بايدن يوجه بتعديل وضع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    تعليقًا على هجمات لبنان.. بوريل: لا أحد قادر على إيقاف نتنياهو وأمريكا فشلت    نحو 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعتين    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    التحويلات المرورية الجديدة بعد غلق الطريق الدائري من المنيب تجاه وصلة المريوطية    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توجهات السياسة الفلسطينية للحصول علي عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة
نشر في الأهالي يوم 27 - 06 - 2012

دولة فلسطين.. حقيقة قائمة بحاجة إلي تفعيل
أسامة خليل شعت
أعلن الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن القيادة الفلسطينية تجري اتصالات واسعة مع دول العالم لكسب تأييدها لمطلب انضمام فلسطين لعضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان الرئيس محمود عباس قد قدم طلبا بذلك لمجلس الأمن في سبتمبر الماضي وللدولة الفلسطينية تاريخ طويل منذ وقوع النكبة عام 1948 وإنشاء دولة إسرائيل وهو ما يبينه لنا الباحث الفلسطيني أسامة خليل شعث في دراسته التالية .
نشطت في الآونة الأخيرة القيادة الفلسطينية ، في تحرك سياسي دولي غير مسبوق، وواسع النطاق ، حصدت من خلاله كما هائلا من شتي أنحاء العالم بالاعتراف بدولة فلسطين ، مما عزز من استراتيجية القيادة الفلسطينية في التوجه إلي الأمم المتحدة للحصول علي عضوية كاملة لدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد في أيلول القادم.
إن التساؤل الذي ربما يجول في أذهان الكثيرين من المتابعين والمراقبين للسياسة الفلسطينية، هو لماذا الآن ستتوجه القيادة الفلسطينية إلي الأمم المتحدة لطلب الاعتراف ؟ وهل عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة ستعود بالفائدة وتغير الواقع الاستيطاني علي الأرض ؟ ، وهل ستنسحب إسرائيل ؟ وهل سيتم تحرير الأسري ؟ هل سيعود اللاجئون إلي ديارهم ؟ …إلخ.
أسئلة شائكة وصعبة تحاول هذه الدراسة الإجابة عنها .
قبل ذلك يجب أن نقف أمام حقائق جديرة بالاهتمام ، ثم نتتبع تلك التساؤلات التي تجول في خاطر المتابع والمراقب للسياسة الفلسطينية وهذه الحقائق تتمثل في.
الحقيقة الأولي : إن إعلان دولة فلسطين شكَّل هاجساً كبيراً ظل يجول في خاطر الفلسطينيين منذ حرب 1948م حتي يومنا هذا ، ومنذ ذلك الوقت تم إعلان دولة فلسطين مرتين ، كان الأول: عبر حكومة عموم فلسطين والتي تشكلت في غزة في 23 سبتمبر 1948م ، برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي . وقد نصت مذكرة الإعلان : ” إعلان فلسطين بأجمعها وحدودها المعروفة قبل انتهاء الانتداب البريطاني عليها دولة مستقلة وإقامة حكومة فيها تعرف بحكومة عموم فلسطين” ، وكان الإعلان الثاني ، في 15 نوفمبر 1988م ، حيث تم إعلان قيام دولة فلسطين خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر المنعقد في الجزائر.
الحقيقة الثانية : أن دولة فلسطين كشخص قانوني وإلتزام دولي قائمة وموجودة وذلك في القرار 181 الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947م ، والأهم أن الدولة الفلسطينية موجودة كإلتزام إسرائيلي للأمم المتحدة ، بل وأحد مسببات قبولها كعضو في الأمم المتحدة ، فقد جاء في برقية وجهها وزير خارجية حكومة إسرائيل المؤقتة إلي الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 15 مايو 1948م. “إن دولة إسرائيل ستكون علي استعداد للتعاون مع أجهزة الأمم المتحدة وممثليها في تنفيذ قرار الجمعية العامة الصادر في 29 تشرين الثاني 1947م”. كذلك في ديباجة القرار 273 الذي قبلت علي أساسه إسرائيل في الأمم المتحدة ، ذكرت: “وإشارة إلي قراريها الصادرين في 29 نوفمبر 1947م و 11 ديسمبر 1948م .
