اعتقد انه حتي تتمكن الولاياتالمتحدةالأمريكية من بدء الخطوة الاولي في مسعاها لتحسين صورتها في الشرق الاوسط بشكل صحيح يتعين عليها اولا بدء التنسيق بين ثلاث نساء امريكيات مهمات، السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية والسيدة كارين هيوز وكيلة وزارة الخارجية للشئون الدبلوماسية التي كلفها الرئيس الامريكي بمهمة العمل علي تحسين صورة بلاده في المنطقة والسيدة اوبرا وينفري المذيعة الشهيرة التي يعرفها سكان المنطقة بحكم إذاعة برنامجها اليومي علي إحدي المحطات الفضائية العربية اكثر بالتأكيد مما يعرفون السيدة هيوز ويستمعون لكلامها ويتأثرون به اكثر بكثير ربما من تاثرهم بتصريحات السيدة رايس في الصفحات الاولي من الصحف اليومية. وترجع ضرورة التنسيق إلي ان الجهد الذي تبذله كل من النساء الثلاث تبطله او تعطله او تلغي اثره مجهودات الاخريات ففي حين ارسلت السيدة هيوز في مهمة رسمية هي تحسين صورة امريكا في اذهان العرب دون استراتيجية واضحة للقيام بذلك ومع افتقارها للخبرة الدبلوماسية الكافية والمعلومات اللازمة عن المنطقة نجد انها بذلت علي الاقل بعض الجهد في محاولة الاستماع والتعرف علي اراء سكان المنطقة والاطلاع علي الاسباب التي جعلت صورة الولاياتالمتحدة بهذا السوء وفي حاجة لكل عمليات التجميل المبذولة، وكان مما استمعت اليه ضيق سكان المنطقة بالتدخل في شئونهم الداخلية وإملاء الشروط عليهم وفرض التغييرات بما لا يتلاءم مع واقعهم وفيما أقرت هيوز بصعوبة مهمتها خرجت السيدة رايس وزيرة الخارجية في اليوم التالي لتعلن علي الملأ دفاعها عن استخدام القوة العسكرية لنشر الديمقراطية والحرية في الشرق الاوسط معتبرة انهما الضمانتان الوحيدتان للاستقرار الحقيقي والامن الدائم. واضافت رايس ان منتقدي استخدام القوة يفترضون ان الوضع القائم في الشرق الاوسط حاليا لايهدد الامن العالمي واكدت الوزيرة ان اي دولة تريد حماية الديمقراطية وليست مستعدة لاستخدام القوة لحمايتها لن تحدث اي تغيير حقيقي. ونقل راديو سوا الامريكي عنها قولها "اذا كنتم تفكرون كما افكر انا او كما يفكر الرئيس جورج بوش ايضا فان السبب العميق لهجمات 11 سبتمبر كان التعبير العنيف عن ايديولوجيا عالمية متطرفة قائمة علي الظلم والخيبة في الشرق الاوسط وذلك يحملكم علي ان تحاولوا القضاء علي مصدر هذا الارهاب من خلال تحويل المنطقة برمتها". ويبدو ان السيدة رايس لم تستمع لهيوز لتعرف منها او مما سمعته ان الناس في الشرق الاوسط لا يفكرون مثلها او مثل رئيسها وانهم في الاغلب يتفقون معها علي ان هجمات 11 سبتمبر ترجع إلي ايديولوجيا متطرفة قائمة علي الظلم ولكن ليس في الشرق الاوسط بل تجاه الشرق الاوسط وان فرض التحول الديمقراطي بالقوة العسكرية اسفر عن مستنقع العراق الذي غرقت فيه القوات الامريكية وتسعي جاهدة الان للخروج منه مهددة بأن تترك وراءها حربا اهلية تهدد المنطقة كلها. واثناء زيارة هيوز للسعودية في اول جولة لها في المنطقة منذ توليها منصبها التقت مع مجموعة من النساء السعوديات في جدة اصبنها بالذهول لقولهن إنهن لسن معذبات مقهورات واشارت بعضهن إلي برنامج قدمته المذيعة الشهيرة اوبرا ويفري عن النساء حول العالم فاختارت فيه من الشرق الاوسط كله نموذجا واحدا لسيدة سعودية تعرضت للضرب والايذاء البدني علي يد زوجها المسلم واعلنت اوبرا بنبرة متعالية انها تحمد الله انه ولدت امريكية، فربما نسيت السيدة اوبرا احصاءات امريكية عن اعداد الامريكيات اللائي يتعرضن للايذاء البدني والضرب والتعذيب والاعتداء الجنسي عليهن وعلي بناتهن الصغيرات من ازواجهن من السكيرين او مدمني المخدرات، سمعت هيوز اعتراضات السعوديات علي اختيار هذا النموذج في برنامج يراه العالم لاعطاء انطباع عن مجتمعهن لكن ربما لم توضحن للسيدة هيوز انها حتي تتحكم في الصورة التي تريد للعرب ان يروا عليها الولاياتالمتحدة يجب اولا ان تحسن الولاياتالمتحدة المنظور الذي تنظر منه إلي العرب اي ان تحاول فهمهم وإدراك مشكلاتهم والظلم الحقيقي الواقع عليهم وليس التهويلات والصور الفلكلورية لنساء متشحات بالسواد التي لا تعبر سوي عن نظرة سطحية تسهم اوبرا وامثالها في تعميقها بجهل او عن قصد لصرف الانتباه عن الاسباب الحقيقية لمشاعر العرب المناهضة للولايات المتحدة.