يبدو الاعلان المفاجئ يوم 11 مايو الحالي عن تولي أنطونيو بيريز رئيس ايستمان كوداك منصب الرئيس التنفيذي للشركة بدلا من دانييل كارب اعتبارا من أول يونيو وكأنه اجراء طبيعي. فمنذ ست سنوات فقط جرت الاطاحة بجورج فيشر من هذا المنصب ليحل محله كارب وقد حدث ذلك علي الرغم من أن فيشر كان يعد ولدا عبقريا وتم استجلابه خصيصا من مونورولا ليتولي اقالة كوداك من عثراتها آنذاك. وقد كان خروج فيشر اعترافاً بفشله وخلفه كارب ليقود كوداك إلي الدخول في العصر الرقمي. وتحاول كوداك هذه المرة أن توحي بأن خروج كارب ومجيء بيريز جزء من عملية تحول منظم وطبيعي ولكن ما لا يمكن اغفاله هو ان خروج كارب حدث في وقت مبكر عما كان متوقعا. وتقول مجلة "بيزنيس ويك" ان كارب نجح في جعل كوداك تحتل المركز الأول في السوق الأمريكي في مبيعات الكاميرات الرقمية ولكن المشكلة التي تقف وراء الاطاحة به هي ان كوداك لا تكسب سوي 46 مليون دولار كأرباح تشغيل عن مبيعات حجمها 3.5 مليار دولار في القسم الرقمي وحده. وفي نفس الوقت فإن سوق افلام كوداك آخذ في التآكل بسرعة فمبيعات كوداك من الافلام وانشتطها التقليدية الاخري بلغت 2.8 مليار دولار في العام الماضي ولكنها ستهبط بنسبة 17% هذا العام بسبب هبوط مبيعات الافلام للمستهلكين بنسبة 30% دفعة واحدة. وقد بدأ مأزق كوداك يتجسد بشكل مقلق في الربع الأول من العام الحالي حيث اعلنت عن خسارتها 142 مليون دولار في هذا الربع. وما جعل الأمور تزداد سوء هو أن كوداك مدينة بنحو 4.1 مليار دولار في هذا الربع. استخدمتها لتمويل عمليات اكتساب في الفترة الاخيرة وهذا دفع وكالات الملاءة مثل S&P وموديز الي خفض درجة ملاءة كوداك من AAA لتصبح قرب الصفر في ابريل الماضي ومع مطلع مايو الحالي هبط سعر سهم كوداك بنسبة 30% عن الذروة التي كان قد سبق وصوله اليها منذ عام تقريبا. والسؤال المهم في نظر "بيزنس ويك" هو هل يستطيع بيريز مواجهة مثل تلك التحديات الضخمة؟ يقول كارب ان كوداك بحاجة الي عقلية رقمية لقيادتها وتنفيذ التحولات المطلوبة. ومما يذكر ان سعر سهم كوداك قد ارتفع 4% ليصبح 27 دولارا للسهم فور الاعلان عن تغيير قيادة الشركة. والحقيقة ان بيريز - 59 عاما - له سجل قوي من الانجازات في حياته العملية.. فالرجل امضي 25 عاما في هيوليت باكارد حول قسم الطابعات فيها الي قسم عملاق متفجر بالحيوية والنمو لا تقل قيمته عن 10 مليارات دولار. ولو ان كارب لم يستحضر بيريز من (HP) الي كوداك لكانت الامور في هذه الشركة الاخيرة اسوأ مما هي عليه الان.. ففي ظل قيادة بيريز حققت الوحدة الرقمية لكوداك نموا سريعا يشهد به الجميع ويقول جون طومسون نائب رئيس مجلس ادارة شركة الابحاث هايدريك آند ستراجلز انترناشيونال ان فلسفة انطونيو بيريز تقف خلف كل النجاحات التي حققها قسم كوداك للمنتجات الرقمية. وقد بدأ بيريز فور الاعلان عن توليه المنصب يطلق وعوده مؤكدا ان ارباح التشغيل للقسم الرقمي من كوداك لن تقل هذا العام عن 275 مليون دولار بسبب اقبال الناس علي طبع صورهم الرقمية في اكشاك كوداك المعدة لهذا الغرض وهذه عملية اكثر ربحية من بيع الكاميرات الرقمية بكثير جدا.. ويؤكد بيريز ان ارباح القسم الرقمي ستوازن ما يحدث من انخفاض في ارباح قسم الافلام التقليدية.. يشعر بيريز ان تحقيق اهداف كوداك الطموح سوف يستلزم العمل علي خفض التكاليف. والمؤكد ان كوداك لديها فرصة لاتمام التحول والنجاة من المصائر التي اصابت شركات اخري كبيرة داخل هذه الصناعة مثل بولارويد او خارجها مثل (AT&T) وغيرهما من الشركات التي اغرقتها موجات التكنولوجيا الجديدة ولم تستطع السباحة في بحارها والمؤكد ايضا ان بيريز لديه طريق طويل يتعين عليه ان يقطعه قبل ان يحقق اهدافه. بقي ان نقول ان بيريز ولد في مدينة فيجو الشاطئية باسبانيا وبدأ حياته العملية مبكرا في تجارة الاسماك مع والده ولكنه بعد ان اكمل تعليمه اتجه وجهة اخري تماما حيث عمل في (HP) ثم انتقل الي كوداك ليصبح منذ عام 2003 رئيسا ومرشحا لمنصب الرئيس التنفيذي لهذه الشركة.