ويمكن الإجمال بأن التصريحات التي أبداها ممثل حكومة إسرائيل أمام اللجنة الخاصة فيما يتعلق بتنفيذ القرارين المذكورين ، تعد اعترافا إسرائيليا بقانونية وجود دولة فلسطين ، لأن القرارات لا تجزء وقرار181 ذكر ذلك. وهو ما يعني وجود الدولة الفلسطينية كشخص قانوني تم إقراره مسبقاً ، وهو نقطة بداية قوية للحديث عن وضع الدولة من الناحية القانونية.
الحقيقة الثالثة : إن الأساس الذي قامت عليه المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، هي قرارات الشرعية الدولية 242-338 ، والتي ستقام علي أساسها دولة فلسطين وستحل علي أساسها القضايا الرئيسية ، حول ( المستوطنات ، القدس ، اللاجئين ، الحدود ، المياه ، الأمن الخارجي ).
وفي إطار المفاوضات النهائية حاول الإسرائيليون طرح تلك القضايا علي أسس برغماتية ، في غيبة الترابط فيما بينهم ، وذلك لتشتيت الرؤية السياسية الفلسطينية ، في حين وضع الفلسطينيون ، أولويات التفاوض بشأن تلك القضايا في سياق ترابطها وخدمتها لموضوع الدولة تدريجياً عبر الانسحاب التدريجي علي مبدأ (خذ وطالب)، بشكل تراكمي يؤدي إلي مزيد من الانسحاب الإسرائيلي من الأرض المحتلة بالتراكم وصولاً إلي الانسحاب الكامل حتي حدود 1967م .
استعلاء اسرائيلي
والواضح ، أن الطموح الفلسطيني لم يتحقق ، بسبب السياسة والعنجهية الاستعلائية الاستيطانية الإسرائيلية ونظرتها لفكرة الدولة الفلسطينية ، فالثابت أن إسرائيل لم تفكر قطعياً بالعودة إلي حدود الرابع من حزيران عام 1967م.
ورغم كل وسائل الضغط التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي ، التي استهدفت دون شك إجبار الفلسطينيين و ثنيهم عن تحقيق أحلامهم بإقامة وطنهم القومي، فقد ظلت القيادة الفلسطينية ثابتة في مواقفها تجاه الحق الطبيعي لشعب فلسطين في إقامة دولته المستقلة علي أرضه.
هنا يجب أن أعود إلي الحديث عن فكرة الدولة في توجهات السياسة الفلسطينية، في جميع المراحل ، منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ، وهو ما يعني محاولة الإجابة علي الكثير من الملاحظات أو التساؤلات التي في ذهن المتابع للقضية الفلسطينية برمتها.
أولاً: الدولة في السياسة الفلسطينية قبل إعلان أوسلو: منذ أن تأسست منظمة التحرير ، كان حلم الدولة هدفاً سعت إليه كل توجهاتها السياسية ، ويتضح ذلك من خلال مقررات المجلس الوطني التي تحدثت في مجموعها ، عن حلم الاستقلال وتقرير المصير ، ففي الدورة الثانية عشر للمجلس الوطني ذكرت “إن أية خطوة تحريرية تتم هي حلقة لمتابعة تحقيق إستراتيجية منظمة التحرير في إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المنصوص عليها في قرارات المجالس الوطنية السابقة” ، أما الدورة التاسعة عشر للمجلس ، توجت بقرار “إعلان قيام الدولة الفلسطينية”.
وبعد التحولات الدولية والإقليمية والداخلية ، التي أثَّرت بالكاد علي نبرة الخطاب السياسي الفلسطيني ، والذي غير مفهوم الدولة من حيث شكلها ومضمونها ، بالإضافة إلي سقف حدودها الجغرافية ، فأصبح الحلم بإقامة دولة علي كامل تراب فلسطين ، بعيد المنال ، وأصبح سقف الدولة لدي السياسة الفلسطينية يتلخص في المطالبة بتحرير الجزء والذي أصبح بالنسبة لكل قوي المجتمع الدولي أنه الكل ، لاسيما في هذا الإطار قرار 242 ، 338 ، القاضيان بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967م .
