا العربي.. وهذا الأمر ليس جديدا سواء علينا أو عليها.. ولكن الجديد هو أن كوندليزا رايس وزيرة الخارجية خططت لتنفيذ ذلك بوسائل هادئة وأكثر رقة عن الأساليب التي كانت تنفذها من قبل. وزيرة الخارجية كشفت عن سياستها الجديدة أثناء إلقاء خطاب لها يوضح التحول في أسلوب العمل أحادي الجانب من جانب أمريكا أو الضربات الوقائية.. والقت الوزيرة الضوء علي خطتها التي وصفتها "بالدبلوماسيتها التحولية الجديدة".. وقد اختارت الوزيرة أن تلقي ذلك الخطاب أمام طلبة جامعة جورج تاون في واشنطن. بدأ السيناريو الجديد لهذا التحول بخطاب للرئيس جورج بوش حدد من خلاله الهدف وهو "مساندة الحركات الديمقراطية في العالم ووضع حد للطغيان" وتابعت الوزيرة ذلك قائلة بضرروة استخدام الدبلوماسية الجريئة التي تعمل علي تغيير العالم.. ووضعت تحليلا "للتحديات الجديدة" مستبعدة كل أشكال التدخل مثل السابق وأنها تستبعد أي شكل من أشكال النزاع بين القوي الكبري! وتعتقد الوزيرة أن التهديدات الأكثر خطورة هي التي تنشأ داخل الدول أكثر مما تنشأ فيما بين الدول لذلك فهي أدانت ما يسمي: "بالمسلمات القديمة عن سيادة الدول..!" وقالت انها تتعامل مع دول ذات "حكومات جيدة" من أجل الصالح الوطني.. وهو الطموح الذي تسعي أمريكا لتحقيقه بالمشاركة مع الشعوب وليس بديلا عنها. من الطبيعي أن هذه الأفكار التي أعلنتها الوزيرة ليست بعيدة عن التفكير الاستراتيجي الأمريكي.. وهو بالضبط نص الاعلان الذي أصدره مجلس الأمن القومي الأمريكي وبداية تنفيذ استراتيجية جديدة للأمن القومي.. وهذه الاستراتيجية تصبح سياسة كانت كوندليزا رايس قد أعلنتها عام 2002 وكانت الولاياتالمتحدة قد دعت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 إلي العمل الوقائي في مواجهة "التهديدات الارهابية والانتشار النووي" وذلك عن طريق اقامة تحالفات ملائمة أو العمل من طرف واحد وتعمل علي نشر الاتجاه الديمقراطي في دول العالم والعمل علي إصلاح الدول المفلسة! ومن هنا جاء دور كوندليزا رايس للعمل علي تكملة هذه السياسة التي تنفذ عادة ما بعد الحروب والنزاعات وقد كلفها الرئيس بوش في نهاية العام الماضي بمهمة إعادة البناء والاستقرار ووافق الكونجرس بناء علي ذلك الاختيار علي اعتماد مبلغ اضافي يبلغ مائة مليون دولار إلي ميزانية وزارة الخارجية. كوندوليزا رايس تريد تنفيذ سياستها التي تصفها بأنها استراتيجية متكاملة تجتمع فيها المصالح الأمنية والمساعدات الاقتصادية وبناء الديمقراطية طبقا للتصورات الأمريكية ولذلك فقد بدأت في تأهيل دبلوماسيين نشطين وقياديين قادرين علي مساندة الدول الأجنبية لبناء مؤسساتها وانعاش اقتصادها، وشرعت في إعادة تنظيم وزارتها لتنفيذ "الاستراتيجيات الاقليمية والدولية".. بهدف إقامة شراكة اقليمية ضد الارهاب وأخطار الأوبئة وإنشاء مراكز اقليمية لما يسمي بالدبلوماسية العامة لتحسين صورة أمريكا أمام الشعوب.. الواقع أن كوندوليزا رايس صارت نجمة بلا منازع في إدارة الرئيس بوش الثانية وقد حصلت مؤخرا علي 62% من الأصوات في استطلاعات الرأي.. تؤيدها في كل ما تقوم به في الوقت الذي نال كل من ديك تشيني نائب الرئيس ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع علي 40% فقط! وهو مما أتاح لها الفرصة للتصدي لهما وتأكيد استقلالها في تأدية مهامها كوزيرة للخارجية.. ومنذ أن تقلدت منصبها سافرت حول العالم وقطعت أكثر من 450 ألف كيلو متر وزارت 50 دولة في عام واحد. والآن.. هذه السيدة تود تغيير العالم.. ولكن بالأسلوب النسائي اللطيف الهادئ! والظاهر أمامنا أنها قد تنجح في تحقيق أهداف بلادها بشكل معاكس لأسلوب الصقور الذين يتزعمهم وزير الدفاع رامسفيلد.