يقام حاليا بأتيليه القاهرة معرض الفنان التشكيلي هشام إمام، والذي يحمل عنوان «نور الشمس»، ويستلهم فيه ثورة 25 يناير، بتجلياتها وأحداثها المختلفة، مقدما - عبر لوحاته - المتنوعة رؤية فنية تعبر عن الحدث وتستشرف المستقبل أيضا. جدير بالذكر أن هشام إمام أقام عدة معارض منذ نهاية السبعينيات، هنا إطلالة علي تجربته وحوار معه حول معرضه الأخير. كيف جاءت فكرة هذا المعرض الذي يعبر عن مفردات الثورة المصرية؟ أولا دعني أقول لك إنني لا أفلسف الثورة - بل أتعامل مع أحداثها بالعقل كفنان - وليس بالانفعال، فأنا أري وأراقب الموقف، وما حدث ويجب أن يحدث بعد الثورة، وكيف أستطيع أن أعبر عن كل ذلك، ثم أضع - في حسباني - مدي قابلية الجمهور لما رسمت. وأعتقد أن التعبير عن الثورة يحتاج وقتا طويلا من الفنان والمبدع حتي يعبر عنها بشكل جمالي أكثر إتقانا فالثورة الحقيقية هي بناء للعقول. لكن كثيرا من المبدعين والفنانين انجرفوا وراء قوة وفورة الحدث، فقدموا أعمالا سجلته بطريقة أو بأخري - كيف تري ذلك؟ فورة الحدث والتعبير عنها في لحظتها أمر مهم جدا فمن الضروري أن يوجد فنانون يسجلون هذه اللحظات هؤلاء هم ما يمكن أن نسميهم «فوتوغرافيا المشاعر»، لكن مع ذلك - دعني أقول لك - المسألة بحاجة إلي «فلتر» إنساني للكاميرا لكي تكون هناك مصداقية للتعبير عن الثورة، وهناك فنانون يستوعبون ويمنطقون عملهم عاملين بمبدأ «وماذا بعد؟» وأعتقد أن هؤلاء هم أصحاب إعلان للحب في هذه الدولة «مصر»، فمصر صاحبة حضارة جاءت بعد استقرار وهدوء لتنظيم المكتسبات ورؤية مستقبلية لما يحدث، ولولا ذلك ما ظهرت أي «جدارية» علي أي من المعابد المصرية، فحضاراتنا في الأساس هي نوع من تراكم الثقافات. تقنيات رمزية تتجلي في معرضك «الثورة» بشكل فني بمعني أن هناك رمزية عالية من خلال الوجوه وخلفية اللوحات وحتي في الألوان المستخدمة؟ الفكرة أن ثورتنا قامت بعد فترة خنوع طويلة وامتهان لكرامة المصري، وقهر للذات الإنسانية فجاءت الثورة عاصفة لتقتلع الفساد من جذوره وكان من الممكن أن أرسمها - في وقتها - لكنني فضلت التأني وأردت أن أعبر عما أحسه في لحظة الاختيار المستقر بعد عام ونصف عليها، فجاءت اللوحات بالإضافة إلي استخدام الفنيات التشكيلية جاءت بشكل عقلاني لتوضح رؤية للمستقبل ولتضع المشاهد والمتلقي أمام سؤال جوهري هو «وماذا بعد الثورة؟». وأعتقد أن العقلانيين هم أصل الثقافة لأن الثقافة تخاطب العقول، أما «دراويش الأفكار» فنحن براءوا منهم. براءة التناول لكن يبدو في ثنايا اللوحات وتفاصيلها معاني إنسانية مفعمة بالبراءة؟ رغم قوة الحدث؟ كيف كانت رؤيتك لذلك؟ من قاموا بالثورة كانوا شباب مصر الذين كانوا لا يمتلكون إلا الحب وبراءة الهدف وأمنيات بتحقيق العدل والمساواة، فقاموا بثورة معتدلة، ثورة البناء وليست الهدم، وأعتقد أن هذه الثورة هي «أنشودة حب لمصر». أما عن مستوي التقنية التشكيلية فأردت أن أعبر بروح مختلفة عن الحدث. في معرضك تبرز الروح الشعبية بطقوسها المختلفة والمتعددة.. كيف تري أبعاد هذه الروح في تفاصيل اللوحات؟ مؤكد أن هذا أمر مقصود، فأنا نشرت في صعيد مصر ثم انتقلت إلي شبرا الحي الشعبي العريق، فرأيت كل الناس من مختلف التيارات الاجتماعية، ومعظمهم كان يتسم بالنجاح الذي سببه الحقيقي الإخلاص في العمل. وأعتقد أنه حين تؤمن بالقضية فإن تقنياتك تتبلور، ويخرج أفضل ما عندك لأن هذه هي علاقتك مع وطنك وجذورك. وهناك احتفاء بالجو الشعبي فأنا كما قلت لك خارج من أحياء شعبية.في صباي كنت أجلس علي المقهي الذي كان يجلس عليه جمال حمدان الذي علمني كيف أقرأ جغرافيا المكان بوعي الفنان. كثير من اللوحات - في المعرض - تعبر عن الانطلاق نحو المستقبل من خلال استخدامك وتأكيدك علي تيمة الأيدي المشرعة نحو البعيد؟ نعم فأبطال اللوحات أياديهم عطشي للعمل كأنها تتهافت علي الأداء والعمل الذي يرفع البلد اقتصاديا فنحن شعب الشدائد، ومصر - دائما - في لحظات الانكسار تجد المخلصين العاملين من أجلها، وأعتقد أن لوحاتي في المعرض هي رسالة للعمل.