ثانياً: الدولة في السياسة الفلسطينية بعد إعلان أوسلو: نصت ف2 من مادة1 من إعلان مبادئ أوسلو “أن المفاوضات حول الوضع الدائم ستؤدي إلي تطبيق قراري مجلس الأمن 242 ، 338.” ، حيث فسره الفلسطينيون بأنه سيفضي في النهاية إلي تأسيس دولتهم ، والجزم بأن ما كان يجري في المرحلة الانتقالية خطوة أولي نحو إقامة الدولة الفلسطينية ، التي تفاوض إسرائيل من موقع الندية والمساواة ، لكن إسرائيل لم تكن وجهتها ذلك ولم تكن لديها رغبة بالالتزام بالاتفاقات التي فرضت شروطها هي نفسها.
إن هناك إتفاقاً لدي الكثير من الساسة الإسرائيليين علي رفض قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس ، وإذا كان بعض الإسرائيليين يتقبلون الحديث عن دولة فلسطينية ، فإن المقصود ليست دولة حقيقية وإنما دولة بلا جيش ولا سيطرة علي موارد المياه ، ومقطعة الأوصال ، أشبه بجزر واقعة في وسط البحر ، وقد اعتاد رابين في فترة ما قبل أوسلو القول “بين النهر والبحر لا مكان لدولة أخري” .
اللاءات الخمسة
وبعد أن لمَّح الرئيس الراحل ياسر عرفات عن رغبته بإعلان الدولة الفلسطينية بعد انتهاء الفترة الانتقالية المحددة بخمس سنوات ، أعلن نتنياهو من فوق منصة الأمم المتحدة في 24 سبتمبر 1998م ، قال “إن الإعلان سيكون إجراءً من جانب واحد وخرقاً جوهرياً لاتفاق أوسلو ، وأنه ينصح السلطة الفلسطينية ألا تفعل ذلك ، لأن الإعلان سيجعلهم يتخذون إجراءات من جانب واحد” – . أما باراك فقد أطلق لاءاته الخمس بمجرد فوزه بانتخابات 1999م .
وإزاء المواقف الإسرائيلية هذه ، فإن القيادة الفلسطينية منذ أن أقامت السلطة الفلسطينية بدأت تتهيأ لإعلان الدولة بانتظار انتهاء المرحلة الانتقالية 4 مايو 1999م ، وقد أعلن الرئيس الراحل عرفات أكثر من مرة عن عزمه علي إعلان الدولة ، سواء بالإتفاق مع الإسرائيلين أو بدون ذلك ، مؤكداً : في أكثر من مناسبة أن اتفاق أوسلو يسمح للجانب الفلسطيني بإعلان دولته بعد إنتهاء المرحلة الانتقالية ، علي الأراضي الفلسطينية جميعها التي إحتلت في حزيران/ 1967م” .
وكان الفلسطينيون يتهيئون إلي إعلان دولتهم ، خاصة بعدما زار الرئيس كلينتون أراضيهم وألقي خطاباً في المجلس الوطني قائلاً: “إن الولايات المتحدة تؤيد تطلعاتكم في تقرير مصيركم ، وقد أكد هاري سيغمان عضو مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية حينها قائلا: “إن الأمريكيين غدوا عنصراً مركزياً في التسوية وأن الدولة غدت أمراً واقعاً وحقيقة ناجزة” ، ومقابل تلك التطورات هددت إسرائيل “بإلغاء جميع الإتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين ، بإتخاذ الإجراءات العملية التي تراها ضرورية للحفاظ علي أمنها وعلي وجودها وعلي مصالحها الإستراتيجية بما في ذلك إعادة إحتلال المدن الفلسطينية المحررة” .
ونتيجة الضغوطات التي مورست علي الفلسطينيين من الأطراف الدولية وتحديداً الرئيس كلينتون ، مع الخوف من أن الإعلان قد يفضي إلي إعادة إحتلال إسرئيل للمناطق الفلسطينية المحررة ، كذلك فإن مقومات الدولة وإن كانت متوفرة ، فإنها ليست مهيأة إلي قيام الدولة ، فالمعروف أن المناطق الفلسطينية مقطعة الأوصال ، ومحاطة بالمستوطنات كما أن الإقتصاد الفلسطيني مقيد بفعل السيطرة الإسرائيلية علي المعابر ، ونتيجة ذلك فإن السلطة الفلسطينية قررت تأجيل إعلان الدولة في وقت حصلت فيه علي “تعهداً من الرئيس الأمريكي بدعم الفلسطينيين في تحديد مستقبلهم كشعب حر علي أرضه ، بالإضافة إلي الوعود الأوروبية بمساعدة السلطة الفلسطينية علي بناء المؤسسات والمقومات الرئيسية لبناء هذه الدولة” ، كما أن السلطة “آثرت تأجيل موعد إعلان الدولة مقابل وعود تنفيذ ما تبقي من إتفاقات واي ريفر” .
