ما البرامج الاقتصادية للأحزاب المصرية؟ السؤال مهم ليس لأنه يتعلق بالمشكلة الأساسية التي تواجه مصر هذه الأيام في عصر باتت التوجهات الاقتصادية والمواقف المعلنة للأحزاب تحدد موقع هذا الحزب أو ذاك في جميع المجتمعات وخاصة الليبرالية، ولكن الأمر الذي يزيد من أهميته في مصر تلك الانتخابات الرئاسية التي تدق أبواب مصر في سبتمبر المقبل من خلال الاقتراع الحر المباشر تتلوها بعد ذلك انتخابات مجلس الشعب. وفيما يلي تطرح "الأسبوعي" الملامح الأساسية للبرامج الاقتصادية للأحزاب في مصر بعيدا عن الحزب الوطني وأهم التوجهات والمشروعات التي تتضمنها لمواجهة الاشكاليات الاقتصادية في مصر: البرنامج الاقتصادي للحزب العربي الناصري محدد المعالم منذ إعلانه عام 1992 ويعتمد بصفة أساسية علي البرنامج الحكومي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكمايقول الأمين العام للحزب أحمد حسن فالبرنامج يعتمد بصفة أساسية علي الدولة علي أساس أن التنمية لن تأتي تلقائيا من خلال القطاع الخاص، لافتاً إلي أن ذلك لا ينفي مسئولية الحكومة في توفير الاعفاءات الضريبية والمساندة للاستثمارات الصناعية الجادة ذات القيمة المضافة العالية، ويدعو إلي التوقف عند خصخصة مصانع القطاع العام، وتكوينه قاعدة من البنوك العامة الوطنية وتوجيهها توجيها تنمويا والعمل علي أساس تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض مشددا علي أن ذلك لا يعني الانغلاق أو العزوف عن المشاركة في التجارة العالمية. أما الحزب الاشتراكي الأول في مصر فهو حزب التجمع الذي تبني السياسة الاشتراكية في مبادئه المعلنة ببرنامجه عام ،1980 وللحزب رؤي متكاملة للاقتصاد المصري، وكما يقول الدكتور جودة عبد الخالق رئيس اللجنة الاقتصادية للحزب، فهناك تصور لبرنامج زمني للنزول بحجم الدين العام إلي الحد الآمن مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وتشمل السياسة المالية المطروحة وضع قيود علي معاملات رأس المال باعتبار أن ذلك ليس بدعة لأن الدول الصناعية لم تحرر هذه المعاملات إلا في بداية السبعينيات في حين لم تقم بهذه الخطوة حتي الآن الصين والهند، بالاضافة إلي تنفيذ سياسة سلة العملات علي أساس الدول الشركاء التجاريين الرئيسيين مع مصر، والعمل علي تنفيذ سياسة حازمة لترشيد الانفاق، ووضع استراتيجية مع القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية وعلي رأسها البترول تشمل وقف تصدير الغاز وتوجيه إلي الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، وزيادة الاستثمار في البشر والقضاء علي الأمية الأبجدية نهائياً، أما فيما يتعلق بعلاقة القطاعين العام والخاص فتعتمد رؤية التجمع علي إعادة تأهيل الأصول العامة، ودخول القطاع العام في أنشطة جديدة لا يدخلها القطاع الخاص، ويلفت د. جودة عبد الخالق في هذا الإطار إلي أن النمور الآسيوية حققت نهضتها علي أكتاف القطاع العام. وداخل قائمة الأحزاب الاشتراكية حزب الوفاق الذي يلفت رئيسه رفعت العجرودي إلي أن برنامجه الاقتصادي يتشابه مع برنامج الحزب الناصري، ويشدد علي التكتل الاقتصادي العربي وتقليل التدخل الاجنبي في القطاع المصرفي، وتقسيم ضرائب الدخل إلي شرائح ترتفع مع ارتفاع مستوي الدخل، واضافة الرقابة الشعبية للمصانع العامة والقومية، كما يتبني حزب مصر الفتاة علي حد قول أمينة العام أحمد سنبل أفكار الاقتصاد الموجه ومن بينها إنشاء مجلس أعلي للانتاج للهيمنة علي العملية الانتاجية في القطاع العام إلي جانب القطاع الخاص. الأحزاب الليبرالية وفي المقابل تتعدد البرامج الاقتصادية للاحزب الليبرالية في مصر وتتفق كلها في مبدأ قيادة القطاع الخاص للاقتصاد والتنمية كما ركزت علي البعد الاجتماعي في نفس الوقت ويوضح السيد البدوي سكرتير عام حزب الوفد الجديد ان التركيز علي دور القطاع الخاص ويفسح له دورا في اعمال النهوض بمستوي العمالة الي جانب الدولة وتشمل اقتراحات الوفد لمواجهة المشاكل الاقتصادية وعلي رأسها عجز الموازنة من خلال شفافية الموازنة واعادة مبدأ وحدتها بين الأجهزة الحكومية. وفيما يتعلق بحزب الغد فيعتمد برنامجه الاقتصادي علي ازالة الازدواجية في الفكر الاقتصادي وتركز آليات التنفيذ علي تخفيف أوضاع المستثمرين المتعثرين الجادين وتشجيع المستثمرين الناجحين من خلال الحوافز الضريبية اما حزب الأحرار فكما يوضح رئيسه حلمي سالم فقد كان برنامجه هو الأول الذي نادي بتغيير فكر الاكتفاء الذاتي الاشتراكي وتطبيق سياسات الانفتاح، ويلفت إلي ان ذلك التوجه الليبرالي يلازمه سياسات مراعاة البعد الاجتماعي. توجهات مختلفة وتتفاوت البرامج الاقتصادية للاحزاب الاخري فمن جانبه يوضح محمود الصباحي نائب رئيس حزب الامة ان برنامج الحزب يتشابه مع برنامج الحزب الوطني في حين تختلف آليات التفنيذ اما ممدوح قناوي رئيس الحزب الدستوري فيشير إلي التوجه الليبرالي لبرنامج الحزب الذي يحمل العديد من الأفكار لتلافي اخطاء الحكومة ومن بينها مبدأ المشاركة كبديل عن الخصخصة وفي المقابل ينتهج حزب التكامل التوجهات الاسلامية في الاقتصاد ويسير علي نفس الطريق حزب التكافل مع وجود فوارق اساسية ومن أبرز برامجه احياء نموذج طلعت حرب في التمويل. ومن أبرز ما يتضمنه برنامج حزب مصر 2000 المشروعات القومية التي يقترحها لاستغلال الثروات الطبيعية والبشرية أما حزب الخضر فلا يمكن تصنيفه تحت توجه اقتصادي محدد، وذلك كما يقول د.محمد عوض الأمين العام للحزب ولكنه يجمع بين جميع التوجهات المطروحة بحيث يتم تطبيق السياسات المختلفة في اطار الظروف المصرية والعمل علي تطوير فكر المنتجين بالتوازي مع تطوير فكر المستهلكين.