من: تورونتو - كندا الله لطيف بعباده.. هؤلاء الامريكيون الزنوج الذين اعتلوا اسطح بيوتهم في مدن شرق تكساس وجنوب لويزيانا.. واعصار ريتا ينهب بيوتهم ويقوضها تقويضا وهم في انتظار قوارب النجاة التي تجوب شوارع المدينة فوق مياه تهدر اما البيض من سكان المناطق المنكوبة فقد فروا شمالا في سياراتهم الفارهة قبل ان يداهمهم الاعصار المعربد وبلغ عددهم حوالي 5 ملايين! اجترأ الرئيس بوش فزار القيادة العسكرية الشمالية في كلورادو سبرنجز.. وطمأنته تقارير الارصاد الجوية والفضائية اكثر فهبط جنوبا الي الساحة الامامية للاعصار في مدن سان انطونيو واوستن وباتون روج ولم ينله من الاعصار الا رخات مطر قصيرة الامد! .. هناك حاصرته الجماهير بنقد مر حول تقصير الحكومة في مواجهتها لاعصار كاترينا.. مثلما شنفوا آذانه بمديح نسبي لرد فعل اجهزة الانقاذ علي اعصار ريتا.. ووعد بوش بان يأخذ معه كل ما سمعه من قدح ومدح.. الي واشنطن! في سان انطونيو وقف الميجور جنرال جون هوايت من رئاسة الاركان يشرح للرئيس كيف ساد المنطقة المنكوبة نوع من الفوضي الجوية.. حطام قطار اخرجه الاعصار عن قضبانه في نيو اورلينز.. طلبوا نجدة جوية لنقل عدد من الجرحي.. هرع الي الموقع 5 طائرات هليكوبتر لاخلائهم وكادوا يحدثون كارثة اخري جوية! ... مجهد بوش وبادي الارهاق والاعياء كان تعليقه: هذه معلومات ثمينة.. سوف نأخذها في الاعتبار كي نطور مواجهتنا للاحداث الجسيمة.. سألوه بخوف: وكيف نواجه هجمة ارهابية شاملة؟ أجاب: وزارة الدفاع سوف تتولي مثل هذه المواجهة وكذلك في الكوارث الطبيعية عندما نتوقع لها حجما معينا.. وسوف تكون حتما افضل في ادائها من جهاز الطوارئ الفيدرالي التابع لوزارة الامن الداخلي واضاف بوش: سوف تكون هذه اعتبارات مهمة جدا علي الكونجرس ان يفكر فيها! في هيوستن عاصمة البترول الأمريكي وقف اصحاب السيارات لساعات امام محطة بنزين.. نفد البنزين.. هتف احدهم "اللعنة.. في تكساس، ونقف طوابير من أجل جالون بنزين"! مدينة كاميرون الصغيرة.. مرفأ تموين يغذي بأسباب الحياة جميع آبار البترول العائمة في خليج المكسيك اصابها اعصار ريتا بضربة قاصمة سوف تشل الحياة علي هذه الآبار لاسابيع مقبلة! تتحدث كاثلين بلانكو حاكم لويز ياما بأسي عن ولايتها التي ضربها اعصاران متتاليان خلال شهر واحد.. وظروف العطالة والتشرد ورجال الاعمال الذين اصبحوا فجأة بلا اعمال.. وتعد وتتعهد بان تطالب الكونجرس بمعونة عاجلة قدرها 5.11 مليار دولار لتعيد بناء البنية الأساسية للنقل والمواصلات في الولاية المنكوبة خاصة الطرق السريعة (high ways) التي يمكن استخدامها في المستقبل كطرق اخلاء للسكان قبل العاصفة ولامدادات النفط والبنزين.. سوف تطالب الكونجرس كذلك ب20 مليار دولار لدعم انظمة السدود الشاطئية في الولاية وتعظيم قدرات ضخ وسحب المياه الطافية في شوارع المدن.. الكارثة.. ولحظاتها العصيبة! كأنها كانت الطامة الكبري او ضربة فناء شامل للولايات المتحدة من المحيط الي المحيط.. وصفوا ما جري بانه انهيار تام (debacle) وانه اكبر من ان يكون عملا من اعمال الله! اصيبت الحكومة الامريكية بالشلل والعجز عن تحمل المسئولية.. من أدني السلم الاداري في مجلس المدينة المصابة، الي حاكم الولاية وحتي شاغل المكتب البيضاوي. رجال الرئيس بوش اطلقوا عليها تعبيرا ظريفا: لعبة اللوم والملامة (blame game) نقاد بوش واضداده اسموها باسمها الصحيح: المسئولية (accountability) الكل يزحلق المسئولية عما جري وعما لم يتم جريانه خشية الحساب.. في لحظات الكارثة العصيبة تخلي كبار القادة عن القيادة وتركوا ولايات الجنوب الامريكي المطلة علي خليج المكسيك لوحشية اعصار كاترينا.. ورحمة الله! تروي مجلة تايم واقعة أليمة.. اثناء زيارة بوش لمدينة جلفبورت بولاية مسيسبي اعترضه احد الزنوج شاكيا.. لم تعجب نبرته المحتدة ديك تشيني نائب الرئيس فحاول اسكاته.. انفجر الزنجي وهو يقول للرجل الثاني في السلطة: يا ابن ال.. اذهب وانكح نفسك".. وهو تعبير قبيح دارج من ادب السينما الامريكية.. او: قلة ادبها! ما ارتكب من جرائم التقصير الاداري الفادح في مواجهة اعصاري كاترينا وريتا اعلن الجمهوريون في الكونجرس تشكيل لجنة تحقيق فيه بالاشتراك مع الديمقراطيين.. رفض الديمقراطيون وطالبوا بلجنة مستقلة تضيء جوانب الانهيار الحكومي الذي حدث وترسم قواعد صارمة لعدم تكراره اذا ما واجهت الدولة الأعظم كارثة دمار اعظم.. من صنع البشر!