لكن ذلك لم يحدث ، فالواضح أن إسرائيل تراجعت عن تنفيذ التزاماتها ، وأجلت تنفيذ الإتفاق إنتظاراً لما ستنتج عنه مفاوضات كامب ديفيد2000م ، والتي منيت بفشل ذريع.
نعم ، إسرائيل هي التي أفشلت المفاوضات ، وكذبت علي العالم وقالت : أن الفلسطينيين أفشلوها ، لكن الحقيقة هي غير ذلك ، لأن من غير المنطق أو المعقول أن يرفض الفلسطينيون عرضا قدم لهم بإقامة دولتهم علي حدود عام 1967م وهم أنفسهم ذهبوا للمفاوضات لتحقيق هذا الهدف ، ثم يقوم الفلسطينيون برفضه !.
ثالثاً : الرؤية السياسية الفلسطينية لإقامة الدولة في مؤتمر أنابوليس: منذ أن أعلن الرئيس بوش عن نيته عن حل الدولتين ، وفق خطة خارطة الطريق2003م ، وما تبعها من تحركات دولية نحو إعادة إحياء عملية التسوية ، إلي أن تمت إطلاق المفاوضات الثنائية ، والتي أدت إلي مؤتمر أنابوليس الذي كان الغرض منه تنفيذ ما وعد به بوش في إقامة دولة فلسطينية.
لكن فكرة الدولة التي طرحها الرئيس بوش هي دولة مؤقتة علي الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية مع إجراء بعض التعديلات عليها ، إنتظاراً لما سوف تسفر عنه مفاوضات التسوية النهائية، ولم تذكر الدولة المؤقتة كشرط لإستكمال العملية السلمية ، وإنما جاءت في المرحلة الثانية من خطة خارطة الطريق ، كخيار أمام الفلسطينيين ، وهم أصحاب القرار بذلك.
أما علي الجانب الإسرائيلي فقد بدأت فكرة ( الدولة المؤقتة ) ، عملياً منذ عام 2001م ، عندما طرح شارون برنامج ( الحل الإنتقالي بعيد المدي ) الذي يقوم علي أساس دولة فلسطينية علي ما يقرب من نصف الضفة الغربية لمدة 10 إلي 15 عاماً وربما أكثر ، وبعد ذلك يصار إلي الحديث في قضايا الوضع النهائي ( نوايا شارون كما يعكسها خطابه كانت تشير إلي تحويل المؤقت إلي دائم مع بعض التغييرات الطفيفة ) . وعندما بدأت رحلته في السلطة مع مواجهته إنتفاضة الأقصي ومن ثم بناؤه للجدار ، كان ذلك كله ضمن ذات البرنامج . ولم يلبث أن أسّس حزب كاديما لتطبيق برنامجه وقد كان الإنسحاب من قطاع غزة وإن جاء في سياق تنفيس الضغوط الدولية علي إسرائيل بعد عملية السور الواقي في الضفة الغربية ، فإنه كان جزءاً لا يتجزأ من المشروع المشار إليه وقد عرض نائب رئيس حزب كاديما شاؤول موفاز ، ثم كرر شمعون بيريز وكذلك باراك ، هذا المشروع ودائماً بذات التفاصيل تقريباً ، وهي دولة علي نصف مساحة الضفة الغربية ، أي مناطق ( أ و ب ) بحسب تصنيفات أوسلو ، مع بعض الإضافات من مناطق ( ج ) ، مع عرض بإنهاء مفاوضات الوضع النهائي في غضون عام ونصف ، مقابل ضمانات أميركية بإعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة العبرية.
ثمة تفاصيل هنا أو هناك لا تغير في طبيعة العرض الذي قُدم من الجميع ( شارون ، موفاز ، بيريز ، باراك ، أولمرت ، وأخيراً نتنياهو ) ، والذي لا يختلف كثيراً عن رؤية ( السلام الإقتصادي ) التي تبناها نتنياهو مسبقاً ، أثناء توليه رئاسة الوزراء في 1996م .
