وراء الطفرة السياحية التي تشهدها مصر حاليا "8 ملايين سائح" مجموعة ضخمة من العوامل بعضها من الثوابت والبعض الآخرمن المتغيرات الثوابت هي ذلك التميز والتفرد والثراء النادر لعناصر المنتج السياحي المصري وليس في ذلك اي انحياز للوطن وان كنت من المنحازين ولكنه اقرار لحقائق موضوعية مرتبطة بالموقع والموضوع اي بالتاريخ والجغرافيا.. وايضا بالبشر فمن النادر ان تجتمع في بلد واحد كل تلك الشواهد والاثار الكاشفة عن تألق وابداع الحضارة المصرية الواحدة المتعددة الروافد من فرعونية الي يونانية رومانية الي مسيحية قبطية الي اسلامية وليس هناك بلد واحد يتميز بطبيعة ثرية تتجاور فيها الصحراء مع الوداي الخصيب مع سلسلة الجبال ذات التشكيلات والالوان البديعة مع الشواطئ العذراء الممتدة علي ساحل البحر الابيض والاحمر وحوائط المرجان وحول المجري النهري والواحات والبحيرات بما فيها بحيرة السد العالي التي يطلق عليها البعض بحر النوبة لفرط اتساعها وعمقها.. وليس هناك من بلد واحد يتميز بمناخ معتدل يسمح بازدهار سياحة المنتجعات وهي واحدة من أهم انماط السياحة الدولية المعاصرة طوال العام.. ثم هناك البشر .. أي خصائص الشعب المصري الودود المضياف المسالم الذي يكرم وفادة ضيوفه. تلك هي الثوابت.. اما المتغيرات فهي بدورها عديدة لعل ابرزها بلورة خطة تنشيطية تسويقية معاصرة طبقت لاول مرة في تاريخ السياحة المصرية اعتبارا من منتصف 1994 وتنويع متواصل للمنتج السياحي المصري باضافة انواع حديثة من السياحة المعاصرة كالسياحة البيئية والعلاجية والمؤتمرات والحوافز السفاري والمهرجانات.. ثم يأتي ذلك الوعي المتزايد باهمية السياحة بوصفها صناعة تصديرية كثيفة العمل ذات اثر مضاعف وتسمح بالخروج من الوادي الضيق الي الآفاق الاوسع للتنمية وتأتي قرارات الحكومة المصرية بالاهتمام بالسياحة بسن كثير من القوانين المهمة وانشاء هيئة التنمية السياحية احد اهم شرايين المد السياحي اكثر من سبع مدن كاملة المرافق وتكريسا لهذا الوعي الاهتمام بالتنشيط السياحي كما وضعت الحكومة شعار السياحة هي المستقبل وكانت القيادة السياسية المصرية بالتالي هي اكبر سند لهذا النشاط الاقتصادي الذي تتمتع فيه مصر بميزة نسبية وقدرة تنافسية لا تملكها في بقية قطاعات التنمية. وقد نجحت السياحة في تحقيق زيادة في العائدات بلغت 4.19% لتصل الي 6 مليارات دولارر في 2004 بدون منافسة ولا يزال امامنا الكثير الذي ننتظره من هذه الصناعة التي تملك ان تقضي علي شر البطالة الذي بات يهددنا جميعا وهو شر لابد من سرعة علاجه. لقد وصلت السياحة المصرية الي معدلات قوية قد تصل في نهاية هذا العام الي 9 ملايين سائح وجذبت من ايطاليا اكثر من مليون سائح ومن المانيا نحو مليون سائح بينما جذبت من انحلترا نصف مليون سائح وكلها مؤشرات قوية علي قوة الدفع السياحي في مصر. وهناك علاقة اعتمادية بين السلام والسياحة فلا يمكن ان تزدهر السياحة بدون سلام ومن جهة اخري فان التفاعل الانساني والثقافي الناجم عن السياحة يعزز من ثقافة السلام.. وبالتالي فان الظواهر الفوضوية في الاداء للتعبير عن الرأي يجب ان تكون في الحدود الآمنة فجميع الدول السياحية العشرة الاوائل تراعي انها بلد سياحي وتعرف وتقدر ان السائح ضيف لا يجب ان نقحمه في حياتنا.. لان عدم الاستقرار والبلبلة يؤديان الي احجام السياح عن زيارة موقع الاضطرابات وللتعبير الفوضوي عن الرأي تداعيات سلبية نحن في غني عنها فخسارتها فادحة ولنتذكر دائما ان كل مليون سائح يعني زيادة الدخل القومي واستقرار العملة الوطنية وفرص عمل امام 000.250 شخص. ان التصالح وعدم الخروج عن الشرعية واحترام الرأي والرأي الآخر والبعد عن العناد والتعنت من كلا الطرفين حكومة ومعارضة يدفع بعملية التنمية ويحقق مصالح الشعوب.. وذلك يحتاج الي شجاعة البصيرة وحكمة العقلاء. ان اهتمام القيادة السياسية بتوجيه المزيد من الدعم للسياحة هو في الواقع دعم لسعر صرف الجنيه المصري.. وان تنازلها عن 25 مليون دولار هو قيمة حصتها في صندوق السياحة والتنازل عنها لدعم الخطة الدعائية لمصر في الخارج يصب في خدمة الاقتصاد القومي.. كما ان قرار توسيع مطار الاقصر والغردقة وشرم الشيخ يساهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات ويمثل دعما لمسيرة السياحة المصرية التي تتطلع لجذب 18 مليون سائح. "وللحديث بقية"