عقده القدس
وخروجاً عن التطور في الموقف الأمريكي الذي بدأ يمارس ضغوطه علي إسرائيل لتحريك عملية السلام ، فقد إقترح نتنياهو علي ميتشل “التوصل إلي إتفاق يقضي بقيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة وتأجيل التفاوض حول مستقبل القدس “الشرقية” وقضايا الوضع النهائي ، وهو ما يعني رغبة نتنياهو بالعودة إلي لعب ورقة “الدولة بحدود مؤقتة” . تهرباً من إستحقاقات خطة خارطة الطريق وإتفاقات عملية السلام المرحلية ، ورغم حالة الإحباط التي مُنِي ميتشل فيها ، بعد لقاءه بنتنياهو ، حاول إظهار تفاؤله أمام الرئيس عباس ، مؤكداً علي التمسك ب “حل الدولتين” وفي وقت قريب وغير غامض ، قائلاً: أن الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون طلبا منه أن “ينقل بشكل شخصي للرئيس عباس والشعب الفلسطيني كله إلتزامهما بهذا الهدف” ، لكن الرئيس عباس قال في خطابه أمام المجلس الثوري لحركة فتح في رام الله 24 إبريل 2010م ، إن خيار “الدولة المؤقتة” خيار مرفوض ” .
ومع ذلك ، فقد بقيت الآمال معلقة علي جهود الإدارة الأمريكية الحالية أوباما- كلينتون- ميتشل ، بالعودة للمفاوضات شرط إلزام إسرائيل بوقف الإستيطان ، وهو ليس شرطا فلسطينياً كما يظن البعض، لكنه إلتزام إسرائيلي منصوص عليه في خارطة الطريق التي وضعتها أمريكا ووافقت عليها إسرائيل بعدما تحفظت علي14 بند وغيرت وعدلت ما أرادت في تلك الخطة.
ومرة اخري ! ، حرص الفلسطينيون علي العودة إلي المفاوضات ، رغبة منهم بالوصول بأي شكل إلي تحقيق حلم الإستقلال الذي إنتظروه طويلاً ، لكن الإدارة الامريكية الحالية (عجزت ) أن تدفع نتنياهو إلي وقف بناء المستوطنات ، بل عجزت عن الدفع به إلي تجميد مؤقت للإستيطان لا يتجاوز مدته 3شهور .
ربما ليس من اللائق إستخدام كلمة عجزت لدولة عظمي بحجم أمريكا ، فضلاً عن أنها الدولة الأولي في العالم! ، فالمعقول هنا ألا ننعت الإدارة الأمريكية بالعجز! ، بل ربما أن الإدارة الامريكية ، أرادت أن تلعب دور المحايد! . وهو إحتمال منطقي أيضاً ! . لكن إستخدام حق النقض في مجلس الأمن الدولي في فبراير الماضي من قبل الإدارة الأمريكية ، ضد مشروع قرار يلزم إسرائيل بوقف الإستيطان ! يثير التساؤل: هل حقاً إدارة أوباما عجزت عن حمل إسرائيل لوقف الإستيطان ؟ .
حسناَ ! ، وإن كان كذلك الأمر: فالأجدر بالولايات المتحدة بدلاً من أن تستخدم حق النقض الفيتو ضد القرار ، كان الواجب عليها وتسهيلا لمهمتها الدبلوماسية ووساطتها ودورها المحايد (طبعا بالافتراض أنها محايدة! ) أن تدعم وتصوت لصالح القرار ، وليس العكس ، وعلي الأقل لكي تظهر “الدولة العظمي الأولي ” بمظهر لائق ، كان الاجدر ألا تستخدم ضد أو مع ، فعلي الأقل تقف موقف المحايد ( يعني بالعربي تلتزم الصمت ) ؟.
وبالعودة إلي الحديث عن المفاوضات ، يجب أن لاننسي أن المفاوضات ليست غاية ، بل هي وسيلة ؟. فالفلسطينيين لم يولدوا كي يقضون 20 عاما من التفاوض دون أن تثمر المفاوضات عن تحقيق الحلم الذي تفاوضوا هم من اجله ؟ وربما فهموا منذ البداية ، أن المفاوضات لن تثمر عن دولة مثلما يريدون هم ، لكنهم حاولوا بقدر إستطاعتهم ، حتي لا يتهموا أنهم أضاعوا الفرصة ، كما ردد البعض في كامب ديفيد 1979 أن الفلسطينيين أضاعوا فرصة السلام الأكيدة ؟.
لا فرص ضائعة
كلا ؟ ياسادة : الفلسطينيون لم يضيعوا فرصة واحدة ، بحثاً عن دولتهم ، الفلسطينيون ذهبوا الي أبعد من أن يتصور الإنسان نفسه؟ ( فقد قبلت الأم أخيراً أن تقتسم إبنها مع ضرتها ) ، رغم أن ذلك صعب؟ وقد حصل، فوافقوا علي 22% من مساحة فلسطين، رغم أن ذلك ليس عدلاً ، حتي القطعة التي وافقت الأم أن تأخذها ، لم تحصل عليها حتي اللحظة .
لقد ذهبوا إلي مدريد ، في وفد مشترك فلسطيني أردني؟ ، ثم ذهبوا إلي أوسلو وواشنطن وكامب ديفيد واستوكهولم وطابا وشرم الشيخ ، وباريس وروسيا … الخ من العواصم العالمية للتفاوض بهدف استعادة حقوقهم ؟ واخيراً لبوا نداء الملهم الرباني ! جورج بوش! ، في مؤتمر انابوليس ؟ ولم يحصلوا علي شيء ؟ وصدقوا أخيراً باراك أوباما في وعده بإقامة دولة فلسطين من علي منصة جامعة القاهرة ؟. ولأن أوباما صادق النية فقد إستخدم الفيتو ضد قرار وقف الإستيطان ! سبحان الله! ، شيء يدعو للسخرية بحق! لأن أوباما نفسه هو الذي طلب من إسرائيل وقف الإستيطان ورفضت إسرائيل طلبه ، ثم عندما ذهب الفلسطينيون الي مجلس الأمن إدعت سفيرة أمريكا في الامم المتحدة السيدة رايس : أن إستخدام الفيتو ، ليس الإ دعما لجهود السلام ، الشيء المضحك في الأمر أن أمريكا تعتقد أن العالم العربي من الغباء ما يكفي لكي يصدقوها في أقوالها، أو أنها لا تعير إهتمام لنا كعرب ، فتقول ما تريد وتفعل ما تشاء ، ونحن كعرب مطلوب منا أن نصدق أو نؤيد ، وفي كلتا الحالتين النتيجة واحدة ، فلن يسمعنا ولن يعيرنا الإهتمام أحد.
مع كل ما سبق ، فقد ظل الفلسطينيون يسيرون بخطي ثابتة (لا تنفك أبداً ) نحو دولتهم ، فهم ليسوا بحاجة إلي وعود من أوباما أو غيره ، واعلان الإستقلال ليس هبة من أحد كي يعطيها لشعب فلسطين ، أمريكا نفسها فعلت ذلك إبان إستقلالها ، لم تطلب الإذن من الإستعمار البريطاني حينها لكي تنال الإستقلال، كذلك فإن المبادئ التي ذكرها الرئيس الامريكي ويلسون في حقوق الإنسان تقول ذلك! ، فالشعب يحقق مصيره بيده ، ولقد قرر الشعب الفلسطيني أن يحقق مصيره بيده .وسيذهب الفلسطينييون إلي الامم المتحدة ليس لإعلان دولتهم التي أعلنت من قبل ، ولكن الفلسطينيين ذاهبون إلي الامم المتحدة للحصول علي عضويتها ، لأن الحصول علي عضوية الأمم المتحدة بالتأكيد ستغير من مجري التعامل مع القضية الفلسطينية.
الفيتو الأمريكي
إن الأمم المتحدة لا تعترف بالدول، ولكنها تتعامل معها كشخص من أشخاص القانون الدولي، ويتعزز هذا التعامل من خلال الاعتراف واسع النطاق للدول الأخري بالدولة الناشئة ، بالإضافة إلي ذلك ، فإن عدم الحصول علي عضوية الأمم المتحدة لا ينقص من قيمتها القانونية شيئاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.